مئات يقتحمون حواجز الشرطة لوداع مانديلا قبل دفنه غدا

حفيد نيلسون مانديلا (أقصى اليسار) يتابع نقل جثمان الزعيم الأفريقي من مقر الحكومة استعدادا لدفنه في قرية كونو مسقط رأسه غدا (إ.ب.أ)
حفيد نيلسون مانديلا (أقصى اليسار) يتابع نقل جثمان الزعيم الأفريقي من مقر الحكومة استعدادا لدفنه في قرية كونو مسقط رأسه غدا (إ.ب.أ)
TT

مئات يقتحمون حواجز الشرطة لوداع مانديلا قبل دفنه غدا

حفيد نيلسون مانديلا (أقصى اليسار) يتابع نقل جثمان الزعيم الأفريقي من مقر الحكومة استعدادا لدفنه في قرية كونو مسقط رأسه غدا (إ.ب.أ)
حفيد نيلسون مانديلا (أقصى اليسار) يتابع نقل جثمان الزعيم الأفريقي من مقر الحكومة استعدادا لدفنه في قرية كونو مسقط رأسه غدا (إ.ب.أ)

لليوم الثالث والأخير، كان جثمان نيلسون مانديلا يرقد، أمس (الجمعة)، في نعش مغطى بغطاء من الزجاج خارج مبنى الاتحاد (يونيون بيلدنج) في العاصمة بريتوريا، حيث ينتظر الآلاف من مواطني جنوب أفريقيا في طوابير من أجل إلقاء نظرة الوادع على الرجل الذي يدينون له بتوحيد البلاد عقب انتهاء حكم الفصل العنصري.
وفي الوقت الذي تتحرك فيه تلك الحشود الغفيرة في صفوف، يبدأ الاهتمام العام في التحول نحو كونو، مسقط رأس مانديلا وهي القرية النائية الواقعة في مقاطعة إيسترن كاب التي قضى فيها فترة طفولته، حيث سيوارى الثرى في جنازة رسمية يوم الأحد، في آخر اللحظات الرسمية خلال فترة الحداد الوطني البالغة 10 أيام، مما أثار تساؤلات لدى كثير من مواطني جنوب أفريقيا بشأن الحقبة الزمنية ما بعد مانديلا. وفي السياق نفسه، حلقت الطائرات العسكرية في السماء حول قرية كونو أمس (الجمعة) كبروفة للجنازة الرسمية. بينما اصطف المئات من الجنود بطول الطريق السريع الرئيس، بالإضافة إلى ظهور لواء من الشاحنات المزودة بقمر صناعي والكاميرات فوق الهضبة المطلة على هذه القرية الخضراء، في إطار استعداد البلاد والعالم لإلقاء نظرة الوادع على مانديلا, بحسب «واشنطن بوست».
وقال المسؤولون إنهم كانوا يخططون لمسيرة يصل طولها إلى عدة أميال تنطلق يوم السبت من مطار مثاثا، الذي سيصل إليه جثمان مانديلا مقبلا من بريتوريا، إلى قرية كونو. ومن المتوقع اصطفاف آلاف من مشيعي الجنازة في الطريق مشكلين سلاسل بشرية. ومن الجدير بالذكر أن مانديلا تُوفي في 5 ديسمبر (كانون الأول) عن عمر يناهز 95 عاما بعد أشهر من مرضه الذي بدأ بإصابته في الرئة. وفي حين أعلن مواطنوه الحداد على وفاته، مثلما احتفوا به في حياته، في مزيج من الأسى والفرحة، سادت جنوب أفريقيا فترة مطولة من إعلان الحداد على وفاته مع الدعوة إلى السعي للحفاظ على إرثه الإنساني والسياسي. توافد عشرات الآلاف من أبناء جنوب أفريقيا لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على زعيمهم الراحل نيلسون مانديلا، أمس (الجمعة)، وهو اليوم الأخير من ثلاثة أيام سُجّي فيها جثمانه على نعش مفتوح بمقر الحكومة المركزية في بريتوريا. ونظرا للتوافد الكثيف للراغبين في مشاهدة جثمان مانديلا في مبنى يونيون بيلدينجز الذي شهد تنصيبه عام 1994 ليصبح أول رئيس أسود للبلاد طلبت الحكومة من المواطنين الكف عن القدوم إلى النقاط التي خصصت لتجمعهم لنقلهم بالحافلات إلى المبنى، وقالت الحكومة في بيان: «لا نستطيع أن نضمن وصول جميع من يقفون في طوابير في المراكز المختلفة إلى يونيون بيلدينجز. واصطف 50 ألف شخص على الأقل في هذه النقاط انتظارا لنقلهم للمبنى. وامتدت طوابير الوافدين لعدة كيلومترات من المبنى الحكومي الواقع على تل يشرف على العاصمة بريتوريا، وحتى وسط المدينة نفسها. وفي يوم الثلاثاء، انضم العشرات من قادة العالم إلى عشرات الآلاف من المواطنين في أحد المراسم التذكارية الوطنية في استاد كرة القدم الذي استضاف بطولة كأس العالم في سويتو، التي كانت منطقة معزولة في وقت من الأوقات عندما أصبحت الاحتجاجات الدامية في عام 1976 رمزا للنضال ضد حكم البيض.
وفي سياق متصل، قاد بعض الأعيان موكبا يوم الأربعاء مع المشاركين في الجنازة، حينما جرى نقل الجثمان من أحد المستشفيات العسكرية لمدة ثلاثة أيام ليُعرض أمام العامة في أرض منبسطة خارج مبنى الاتحاد (يونيون بيلدنج)، الذي أقسم فيه مانديلا اليمين في عام 1994 كأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا.
وفي يوم الجمعة، قالت السلطات لهذا العدد من مشيعي الجنازة، الذين يودون إلقاء نظرة الوداع على مانديلا، إنه يتعين عليهم الحضور في أول فترة ما بعد الظهيرة للانضمام إلى صفوف المشيعين، وإلا فإنهم قد يُحرمون من المشاركة في تلك المراسم. وقد نام البعض في خيمة أثناء الليل، بينما صار سباقا ضد الزمن قبل نقل النعش. ووفقا للمسؤولين بجنوب أفريقيا، يُقدر عدد الأشخاص الذين شاهدوا جثمان مانديلا يوم الخميس بنحو 20 ألف شخص كانوا يسيرون بخطى سريعة. بيد أن الحكومة ذكرت يوم الجمعة أن 50 ألف شخص كانوا يحاولون رؤية الجثمان، فيما قالت السلطات إنها لا يمكنها ضمان قدرة تلك الأعداد جميعا على رؤيته.
من جهة أخرى، قدمت حكومة جنوب أفريقيا، أمس، اعتذارا رسميا للسكان الصم، بعد فضيحة الترجمة بلغة الإشارة خلال حفل تأبين مانديلا، والتي كانت غير مفهومة على الإطلاق حيث قام بها شخص غير مؤهل. وقال وزير الثقافة بول ماشاتيل: «نقدم خالص اعتذارنا للصم، ولكل أبناء جنوب أفريقيا الذين يمكن أن يكونوا شعروا بالإهانة».
وأعلن أنه سيجري تصويت «مطلع العام المقبل على الأرجح» على قانون لتنظيم هذه المهنة «حتى لا يتكرر مثل هذا الحادث أبدا». وأمس، أقرت مساعدة وزير المعاقين بـ«خطأ»، مشيرة إلى أن المترجم لم يكن على ما يبدو يجيد الإنجليزية، وكان مرهقا. إلا أن الجمعية الرئيسة للصم في جنوب أفريقيا أكدت أن هذا الحادث لم يكن الأول من نوعه، وذكّرت بأن المترجم نفسه ظهر في مناسبات رسمية سابقة وقدم بشأنه تقرير للحكومة.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.