مقتل 17 بقصف طائرة من دون طيار موكب زفاف في اليمن

رسوم على جدران منازل في صنعاء تستنكر هجمات الطائرات من دون طيار الأميركية (أ.ف.ب)
رسوم على جدران منازل في صنعاء تستنكر هجمات الطائرات من دون طيار الأميركية (أ.ف.ب)
TT

مقتل 17 بقصف طائرة من دون طيار موكب زفاف في اليمن

رسوم على جدران منازل في صنعاء تستنكر هجمات الطائرات من دون طيار الأميركية (أ.ف.ب)
رسوم على جدران منازل في صنعاء تستنكر هجمات الطائرات من دون طيار الأميركية (أ.ف.ب)

أسفرت غارة شنتها طائرة من دون طيار، على موكب متجه إلى حفل زفاف في محافظة البيضاء بوسط اليمن، عن سقوط 17 قتيلا غالبيتهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعلنتها مصادر طبية وأمنية، مما يزيد من الانتقادات الموجهة لتلك الغارات.
وقال مسؤول أمني إن «بعض» الأشخاص الذين قتلوا في الهجوم على قرية قريبة من مدينة رداع في محافظة البيضاء يشتبه في أنهم من «القاعدة»، لكن الآخرين كانوا مدنيين لا علاقة لهم بالتنظيم.
وقال مصدر طبي في رداع إن عدد الضحايا 17 قتيلا. وأوضح مسؤول أمني أن بين القتلى صالح التيس وعبد الله التيس، اللذين كانا مدرجين في الماضي على قائمة مطلوبين يشتبه في انتمائهم إلى «القاعدة». ومعظم القتلى من عشيرتي التيس والعامري وكانوا في طريقهم إلى حفل زفاف، بحسب المسؤول الأمني. وقال إن أحد الصاروخين سقط مباشرة على عربة كان بداخلها 10 ركاب على الأقل. وسقط الصاروخ الثاني بالقرب من موكب سيارات الزفاف. وينشط عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في محافظة البيضاء. وتستهدف الطائرات من دون طيار بانتظام مقاتلي تنظيم القاعدة في اليمن.
وكان مسؤول أمني آخر ذكر، سابقا، أن الغارة كانت شنت بطريق الخطأ للاعتقاد بأن الهدف هو قافلة لتنظيم القاعدة، وقال: «أخطأت غارة جوية هدفها وضربت سيارة في موكب زفاف. قتل عشرة أشخاص على الفور وتوفي خمسة آخرون متأثرين بإصاباتهم بعد نقلهم إلى المستشفى». وأضاف المسؤولون أن خمسة أشخاص آخرين أصيبوا في الهجوم.
وأقر مسؤول أميركي طلب أن لا يُنشر اسمه بأنباء وسائل الإعلام عن مقتل أشخاص في موكب زفاف في هجوم لمكافحة الإرهاب. وقال دونما إسهاب: «ليس لدينا معلومات تؤكد هذه الأنباء».
واستغل تنظيم القاعدة ضعف السلطة المركزية في اليمن بعد الانتفاضة الشعبية على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، عام 2011، لتعزيز وجوده في هذا البلد. وقال التنظيم إنه شن الهجوم الذي جرى في وضح النهار على مبنى وزارة الدفاع اليمنية في 5 ديسمبر (كانون الأول) وأدى إلى مقتل 56 شخصا من بينهم عدد من الأجانب العاملين في المجال الطبي. وزعم التنظيم أن المبنى كان يضم موظفين أميركيين يشغّلون الطائرات من دون طيار.
وفي يناير (كانون الثاني) 2012 سيطر نحو ألف من مقاتلي «القاعدة»، بقيادة طارق الذهب، على مدينة رداع لمدة تسعة أيام، قبل أن ينسحبوا منه بضغط من القبائل اليمنية القوية. وفي 30 أغسطس (آب) من هذا العام، قتل قائد الذهب، شقيق طارق، الذي كان كذلك من زعماء «القاعدة»، في غارة بطائرة من دون طيار. وهذه الغارات بطائرات من دون طيار، التي أدت إلى مقتل العشرات من المتمردين المسلحين هذا العام تشنها على ما يبدو الولايات المتحدة، حيث إنها الوحيدة في المنطقة التي تملك هذه الطائرات، كما أنها تساعد السلطات اليمنية في حربها ضد هذا التنظيم.
ويستخدم الجيش الأميركي ووكالة «سي آي إيه» شبكة من القواعد العسكرية لأسطولها من الطائرات من دون طيار في جيبوتي في القرن الأفريقي، مقابل مضيق باب المندب، إضافة إلى قواعد في عدد من الدول الأخرى.
ويقول المنتقدون إن تلك الغارات تسببت في مقتل العديد من المدنيين وطالبوا بوقفها. وقالت ميديا بنجامين المؤسسة الشريكة لمجموعة «كودبينك» المناهضة للحرب الشهر الماضي: «نحن نشكك في السياسة التي تجري في ظلال من السرية دون محاسبة». ووصفت بنجامين في «قمة الطائرات من دون طيار» شارك فيها أقارب يمنيون قتلوا في غارات بتلك الطائرات، تلك السياسة بأنها «تأتي بنتائج عكسية وتزيد من مشاعر الاستياء» من الولايات المتحدة.
وتجمع عشرات المحتجين أمام البيت الأبيض قبل أن يتوجهوا إلى مكاتب «جنرال أتوميكس» الشركة المصنعة لطائرات «بريديتور» و«ريبر» التي تستخدم في تلك الغارات. ولا يزال عدد ضحايا تلك الغارات في اليمن غير معروف. وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير مفصل في أغسطس (آب) إن الهجمات الصاروخية الأميركية، وبينها هجمات باستخدام الطائرات من دون طيار، أودت بحياة عشرات المدنيين في اليمن.
وكانت صواريخ أُطلقت يوم الاثنين من طائرة أميركية من دون طيار قتلت ثلاثة أشخاص على الأقل كانوا يركبون سيارة في شرق اليمن. وتتباين تقديرات تلك الأرقام، حيث أشارت مؤسسة «نيواميركا فاونديشين»، ومقرها واشنطن، التي ترصد أرقام الضحايا وتتحقق منها، أن ما بين 684 و891 شخصا، من بينهم 64 إلى 66 مدنيا، قُتلوا في 93 غارة منذ عام 2002.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم