«فتح»: إيران لم تقدم فلساً واحداً للشعب الفلسطيني

قالت حركة فتح، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إن الحكومات الإيرانية السابقة والحالية لم تقدم «فلساً واحداً» للشعب الفلسطيني، وذلك في أقوى هجوم من الحركة على إيران منذ فترة طويلة.
وجاء موقف «فتح»، ردا على متظاهرين إيرانيين احتجوا على الأوضاع الاقتصادية في طهران، وهاجموا جميع الجهات أو الدول التي تتلقى الدعم من إيران، بمن فيهم الفلسطينيون. واستنكرت حركة «فتح» ما وصفته «الهتافات الرخيصة»، التي خرجت من أفواه بعض الإيرانيين المحتجين على الأوضاع الاقتصادية، والتي تمنت «الموت للفلسطينيين»، متسائلة: «هل يظن الإيرانيون أن حكوماتهم السابقة والحالية قدمت فلسا واحدا للشعب الفلسطيني؟ هذا غير صحيح بالمطلق».
وقال أسامة القواسمي، المتحدث الرسمي باسم حركة «فتح»، في بيان «إنه من العار أن يظن البعض أن الأزمة الاقتصادية في إيران سببها دعم الشعب الفلسطيني. فإيران لم تقدم شيئا للشعب الفلسطيني، رغم وقوف حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب ثورة الخميني في العام 1979، ونحن لم نسئ لهم يوما لفظا ولا فعلا، ولم نتدخل في شؤونهم الداخلية مطلقا».
وأضاف القواسمي: «إن أي دعم له شواهده الواضحة التي تؤثر على حياة الشعب الفلسطيني وصموده، وإن أي أحد من الشعب الفلسطيني لم ير أو يسمع عن الدعم الإيراني بالمطلق، ولم نر أو نسمع أن إيران ساهمت في بناء مدرسة أو جامعة، أو مستشفى، أو أي مشروع تنموي، وإن كان بعض الإيرانيين يظن أن دعمهم لحزب ما هو إلا دعم للشعب الفلسطيني. فهذا وهم وخطأ كبيران، فإيران بدعمها لحركة حماس لم تدعم الشعب الفلسطيني بالمطلق».
وأكد القواسمي «احترام وتقدير حركة فتح والشعب الفلسطيني للشعب الإيراني، وتلك الأصوات مُضللة، ولا تمثل الشعب الإيراني الذي يدعم بفطرته حقوق الشعب الفلسطيني».
وكان متظاهرون إيرانيون احتجوا على تدني قيمة عملتهم، قد أطلقوا هتافات في طهران ضد فلسطين، ورددوا «الموت لفلسطين» في خضم غضب كبير على السياسات الاقتصادية الإيرانية.
وخسرت العملة الإيرانية خلال الأشهر الستة الماضية ما يقرب من 50 في المائة من قيمتها، وسط ارتفاع معدلات البطالة.
وانطلقت احتجاجات كبيرة الأسبوع الماضي في إيران شهدت غضبا متناميا كذلك على التدخلات الإيرانية في المنطقة.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي المتظاهرين الإيرانيين وهم يهتفون «الموت لفلسطين» و«لا لقطاع غزة، لا للبنان»، و«اتركوا سوريا وفكروا بنا»، وأيضا «لا نريد آية الله» و«الموت للديكتاتور»، في تعبيرات غير مسبوقة لرفض أنفاق مليارات الدولارات على الحروب الخارجية. كما هاجم المتظاهرون تقديم بلدهم دعما ماليا لحركتي حماس، والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وحزب الله اللبناني، وكذلك للمتمردين الحوثيين في اليمن، وللميليشيات الشيعية في العراق، ناهيك عن دعم حكومة الرئيس بشار الأسد.
وترفض السلطة الفلسطينية وحركة فتح تقديم إيران أي دعم للفصائل الفلسطينية في غزة لأنها ترى أنه يهدف إلى تعزيز الانقسام.
وقد سبب الدعم الإيراني لحركة حماس توترات كبيرة سابقة بين السلطة وإيران.
وفي مارس (آذار) 2009، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، لأول مرة بشكل علني، إيران بالكف عن التدخل في الشؤون الفلسطينية، متهما إياها بتعميق الانقسام الفلسطيني. وقال أبو مازن في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في رام الله: «أقول لإيران كفوا عن التدخل في شؤوننا، فتدخلكم ليس في صالح الشعب، ويجب عليكم أن تتوقفوا».
وكان أبو مازن يرد على سؤال حول تعقيبه على تصريحات مرشد الثورة الإيرانية، التي وصف فيها الشرطة الفلسطينية بـ«حارس للاحتلال» آنذاك. وقال أبو مازن: «لا يحق لخامنئي أن يقول ذلك، وعلى إيران أن تلتفت إلى شؤونها... هي تتدخل لتعميق الانقسام، وهي تعمق الشرخ الفلسطيني».
وكانت هذه أول مرة يشير فيها أبو مازن بشكل واضح إلى إيران بعد أن كان يكتفي باتهام دول إقليمية بأنها تساعد على تعميق الانقسام، وذلك من خلال دعم «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة.
وخلال أعوام لاحقة كرر مسؤولون فلسطينيون اتهام إيران بتعزيز الانقسام الفلسطيني، وتبادل الطرفين اتهامات شتى. وفي فبراير (شباط) 2016 تصاعد التوتر بين السلطة الفلسطينية وإيران، بعد التراشق الكلامي المتعلق بإعلان إيران تقديمها دعما للعائلات الفلسطينية المتضررة في الانتفاضة، من دون علم السلطة أو مشاركتها. واتهم نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة، إيران باللجوء إلى طرق ملتوية ووسائل غير مشروعة، واصفاً تدخلات إيران المالية بأنها تجاوز للشرعية الفلسطينية، وخرق لكل القوانين. وفي أغسطس (آب) من العام نفسه دخلت العلاقة مرحلة حرجة بسبب لقاء الرئيس الفلسطيني بزعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي في باريس في أغسطس 2006.
وشن الإيرانيون هجوما غير مسبوق على عباس، واتهموه بدعم الإرهاب وبأوصاف أخرى، قبل أن ترد حركة فتح متهمة إيران بالسعي على الدوام إلى «تدمير وتخريب الصف الفلسطيني، وتعميق الانقسام»، وإن المسؤولين الإيرانيين «اغتالوا قيم الوفاء لحركة فتح التي احتضنت الثورة الإيرانية، ومدتها بكل وسائل الدعم المادي والعسكري والمالي، وفتحت قواعدها للثوار».
ومن غير المعروف ماذا تقدم إيران تحديدا لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللتين مرتا في ظروف مالية معقدة بسبب قطع الإيرانيين هذا الدعم بعد خلافات سياسية. وقد قال مسؤولون في «حماس» مرارا إن الدعم الإيراني تراجع بعد الأزمة السورية عام 2011.
وعمليا أوقفت إيران الدعم لسنوات. لكنها استأنفته مؤخرا بشكل أقل بالنسبة لحركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى.
ووصف جيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي لـ«الشرق الأوسط»، تأييد إيران لحماس بأنه يتسبب في العنف وزيادة التظاهر في غزة. وقال في تغريدة له أمس على «تويتر» إن زيادة العنف «ليست الطريقة الأفضل لتحسين حياة الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى بداية جديدة».