فصائل «الجيش الحر» أمام خيارات «أحلاها مر»

النظام السوري وروسيا يواصلان قصف الجنوب

صورة من الأرشيف لمقاتل معارض جنوب سوريا (رويترز)
صورة من الأرشيف لمقاتل معارض جنوب سوريا (رويترز)
TT

فصائل «الجيش الحر» أمام خيارات «أحلاها مر»

صورة من الأرشيف لمقاتل معارض جنوب سوريا (رويترز)
صورة من الأرشيف لمقاتل معارض جنوب سوريا (رويترز)

بعد نحو أسبوعين من التصعيد العسكري في محافظة درعا، في جنوب سوريا، تجد الفصائل المعارضة نفسها أمام خيارات «أحلاها مر»، بعد التخلي الظاهر عنها وإحراز قوات النظام تقدماً ميدانياً، بدعم جوي روسي.
ما الخيارات المتاحة أمام هذه الفصائل؟
بدأت قوات النظام السوري في التاسع عشر من الشهر الحالي حملة قصف كثيفة ضد الريف الشرقي لمحافظة درعا، على الرغم من وقف إطلاق نار متفق عليه في المنطقة منذ عام، بموجب اتفاق روسي - أميركي - أردني. وتمكنت إثر اشتباكات ضد الفصائل من فصل الريف الشرقي إلى جزأين.
وأبلغت واشنطن الفصائل أنها لا تنوي التدخل عسكرياً لمساعدتها، بحسب ما أكده قيادي معارض لوكالة الصحافة الفرنسية.
أما الأردن المجاور، فيجري اتصالات مع الأميركيين والروس «لدعم حل سياسي» في الجنوب، وفق ما قاله وزير الخارجية أيمن الصفدي في نيويورك الخميس.
وقرر الأردن إبقاء حدوده مغلقة، تجنباً لتدفق موجات جديدة من اللاجئين إلى أراضيه. ويجمع خبراء على أن عمان لا تمانع عودة النظام إلى المنطقة الحدودية، لعودة الاستقرار وإعادة فتح الحدود التي يترك إغلاقها تأثيراً سلبياً على وضعه الاقتصادي.
ويقول الباحث المتحدر من محافظة درعا أحمد أبازيد: «مع التخلي الأميركي عن الفصائل، وإغلاق الحدود الأردنية، ما يبدو بمثابة ضوء أخضر دولي للحملة الروسية في الجنوب، يتبين أن الخيارات ضيقة» أمام الفصائل.
ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر: «تواجه الفصائل خيارات أحلاها مر، بين التفاوض مع الطرف الروسي، بواسطة الطرف الأردني، أو استمرار المقاومة العسكرية التي ستنتهي بالتفاوض تحت المزيد من الضغط العسكري».
ورفضت الفصائل المعارضة الأحد عرضاً روسياً تلقته عبر الأردن، تضمن وفق أبازيد «استسلامها، وتسليم سلاحها الثقيل، وتحول من يريد من مقاتليها إلى شرطة محلية في المنطقة».
ورغم إدراك الفصائل أنها عاجلاً أم آجلاً ستكون مضطرة للقبول بذلك، فإنها تعلن أنها مستمرة في القتال، وتحاول «تحسين شروطها»، غير أن تراجعها السريع ميدانياً في ريف درعا الشرقي يظهر أن هامش المناورة لديها تقلص.
كما أن كل مناورة تجعل المدنيين يدفعون الثمن. ووثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» منذ بدء الهجوم في درعا مقتل نحو مائة مدني. كما تحدثت الأمم المتحدة عن نزوح 50 ألف شخص داخل المحافظة. وقد لجأ عدد منهم إلى أراض زراعية، وهم يفتقدون لأدنى مقومات الحياة الأساسية، في ظل تعذر إيصال المساعدات إليهم.
ويقول هيلر: «أي حل تفاوضي لن يرضي الفصائل، لكن في الوقت ذاته لا يمكن للأهالي أن يتحملوا أكثر من طاقتهم، من قتل وتدمير».
ويتوقع الباحث نوار أوليفر، من مركز عمران للدراسات، ومقره إسطنبول، أن «يكون السيناريو المطروح أمام فصائل الجنوب مختلفاً عن بقية المناطق، بحكم الموقع الجغرافي للمنطقة وأهميتها الاستراتيجية» على الحدود مع إسرائيل والأردن.
ويوضح أن غرفة الموك، وهي تسمية تطلق على غرفة عمليات أردنية - أميركية مقرها عمان، تولت خلال السنوات الماضية تدريب فصائل الجنوب «بذلت جهداً كبيراً لتحييد الفصائل عن جولات قتال كثيرة» مع دمشق لإبقاء الجبهة قرب حدود الحليفين هادئة نسبياً.
وانطلاقاً من أن الفصائل لم تخض أي معارك كبرى ضد قوات النظام في المنطقة، كما حصل في حلب أو الغوطة الشرقية، فإن إجلاء مقاتليها غير مطروح، والمصالحة تكاد تكون الخيار الوحيد، وفق محللين.
ويقول أوليفر: «موضوع التهجير بعيد جداً عن التطبيق... والمرجح أن يتحول المقاتلون إلى شرطة مدنية في الريف الغربي لدرعا»، حيث من المتوقع أن تنكفئ الفصائل على أن «يكون لها دور في قتال (داعش)»، الموجود في جيب في جنوب غربي درعا.
وعما إذا كان النظام سيقبل بذلك، يقول إن «روسيا ستدفعه للمساومة والقبول».
وتحدث الرئيس السوري بشار الأسد، الشهر الحالي، عن «تواصل» تتولاه روسيا مع الأميركيين والإسرائيليين حول الجنوب.
في المقابل، يوضح هيلر من جهته أن «شكل الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه لم يتبلور بعد».
وبموجب اتفاقات إجلاء، تم معظمها برعاية روسية، خلال العامين الأخيرين، تم إجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين على دفعات من مدينة حلب ومدن في ريف دمشق والغوطة الشرقية إلى محافظة إدلب (شمال غربي البلاد).
وتعتمد قوات النظام، بدعم روسي، الاستراتيجية العسكرية ذاتها التي اتبعتها في الغوطة الشرقية، وقبلها في مدينة حلب. وتمهد لهجومها بقصف كثيف، ثم تعمل على فصل مناطق سيطرة الفصائل إلى أقسام عدة، تمهيداً لقضمها تدريجياً، وإجبار مقاتلي المعارضة على الرضوخ.
وقد أجبرت كثافة القصف الفصائل على الانسحاب من القسم الأكبر من ريف درعا الشرقي. ويرى أوليفر أن «عدم قدرة الفصائل على الصمود ليس مرتبطاً بتخلي واشنطن عنها فقط، بل أيضاً جراء تدخل الطيران، المفصلي في أي معركة على الأرض».
وطالت الضربات الجوية السورية والروسية مناطق تقع فيها مرافق مدنية وخدمية، كالمستشفيات التي خرج 5 منها من الخدمة خلال أقل من أسبوعين. كما استهدفت في اليومين الأخيرين مناطق مكتظة بالسكان.
ويشرح أبازيد أن هدف ذلك «إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا، والقضاء على مقومات الحياة... بهدف دفع الفصائل للاستسلام أو المصالحة في كل منطقة (من درعا) بشكل منفصل».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.