البرلمان العراقي يتخلى عن مشروع إطالة عمره

نوابه الخاسرون يتشبثون بالعد والفرز اليدوي

TT

البرلمان العراقي يتخلى عن مشروع إطالة عمره

بعد عقده عدة جلسات الأسبوع الماضي، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلسة كاملة النصاب من أجل التصويت على التعديل الرابع لقانون الانتخابات الذي تضمن تمديد عمره لحين المصادقة على النتائج. وكان من المقرر أن تعقد جلسة أمس، تم التحشيد لها بقوة، مثلما أعلن عدد من النواب الذين بات يطلق عليهم «النواب الخاسرون» من أجل ضمان حضور 165 نائباً لكي يتم تمرير القانون الذي تمت قراءته الأسبوع الماضي قراءة أولى وثانية. غير أنه وطبقاً لمصادر من داخل البرلمان، فإنه لم يحضر إلى قاعدة المجلس أكثر من 15 نائباً في غياب رئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي يعد أبرز الخاسرين في هذه الدورة، وتحدثت مصادر خاصة أنه سافر إلى تركيا في زيارة قصيرة، وغياب النائب الأول لرئيس البرلمان همام حمودي الذي أعلن رفضه تمديد عمر البرلمان، بينما لم يرشح النائب الثالث آرام شيخ محمد إلى الانتخابات.
وطبقاً لما يجري تداوله في الأوساط السياسية فضلاً عن الحراك المرتبط بالتحالفات السياسية، فإن زعامات الكتل الكبيرة أعلنت رفضها تمديد عمر البرلمان، وهو ما شكل صدمة لعدد كبير من النواب الخاسرين ممن ينتمون إلى تلك الكتل التي فضلت الاحتفاظ بما حصلت عليه من نتائج، فضلاً عن أن خسارة بعض كبار نوابها جاء لمصلحتها من بوابة المجيء بوجوه جديدة في ظل استمرار الانتقادات الحادة من قبل الشارع العراقي للطبقة السياسية.
وفي محاولة أخيرة من النواب الخاسرين، فإنهم أعلنوا إسقاط فقرة التمديد من جدول أعمال الجلسة التي من المقرر عقدها اليوم، وهو اليوم الأخير من عمر البرلمان، والإبقاء على مادة واحدة، وهي اعتماد العد والفرز الكلي وليس الجزئي.
وصرحت عواطف نعمة، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، بأن «مجلس النواب لم ينجح في عقد جلسة يوم الخميس للتصويت على التعديل الرابع لقانون انتخابات مجلس النواب بسبب معارضة البعض من الكتل والشخصيات السياسية للمادة المتعلقة بتمديد عمل مجلس النواب»، مبينة أن «اللجنة القانونية النيابية عملت على تعديل مقترح القانون من خلال حذف المادة المتعلقة بتمديد عمل البرلمان والإبقاء على المواد المتعلقة بالعد والفرز اليدوي الشامل». وبررت الإصرار على عقد الجلسة والتصويت على فقرة العد والفرز اليدوي الشامل بأن «التزوير كان كبيراً جداً في الانتخابات، وقد اعترف عضو مجلس المفوضين رياض البدران بوجود أكثر من 800 ألف بطاقة انتخابية في بغداد ألغيت ما بين بطاقات باطلة وحشو، ولا نعلم لمن هذه البطاقات التي تمثل 8 مقاعد برلمانية»، موضحة: «إننا نتوقع أن تكون هذه المقاعد الثمانية التي ألغيت لدولة القانون والتي بإعادتها سيكون لها تأثير كبير في حجم الكتل بعد العد والفرز اليدوي الشامل».
سياسياً، وفي الوقت الذي نفى فيه تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري انسحابه من التحالف مع تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قال المتحدث باسم «الفتح»، أحمد الأسدي، في بيان أمس: «تناقلت بعض الوكالات ووسائل الإعلام خبر انسحاب الفتح من تحالفه مع سائرون»، نافياً «صحة هذه الأخبار»، مؤكداً «استمرار التحالف بين الفتح وسائرون واستمرار اللجان المشتركة بعقد اللقاءات، لبحث الخطوات العملية لإنجاح مشروعهما المشترك».
من ناحية ثانية، وبعدما كان النائب عن محافظة الأنبار محمد الكربولي كشف لـ«الشرق الأوسط» أن تحالفاً سنياً يشمل أكثر من 45 نائباً قد تم الاتفاق عليه بين عدد من الكتل السياسية السنية وأن التوقيع عليه كان من المفروض أن يكون نهاية الأسبوع الماضي، فإن الخلافات لا تزال مستمرة بين عدد من أطرافه، ما يحول دون الإعلان عنه. وفي هذا السياق، يقول السياسي المستقل إبراهيم الصميدعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رداً على سؤال بشأن محاولة إنشاء بيوت مكوناتية - طائفية في وقت كانت قد تشظت فيه البيوت الشيعية والكردية والسنية، إن «السبب الرئيسي في ذلك هو أن الأحزاب الشيعية لم تذهب أولاً باتجاه ما كانت تسميه الفضاء الوطني خصوصاً بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات، بل حرصت حتى الآن على أن تكون التحالفات بينية، الفتح وسائرون والنصر وسائرون، مع محاولات لجمع باقي الأطراف الشيعية، ما يعني عودة التحالف الوطني الشيعي من جديد»، مبيناً أن «مثل هذه التحالفات البينية داخل المكون الشيعي فرضت على الآخرين العمل بهذا الاتجاه». وحول ما إذا كان ذلك سيمهد الطريق للكتلة الأكبر أم لا، يقول الصميدعي: «لا توجد أي مؤشرات لكتلة أكبر حتى الآن، إذ إن التحالفات مفككة، وكل التحالفات الآن في مرحلة المخاض الذي لم ينتج شيئاً». وبشأن التحالف السني المزمع قيامه، يقول الصميدعي إن «هذا الأمر مرهون بأمور كثيرة من أهمها أن هناك من بين القوى السياسية من يتعامل مع الأمر بوصفه (بيزنس) سياسياً ليس أكثر، وهو ما لا يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تكوين إطار سياسي رصين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.