«فيكتوريا آند ألبرت» يحتضن معرض «جائزة جميل للفنون» ويتوج الفائزين

من السياسة لإدارة المتاحف... مدير المتحف تريسترام هنت في حوار مع «الشرق الأوسط»

مارينا تبسم «مسجد بيت روف» (تصوير: ساندرو دي كارلو دارسا)
مارينا تبسم «مسجد بيت روف» (تصوير: ساندرو دي كارلو دارسا)
TT

«فيكتوريا آند ألبرت» يحتضن معرض «جائزة جميل للفنون» ويتوج الفائزين

مارينا تبسم «مسجد بيت روف» (تصوير: ساندرو دي كارلو دارسا)
مارينا تبسم «مسجد بيت روف» (تصوير: ساندرو دي كارلو دارسا)

احتضن متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن ليلة أول من أمس حفل توزيع جوائز الدورة الخامسة من جائزة جميل للفن الإسلامي، وخلافاً للمتَّبَع منحت جائزة هذه الدورة لشخصين: الفنان العراقي مهدي مطشر والفنانة البنغلاديشية مارينا تبسم. الأعمال الفائزة تُعرَض حالياً مع بقية الأعمال في القائمة القصيرة بالمتحف حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ثم سينتقل العرض للقيام بجولة عالمية حتى تصل لمحطتها الأخيرة في مركز جميل للفنون بدبي.
الفنان مهدي مطشر فاز بالجائزة عن عمله الذي يعتمد لغة التجريد البسيطة المتأصلة في التقاليد الإسلامية للهندسة. في حين حازت مارينا تبسم على نفس الجائزة عن عمل «مسجد بيت روف»، الذي بني في عام 2012 في دكا، بنغلادش.
وخلال حوار مع تريسترام هنت مدير متحف «فيكتوريا آند ألبرت»، أشار إلى أن المداولات بين أعضاء لجنة التحكيم التي يرأسها، واجهت صعوبة في الاختيار ما بين العملين الفائزين، وبالتالي كان القرار بمنح الجائزة مناصفة للمرة الأولى في تاريخ الجائزة. وبشكل ما يرى هنت أن أعمال مطشر وتبسم يكملان بعضهما على الرغم من اختلافهما، فهو قدم تشكيلات من الخط العربي بينما تقدمت تبسم بتصميم معماري، يتناغمان بشكل مدهش. يضيف: «كلما تناقشنا أكثر حول اختيار الفائز بدا لنا أن منحها لفائزين أمر صائب، وهو ما اتضح لنا بمجرد الإعلان عن ذلك، فالفائزان يكملان بعضهما بشكل فريد وغير متوقع، فمطشر يعمل منفرداً، بينما تعمل تبسم في إطار مجتمعي. هو لديه حس الفنان المغترب بينما عملها يحمل داخلة الإحساس بالمجتمع. إضافة إلى أن كلاً منهما يستمد تقاليد العمل من الموجة الحديثة في الفن»، ويستكمل: «هناك روعة بصرية لتصميم تبسم والأهمية التي يمثلها بالنسبة للتصميم المعماري للمساجد، فهي خرجت عن التصميمات المتداولة لمبنى المسجد، وتصميمها متجذر بقوة في التقاليد والحرف المحلية في بلدها بنغلاديش».
أسأله عن رأيه في باقي الأعمال التي وصلت للقائمة القصيرة للجائزة وتعرض ضمن معرض «جائزة جميل» بالمتحف حالياً، يقول: «أعجبني عمل الفنانة هيف كهرمان فهو خليط جميل يجمع بين التأثير الأوروبي والإسلامي، كذلك العمل المقدم من مجموعة نقش (يدمج ما بين النحت وتقاليد التطريز في المشرق العربي)، ولكن عموماً كل الأعمال كانت مميزة، وهو ما جعل الاختيار بينها صعباً للغاية».
لا يجد هنت حرجاً في القول إنه جديد على أجواء المتحف، وهو ما يؤكده في إجابته عن تساؤلي إن كان قد شاهد أعمالاً سابقة للفنانين المشاركين أو كان على معرفة بها، ببساطة محببة يقول: «ليس كلهم، من خلفيتي كمؤرخ وسياسي، فالميدان هنا غير مألوف بالنسبة لي، كنت أتعلم خلال التحكيم وحتى كنت أحاول أن ألفت نظر المحكمين الآخرين الذين لديهم خبرة أعمق وأكبر مني لبعض النقاط، فالكثير من أعضاء اللجنة كانوا متابعين للفنانين وأعمالهم لوقت طويل، وكانت نظرتي للأعمال جديدة ومن الخارج. ما أحضره معي كوافد من خارج الوسط هو المؤسساتية المتحفية التي يمثلها (فيكتوريا آند ألبرت)، التي نعتقد أنها أساسية فيما نعمله».
كان من الطبيعي أن أسأله عن رأيه في جائزة جميل وما حققته خلال دوراتها الخمسة. يجيبني قائلاً: «الجائزة لها شعبية ضخمة ونجد أنفسنا نحاول أن نتعامل مع ذلك التفاعل من الفنانين المتقدمين لها».
ألتقط من حديث هنت خيطاً مهمّاً وأسأله إن كانت هناك معايير للاختيار بين الفنانين المعروفين الذين لهم مكانة على الخريطة الفنية والفنانين الناشئين. يجيب بأن الجائزة خلال تاريخها مُنِحت لفنانين فوق الستين ولآخرين في العشرينات من النساء والرجال، «هناك تنوع كبير في الفائزين ويجب ألا نشعر كلجنة تحكيم بأن هناك ضغطاً اجتماعياً لتحديد النتيجة، جودة العمل هي المعيار وما يجب علينا التأكد منه هو أن تكون الاختيارات متنوعة ومجالها كبيراً».
هنت تسلم العمل مديراً لمتحف «فيكتوريا آند ألبرت» في يناير (كانون الثاني) 2017، وكان وقتها قادما من المجال السياسي حيث كان يشغل منصب وزير التعليم في حكومة الظل بحزب العمال، ولكنه أيضاً حاصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة كمبردج.
بعد عام ونصف العام من تسلمه إدارة المتحف اللندني العريق أجدني أتجه بالحديث لما يعتقد أنه أنجزه خلال الفترة «ماذا كانت توقعاتك وطموحاتك عندما تسلمت العمل هنا وما الذي تحقق منها؟» يجيب: «كان شرفاً كبيراً لي أن أتسلم قيادة هذه المؤسسة، وأتمنى أن أكون قد نجحت خلال عام ونصف العام في دعم الجانب التعليمي في أنشطة المتحف تحديداً في مجالي التصميم والتكنولوجيا، خصوصاً في هذا الوقت الذي تشهد فيه أجزاء كبيرة من بريطانيا تراجعاً في تعليم الفنون والتصميم».
خلال الفترة القصيرة الماضية قدّم المتحف مجموعة من المعارض الضخمة التي نجحت في جذب عدد كبير من الجمهور لأروقة المتحف، كمثال معرض «ويني ذا بو» ومعرض «السفن عابرة المحيطات»، ومعرض «المستقبل يبدأ من هنا»، وأخيراً «معرض (فريدا كالو)». يبتسم هنت عند ذكر كل تلك المعارض ويقول إن أعداد الزوار كانت كبيرة وإيجابية ولكنه يُرجِع فضل النجاح المستمر لعمل فرق المنسقين والخبراء في المتحف.
يبدو اهتمام هنت بالتعليم واضحاً لا سيما أنه شغل منصباً وزارياً سابقاً معنياً بالتعليم، وفي خطته لإدارة «فيكتوريا آند ألبرت» يشير هنت إلى أن الاهتمام سيتجه أيضاً لمتحف «الطفولة» (تشايلدهود) التابع للمتحف العريق قائلاً إنه لم يتلقَّ الاهتمام الكافي، ويضيف: «سترين بعض النتائج في الخريف المقبل لكل ما نعمل عليه حالياً، خصوصاً في الأحياء المحرومة في لندن حيث تواجه المدارس ضغطاً كبيراً لتوفير مناهج إبداعية، وهنا يأتي دور المتاحف في توفير ذلك التعليم الفني لملء الفراغ في المجتمع المحلي، وبالنسبة لمتحف الطفولة فالتحدي أمامنا يتمثل في الاستفادة من مجموعة القطع الفنية الموجودة هناك».
- ما الذي يحمله المستقبل من معارض؟
أحاول معرفة بعض التفاصيل عن برنامج المعرض المقبل في «فيكتوريا آند ألبرت» ولكن هنت يبتسم بغموض، قائلاً: «راقبي هذه المساحة جيداً، فستكون هناك أخبار مهمة آتية في الطريق».
ولكنه يحرص على الإشارة لمعرض المتحف حول «ألعاب الفيديو»، الذي سيفتح أبوابه في الثامن من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وافتتاح جناح التصوير الفوتوغرافي في شهر أكتوبر (تشرين الأول).
بالنسبة للمعارض المختلفة التي أقامها المتحف خلال الفترة الماضية والمعارض المقبلة أيضاً يوجد تنوع كبير ومدى واسع للموضوعات المطروحة، فالمعروف أن «فيكتوريا آند ألبرت» مختص بالتصميم والأزياء ولكن المعارض المختلفة التي قدمت في الأشهر الماضية كانت متنوعة بشكل كبير مثل معرض «المستقبل يبدأ هنا»، الذي يستعرض التكنولوجيا في حياتنا وتطورها.
يعترف بأن التحدي أمامه وأمام العاملين في المتحف هو الخروج عن الصورة النمطية له، التي عبَّر عنها هنري كول أول مدير للمتحف بقوله إن «فيكتوريا آند ألبرت» يمثل «ملجأ للمجموعات المنبوذة» أو وصفه بأنه «مخزن الأمة». يضيف: «لدينا مقتنيات تمثل 17 مجموعة قومية تتنوع محتوياتها ما بين الفنون والتصوير والنحت والسيراميك والأزياء... مضمار واسع ومتنوع، نحاول أن نقدم تغليفاً جديداً لها من خلال شعار (الابتكار والبراعة)».
- الحفاظ على الآثار
يحرص هنت على الحديث عن الجدال الدائر حول الحقبة الاستعمارية في تاريخ بريطانيا، وما جلبت معها من قطع أثرية لمتاحف الدولة، يشير إلى أنه يتعامل مع الأمر بكل شفافية ويرشح أن يكون التعامل مع القضية الحساسة من خلال المختصين: «في المقام الأول يجب أن يقود النقاش مديرو المتاحف والمنسقون والباحثون، لا السياسيون. لأن رجال السياسة سيتعاملون معها من ذلك المنطلق وستكون الحلول مصبوغة بالحاجات السياسية مثل الدفاع أو التجارة. لهذا يجب أن نكون، كمتحفيين، داخل المناقشة، نحدد أبعادها ونقودها أيضاً. والأهم أن نكون شفافين بشأن مصادر القطع والمجموعات الإثنية الموجودة لدينا. بعد ذلك أرى أن نتعامل مع الأمر بشكل منهجي وأكاديمي قطعة بقطعة».
يشير إلى وجود بعض المقولات بأن مجموعة القطع من شرق آسيا في المتحف سُرِقَت خلال فترة استعمار الهند ويختلف مع ذلك قائلاً: «الحقيقة أن أجزاء كبيرة من المجموعات القادمة من آسيا تكونت على مر السنين عبر الشراء القانوني والقول إنها كلها وصلت لهنا عبر النهب والسرقة غير صحيح، ولهذا أرى أننا يجب أن نتعامل مع الأمر بطريقة علمية».
ويرى أن فرنسا تقود أوروبا في خطط ثقافية قد تقدم بعض الحلول عبر الاستثمار في الدول النامية، وتوفير السبل لها لحماية الآثار الموجودة حالياً في مجموعات أوروبية لتتمكن المتاحف الغربية وقتها من تطوير نظام للتعاون وللإعارة. ويعترف بأن الأمر حساس للغاية، قائلاً: «أفهم تماماً عندما نعرض على بلد ما أن نعيره بعض القطع من مجموعتنا أن يأتيني الجواب (لا نريد استعارة بل نريد استعادة القطع)، أتفهم ذلك تماماً، ولكنني أعمل تحت ضوابط قانونية وتشريعية».
وفي نهاية الحديث يؤكد أن عملية اقتناء قطع جديدة محكومة بتوصيات منظمة «اليونيسكو» الصارمة.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».