«القوات» و«الوطني الحر» يعلقان العمل بتفاهمهما السياسي

تأكيد التمسك بالمصالحة ودفع باتجاه التهدئة

رئيسا «القوات» و«الوطني الحر».
رئيسا «القوات» و«الوطني الحر».
TT

«القوات» و«الوطني الحر» يعلقان العمل بتفاهمهما السياسي

رئيسا «القوات» و«الوطني الحر».
رئيسا «القوات» و«الوطني الحر».

صمدت التهدئة السياسية على خط «القوات اللبنانية» – «التيار الوطني الحر» والتي كان رئيس «القوات» سمير جعجع أعلن التزام حزبه بها مطلع الأسبوع الجاري، لتسهيل عملية ولادة الحكومة رغم خروج رئيس «التيار» ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل بعد اجتماع تكتل «لبنان القوي»، ليعلن أن الاتفاق السياسي مع «القوات» لم يعد قائما، ما استدعى استنفارا على كل المستويات بمحاولة لتحييد المصالحة المسيحية التي نتجت عن «تفاهم معراب» الذي تم التوصل إليه في العام 2016.
ويميز العونيون اليوم ما بين المصالحة والاتفاق السياسي الذي نتج عنها، فيؤكدون أن الأولى قائمة ومستمرة، فيما الثاني انتهى أو أقله معلق وتتوجب إعادة النظر به. في هذه الأثناء، يحاول القواتيون التعامل مع المصالحة والاتفاق كجزء واحد لا يتجزأ بمحاولة لإلزام «التيار الوطني الحر» بتطبيق بنود الاتفاق التي كان أبرزها دعم «القوات» وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة.
ويقول مصدر نيابي في «لبنان القوي»، بأن الاتفاق مع «القوات» قائم مبدئيا وإن كان معلقا من الناحية العملية نتيجة الإشكاليات والخلافات المتراكمة وآخرها على توزيع الحصص حكوميا، لافتا إلى أن «هناك وجهتي نظر في التعاطي مع الموضوع، وجهة النظر القواتية التي تتمسك بوجوب استكمال تنفيذ بنود الاتفاق، مقابل وجهة النظر العونية التي تعتبر أن التعامل يجب أن يكون مع الاتفاق بكليته على أن يكون الأساس في هذا المجال التزام «القوات» على كل المستويات بدعم العهد، وهو ما نرى فيه خللا كبيرا ما استدعى تعليق العمل بالاتفاق». ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «التفاهم السياسي مع «القوات» بحاجة لإعادة بحث وتقييم لإطلاقه بحلة جديدة باعتبار أنه بالنسبة لنا، لا مجال للعودة إلى الوراء خاصة بموضوع المصالحة وطي صفحة الماضي، لكن هذا الأمر لن يحصل قبل تشكيل الحكومة لأن الوقت ضاغط والأولويات مختلفة».
وقد جدد النائب في «لبنان القوي» نقولا صحناوي من جهته التمييز بين التفاهم أو المصالحة من جهة بين الاتفاق السياسي، فأكد «أن لا تراجع عن تفاهم معراب لأنه ساهم في ترسيخ الاستقرار على الساحة المسيحية وأوقف التشنجات في الشارع»، لافتا إلى أن «التفاهم السياسي مع القوات اللبنانية حول دعم العهد وممارسة السياسات في الحكومة ليس قائما حاليا». واعتبر صحناوي في حديث إذاعي أن المطلوب اليوم «أن يضحي التيار الوطني الحر بحجمه والتنازل عن عدد من الوزراء لصالح القوات»، لافتا إلى أن «مع غياب التفاهم السياسي، هذا الأمر لن يحصل».
وكان العماد عون والذي كان يرأس «التيار الوطني الحر» وقّع ورقة تفاهم مع حزب الله في فبراير (شباط) 2006 شكّلت أساسا متينا لحلف سياسي متماسك بين الطرفين منذ حينها. كما توصل عون مع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في يناير (كانون الثاني) 2016 لتفاهم عُرف بـ«تفاهم معراب» شكّل الدفع الأساس باتجاه وصول عون إلى قصر بعبدا. وقد أنهى الطرفان من خلال هذا التفاهم سنوات طويلة من الحرب بينهما وأسسا لتحالف سياسي لم تكتمل معالمه تماما في ظل الخلافات المستمرة حول حزب الله وسلاحه وقتاله خارج الأراضي اللبنانية.
وبدأت الخلافات بين «القوات» و«التيار» خلال العمل الحكومي في الفترة الماضية، بعد تصويب الأول على أداء الوزراء العونيين وبخاصة في ملف الكهرباء، وتنامت الخلافات ما أدى لافتراق انتخابي في الاستحقاق النيابي الأخير. ولم تهدأ الجبهة العونية والقواتية بعد الانتخابات، بل احتدم الصراع مع انطلاق المفاوضات لتشكيل حكومة مع سعي كل طرف لتحصيل حصة وزارية أكبر. وحاول رئيس «القوات» بعد زيارته رئيس الحكومة المكلف مطلع الأسبوع إرساء نوع من التهدئة من خلال وضع حد للسجالات المتمادية بين الحزبين.
وقالت مصادر قيادية في «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، بأن «التهدئة تشمل التعاطي مع رئيس «التيار» جبران باسيل، علما بأننا لم نتوجه في حملتنا بلحظة من اللحظات للعهد والرئيس عون وحصرنا المشكلة بوزير الخارجية وأدائه». وأشارت إلى أن جعجع «استكمل مبادرته الأخيرة بإيفاد الوزير ملحم رياشي إلى القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون بمسعى لترتيب الأمور»، ووصفت العلاقة بين «القوات» و«التيار» حاليا بـ«المأزومة»، «وإن كان أي من الطرفين ليس بوارد التراجع عن تفاهم معراب وبالتحديد عن المصالحة». وأضافت المصادر: «نحن ملتزمون بتبريد الأجواء بطلب من الرئيس الحريري على أن يُعاد البحث بالتفاهم السياسي مع التيار بعد تشكيل الحكومة من خلال تحديد نقاط التلاقي ونقاط الاختلاف، على أن يبقى أي اختلاف تحت سقف المصالحة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.