«تفاهمات سورية» بين ترمب وبوتين: النظام إلى الجنوب مقابل إخراج إيران

دول أوروبية ترفض إعطاء شرعية للأسد والمساهمة في الإعمار

مصافحة بين ترمب وبوتين خلال مؤتمر اقتصادي بفيتنام العام الماضي (إ.ب.أ)
مصافحة بين ترمب وبوتين خلال مؤتمر اقتصادي بفيتنام العام الماضي (إ.ب.أ)
TT

«تفاهمات سورية» بين ترمب وبوتين: النظام إلى الجنوب مقابل إخراج إيران

مصافحة بين ترمب وبوتين خلال مؤتمر اقتصادي بفيتنام العام الماضي (إ.ب.أ)
مصافحة بين ترمب وبوتين خلال مؤتمر اقتصادي بفيتنام العام الماضي (إ.ب.أ)

أكدت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن هجوم قوات الحكومة السورية بغطاء روسي على ريف درعا والمدينة جنوب البلاد، جاء ضمن تفاهمات بين واشنطن وموسكو تتضمن عودة الجيش السوري إلى الجنوب مقابل إخراج مقاتلي المعارضة ورافضي ذلك إلى إدلب، على أن يتعهد الجانب الروسي بـ«إضعاف ثم إنهاء» الدور الإيراني في سوريا. وأشارت إلى فوز تيار في الإدارة الأميركية يميل إلى التفاهم مع موسكو ما يعني قرب تعيين مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي جويل روبرن مبعوثا إلى سوريا تابع لوزارة الخارجية.
وستكون تفاهمات الجنوب السوري، على جدول أول قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب في هلسنكي في 16 الشهر الجاري التي ستعطي دفعة إضافية لاتفاقهما في فيتنام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون زار لندن قبل توجهه إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للتمهيد للقمة الروسية - الأميركية التي ستعقد بعد قمة «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) في بروكسل يومي 11 و12 الشهر المقبل وزيارة ترمب إلى لندن بدءا من 13 من الشهر ذاته.
ويتوقع أن تبارك القمة إعطاء أولوية لتشكيل لجنة من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني وإجراء إصلاحات دستوري في سوريا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في العام 2021 ودعم جهود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في جنيف للجسر بين «ضامني» عملية آستانة و«النواة الصلبة» التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن وألمانيا لتشكيل اللجنة وصوغ الإصلاح الدستوري والتمهيد للانتخابات.
ويعني توافق روسيا وأميركا عملياً «قبول الرئيس بشار الأسد حالياً كأمر واقع مع استمرار رفض إعطائه الشرعية بل استمرار التصريحات الرافضة لذلك»، كما حصل أول من أمس لدى قول وزير الخارجية مايك بومبيو أن لا سلام مع الأسد ووجود إيران في سوريا، بحسب المصادر الغربية. وأشارت إلى أن «الاتحاد الأوروبي ومعظم الدول الأوروبية غير مرتاحين لهذه التفاهمات وأن معظم الدول لن يقبل ذلك وسيبقى متمسكا برفض الشرعية للأمر الواقع وسيبقى رافضا المساهمة في إعمار سوريا ما لم يحصل انتقال سياسي فيها». كما أن دولا «تشكك عمليا في قدرة روسيا أو رغبتها في إضعاف إيران».
وحرص الرئيس ترمب على إيفاد بولتون إلى أوروبا لإطلاع حلفاء واشنطن على توجهات الإدارة الأميركية المقبلة التي جاءت بعد سلسلة من المشاورات الداخلية والمحادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لعب دورا رئيسيا في إقناع بوتين في بعض التفاهمات وجوهرها «عودة الجيش السوري إلى الجنوب مقابل إضعاف ثم إنهاء الدور الإيراني».
وكان نتنياهو زار موسكو بداية الشهر، وكان لافتا أن الجيش الإسرائيلي شن غارات شاملة على مواقع يعتقد أنها تابعة لإيران في سوريا، ما يعني أن ذلك حصل بموجب قبول سياسي من الكرملين وتنسيق عسكري بين قاعدة حميميم الروسية وتل أبيب. وتم الاتفاق وقتذاك على تأسيس خط أحمر بين بوتين ونتنياهو أضيف إلى الخط الآخر بين حميميم وتل أبيب. وتزامن ذلك مع قول وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأنه على الرئيس الأسد إخراج إيران من سوريا.
بعدها، جرت اتصالات بين واشنطن وتل أبيب أسفرت عن مباركة تفاهمات نتنياهو - بوتين، حيث جرى تنفيذها خطوة بعد خطوة. بداية جرى الاتفاق على بدء تنفيذ الهجوم العسكري على ريف درعا الشرقي والمدينة وصولا إلى معبر نصيب على حدود الأردن وتأجيل الهجمات على القنيطرة والقسم الغربي من اتفاق خفض التصعيد. كما أبلغت واشنطن رفع الغطاء العسكري على فصائل «الجبهة الجنوبية» في «الجيش الحر» عبر إبلاغها خطيا بعدم توقع «أي تدخل عسكري أميركي»، إضافة إلى عدم قبول لاجئين سوريين في الأردن.
وحسمت تلك الرسالة بين خطين كانا في الإدارة الأميركية: الأول، يدعو للضغط على موسكو لالتزام اتفاق «خفض التصعيد» الموقع بين روسيا وأميركا والأردن في يوليو (تموز) الماضي ثم جرى التأكيد عليه بين ترمب وبوتين في نوفمبر والتلويح بـ«إجراءات حاسمة» ضد دمشق. الثاني، التخلي عن المعارضة والتزام ترتيبات ثلاثية روسية - أميركية - أردنية أو رباعية تضم إسرائيل لعودة قوات الحكومة السورية وإبعاد المعارضة مقابل «إبعاد إيران عن حدود الأردن وخط فك الاشتباك في الجولان المحتل تمهيدا لإنهاء دورها في سوريا».
في المقابل، أعلنت موسكو ضمن التفاهمات عن خفض قواتها في قاعدة حميميم كما فعلت مرات سابقة في السنتين الماضيتين. كما جال ضباط روس في ريف درعا عارضين «التسوية والمصالحة أو التهجير والضغط العسكري» مع فتح أربعة معابر لخروج مدنيين، كما حصل في غوطة دمشق وشرق حلب. كما جرت مفاوضات في عمان بين شخصيات محسوبة على المعارضة في درعا وضباط روس للوصول إلى وقف للنار وإخراج مقاتلين معارضين وتسيير دوريات للشرطة الروسية.
وهذه التفاهمات الروسية - الأميركية حول الجنوب تأتي ضمن تصور أوسع لسياسة الإدارة الأميركية في سوريا. وأكدت المصادر الغربية أن ترمب لا يزال متمسكا بالانسحاب من شمال شرقي سوريا «مجرد القضاء على «داعش» الذي لا يزال يسيطر على 2 في المائة من الأراضي السورية» (كان يسيطر على أكثر من 40 في المائة). وأشارت إلى أن دولا غربية وعربية قدمت نحو مائة مليون دولار أميركي لدعم الاستقرار في المناطق المحررة من «داعش» بناء على طلب ترمب من جميع الحلفاء المشاركة في حمل العبء استعدادا لإعلان الانسحاب بعد إنهاء «داعش» بالتزامن مع موعد الانتخابات النصفية للكونغرس بداية نوفمبر المقبل.
عليه، أشارت مصادر إلى أن التفاهمات التي ستكون موضوع بحث بين ترمب وبوتين، ستتناول أيضا شمال شرقي سوريا بحيث يتم البحث في ترتيبات تتجاوز اتفاق منع الاحتكاك القائم بين الجيشين الروسي والأميركي خلال قتال «داعش» قد تنضم إليها أنقرة بعد استعادة الثقة مع واشنطن في ضوء اتفاق منبج لتصبح ترتيبات روسية - أميركية - تركية لشرق نهر الفرات تتضمن مجالس محلية ودورا أكبر لـ«قوات سوريا الديمقراطية» والأكراد مقابل بقاء علاقة مع الدولة المركزية في دمشق. (قد يشمل هذا تشجيع عملية سياسية بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني في تركيا مقابل تركيز الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري على وضعه المحلي في سوريا).
لكن المصادر أعربت عن الاعتقاد أن «اللغز» لا يزال في إدلب ومصير الوجود التركي فيها، خصوصاً بعد تجمع آلاف المقاتلين المعارضين ووجود «هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» (النصرة سابقا) ونحو 2.5 مليون شخص. وأشارت إلى أن «أنقرة تريد بقاء نفوذها في إدلب وشمال سوريا على المدى الطويل».



«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.