بوتين يؤكد استمرار سحب القوات الروسية من سوريا

تجميد القناة الإعلامية لقاعدة حميميم... وموسكو تنتقد توسيع صلاحيات «حظر الكيماوي»

TT

بوتين يؤكد استمرار سحب القوات الروسية من سوريا

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التزام بلاده تنفيذ قرارها بتقليص الوجود العسكري في سوريا وإبقاءه في حدود «متطلبات الدفاع عن مصالح روسيا إقليميا ودوليا». وتحدث عن سحب عشرات الطائرات وأكثر من ألف عسكري خلال الأيام الأخيرة، مشددا على ضرورة الإفادة من «الخبرات الهائلة التي كسبتها روسيا» في الحرب السورية.
تزامن ذلك مع تصاعد لهجة الاستياء الروسية ضد قرار توسيع صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وحذر دبلوماسيون روس من أن القرار «محاولة غربية للالتفاف على الفيتو الروسي في مجلس الأمن» ولوحوا برفض روسي مسبق لأي قرارات «اتهامية» تصدر عن المنظمة ضد النظام السوري.
وأعلن بوتين خلال حفل تخريج دورة عسكرية عن مواصلة بلاده تنفيذ قراره الخاص بتقليص الوجود العسكري المباشر في سوريا، وأعلن أن موسكو سحبت خلال الأيام الأخيرة 13 مقاتلة و14 مروحية و1140 عسكريا كانوا ينفذون مهام على الأراضي السورية.
وذكّر بوتين بأن سحب القوات الروسية من سوريا بدأ أثناء زيارته إلى قاعدة «حميميم» بمحافظة اللاذقية نهاية العام الماضي.
وشدد على ضرورة الإفادة من الخبرات الكبرى التي اكتسبتها القوات الروسية في سوريا في مناهج تدريب العسكريين الروس.
وقال بوتين إن الجيش الروسي أظهر «أثناء مكافحة الإرهابيين في سوريا، قدراته القتالية المتزايدة والمستوى العالي للتنسيق بين وحداته وعلينا الإفادة من هذه الخبرات في مجالات التدريب والإعداد».
وكان بوتين قال بأن بلاده تنوي المحافظة على وجودها العسكري في سوريا طالما دعت متطلبات حماية مصالحها ذلك، لكنه أشار إلى أن القوات الروسية «لن تخوض معارك كبيرة لأن الشق العسكري من العمليات في سوريا انتهى، ويتم التحضير لإطلاق المسار السياسي». علما بأن حديث بوتين جاء قبل العمليات الأخيرة في جنوب سوريا.
إلى ذلك، ردت روسيا بعنف على تصويت غالبية الدول الأعضاء في منظمة حظر السلاح الكيماوي لصالح تعديلات قدمتها بريطانيا تمنح المنظمة صلاحيات واسعة بينها توجيه اتهامات باستخدام الأسلحة المحرمة.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن موسكو «لا تعترف» بتعزيز صلاحيات المنظمة التي بات بوسعها تحديد الجهات المسؤولة عن استخدام مثل هذه الأسلحة في سوريا.
وأوضح أنه «لا يمكن طبعا أن نعترف بشرعية آلية التحكيم المزعومة الجديدة هذه وسنستخلص نتائج جدية مما حصل». وصوتت 82 دولة في جلسة مغلقة في لاهاي حيث مقر المنظمة لصالح قرار تقدمت به بريطانيا بدعم من فرنسا والولايات المتحدة خصوصا ومعارضة 24 دولة أخرى.
وقال ريابكوف بأن التصويت «يوجه ضربة قوية إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية وإلى المنظمة ذاتها»، مشيرا إلى «عواقب صعبة» سوف تنجم عن التطور.
وفي تلميح إلى خطوات قد تتخذها موسكو لاحقا ضد المنظمة قال ريابكوف بأن «آفاق ومستقبل المعاهدة أصبحا غامضين جدا». وكان دبلوماسيون روس أعلنوا أمس أن موسكو ستراقب بدقة الآلية التي ستتصرف بها المنظمة بعد قرار توسيع صلاحياتها وخصوصا على صعيد التقرير الذي سينشر قريبا ويتعلق باستخدام محتمل للكيماوي في دوما السورية.
وكان السفير الروسي في لاهاي الكسندر تشولغين شبه المنظمة بسفينة تايتانيك «وهي تغرق»، ولدى سؤاله حول إمكان أن تنسحب بلاده من المنظمة رد بالقول: «كل الخيارات مطروحة».
وانتقد تشولغين بقوة ما وصفها بأنها «ضغوط وصلت إلى درجة الابتزاز» قال بأن الدول الغربية مارستها على أعضاء في المنظمة الدولية لضمان تصويتهم لصالح القرار.
واعتبر أن الدول الغربية أصرت على تمرير القرار بتوسيع صلاحيات المنظمة بهدف تجاوز الفيتو الروسي في مجلس الأمن من خلال «انتزاع جزء من صلاحيات مجلس الأمن الدولي» ونقلها إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وأشار إلى أن ذلك يتعارض مع اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية.
وأعرب تشولغين عن قناعته بأن تقرير المنظمة حول هجوم دوما بريف دمشق «سيكون متحيزا، شأنه شأن التقارير السابقة حول الحوادث في سوريا». على صعيد متصل، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن منظمة «الخوذ البيضاء» تحضِّر لعمل استفزازي باستخدام مواد كيماوية في محافظة إدلب السورية.
وقال رئيس المركز الروسي اللواء أليكسي تسيغانكوف أن المركز «تلقى اتصالا هاتفيا من سكان محليين من محافظة إدلب، تحدثوا فيه عن التحضير للقيام باستفزاز من قبل منظمة الخوذ البيضاء».
موضحا أنه وفقا لمعطيات السكان الذين اتصلوا بالمركز، وصلت إلى إدلب يوم الأحد قافلة من 6 سيارات عليها شعار «الخوذ البيضاء» وشاحنة محملة بوسائل حماية وحاويات تحتوي على سائل وأجهزة فيديو و7 صواريخ.
وتابع: «بعد وصولهم إلى المكان قام 4 أشخاص مجهولون يرتدون ملابس خاصة ويحملون وسائل الحماية بحشو رؤوس الصواريخ بالسائل الذي نقلوه إلى المكان وبمسحوق».
وأضاف رئيس المركز أنه حسب المعلومات المتوفرة لدى العسكريين الروس نقل عناصر «الخوذ البيضاء» الصواريخ باتجاه مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب.
يذكر أن موسكو شنت حملة قوية على «الخوذ البيض» بعد حادثة استخدام الكيماوي في دوما، واتهمتها بفبركة أدلة ومعطيات لتحميل النظام مسؤولية الهجوم.
من جهة أخرى، أعلنت القناة الإعلامية لقاعدة حميميم مساء أول من أمس أن «البيان الصادر عن القناة المركزية للقاعدة بالإعلان عن انتهاء العمل باتفاقية خفض التصعيد جنوبي البلاد يعتبر بياناً منفياً وتعود تبعاته على القناة المركزية والمترجم الذي تجاوز الصلاحيات الممنوحة بالإجابة على سؤال مطروح من قبل السكان المحليين بمعلومات مغلوطة». وأضافت: «سيتم إيقاف نشاط عمل القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية بقرار من السلطات الرسمية في موسكو لفترة غير معلنة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».