«المنادي» في مصر القديمة... اسم واحد لوظائف متعددة

تنوعت مهامه بين الإدارية والملكية والعسكرية

«المنادي» في مصر القديمة... اسم واحد لوظائف متعددة
TT

«المنادي» في مصر القديمة... اسم واحد لوظائف متعددة

«المنادي» في مصر القديمة... اسم واحد لوظائف متعددة

شخص ذو صوت مرتفع يمتطى حصانة ويدور في محيط الولاية لإبلاغ أوامر الوالي... تلك هي الصورة النمطية لوظيفة المنادي التي رسمتها الأفلام والأعمال التلفزيونية التاريخية، ولكن هذه الوظيفة كان لها شكل مختلف في مصر القديمة، إذ تباينت أدوارها من عصر لآخر، كما كشفت دراسة أجراها باحث بقسم الآثار بكلية الآداب جامعة أسيوط.
وتكشف تفاصيل الدراسة، التي نشرت في المجلة العلمية التي يصدرها اتحاد الأثريين العرب، أن تلك الوظيفة ظهرت في عصر الدولة القديمة، وكان يقوم بها أحد الضباط، ثم تطورت لتصبح وظيفة إدارية في عصر الدولة الوسطى، وزادت أهميتها وتوسعت مهامها في النصف الأول من عصر الدولة الحديثة، وقلت أهميتها في عصر الرعامسة.
ويقول الباحث إسلام إبراهيم عامر، أستاذ الآثار المصرية القديمة وصاحب هذه الدراسة، أن مهام من حمل لقب المنادي في عصر الدولة القديمة تتشابه مع الصورة النمطية المعروفة عن تلك المهمة، فهو «ناقل الأوامر».
وأخذت هذه المهمة في عصر الدولة القديمة طابعاً عسكرياً، حيث تشير الدراسة إلى أنها كانت تطلق على الضابط المسؤول عن نقل وإبلاغ الأوامر بشكل متكرر وبصوت عالٍ على ظهر السفينة من قائدها إلى البحارة المتحكمين في شراع ودفة السفينة، ولم يكن لها في تلك الفترة مهام إدارية أو قضائية أو أي دور في البلاط الملكي.
ولم يعثر الباحث على أدلة أثرية أو نصية تشير إلى عكس ذلك، كذلك لم يعثر على أدلة تشير إلى وجود موظفين إداريين حملوا هذا اللقب في عصر الدولة القديمة.
إلى ذلك، انتقلت الدراسة بعد ذلك إلى عصر الدولة الوسطى، ليتم الكشف عن بداية ازدهار تلك المهنة، التي شهدت مزيداً من المهام الإدارية والقضائية للمنادي، ودوراً عسكرياً محدوداً، وتم توثيق ذلك من خلال أدلة أثرية ونصية أوردها الباحث.
ويقول الباحث: «كان المنادي في تلك الفترة فرداً من أفراد مكتب الوزير، وكانت مهمته النداء وإعلان أوامر مكتب الوزير خارج الفناء، كما كان يتم إيداع وصايا الميراث في مكتبه».
وتتضمن الدراسة أدلة ثرية ونصية تشير إلى هاتين المهمتين اللتين كان يقوم بهما المنادي، ومنها بردية تشير إلى اسم «سن وسرت»، الذي قام بمهمة منادى الوزير «منتوسا» من الأسرة الثانية عشرة. كما توضح الوصية المنقوشة على إحدى اللوحات الموجودة بالمتحف المصري، التي تحمل رقم (JdE52453)، الدور الذي كان يقوم به المنادي في توثيق الوصايا.
وفي مقابل ذلك، اقتصرت مهام المنادي العسكرية على الإشراف على بعثات التعدين وقطع الأحجار، وكان يطلق على من يقوم بهذه المهمة لقب «منادى البوابة» أو «منادى الحراسة»، وهو الاسم الذي ورد في برديات تسمى «برديات الكاهون»، وهي عبارة عن مجموعة من النصوص المصرية القديمة ناقشت المواضيع الإدارية والرياضية والطبية.
وإذا كانت أدوار المنادي قد تعددت في عصر الدولة الوسطى، كما كشفت الدراسة، فإنها أصبحت أكثر أهمية في عصر الدولة الحديثة لارتباطها بالملك مباشرة.
ويقول عامر: «ظهرت في عصر الدولة الحديثة وظيفة المنادي الأول في البلاط الملكي، وهو الذي يستقبل الوزير المفوض، ويكون مسؤولاً عن ترتيب نظام القصر، ويساعده في ذلك المنادي الملكي الثاني».
وتشير الدراسة إلى أن أشهر من حملوا هذا اللقب شخص يدعى «انتف»، في عهد الملك تحتمس الثالث، كما تكشف اللوحة الجنائزية «C26» الموجودة بمتحف اللوفر.
وكان للمنادي أيضاً مهام عسكرية، وكان الدور الأساسي له نقل الأوامر للجنود، وتقديم تقرير للملك عن أعمال الجنود والضباط في ساحة القتال، ويتضح هذا الدور من نصوص المنادى الملكي أحمس بن نخت، التي أوردها الباحث في دراسته، وظهر المنادى في عصر الرعامسة، الذي اختتم به الباحث دراسته، قاضياً ومرسلاً للتقارير وناسخاً للمراسيم الملكية.



الذكاء الصناعي يقرأ الأفكار وينصّها

فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)
فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)
TT

الذكاء الصناعي يقرأ الأفكار وينصّها

فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)
فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)

طُوّر جهاز فك ترميز يعتمد على الذكاء الصناعي، قادر على ترجمة نشاط الدماغ إلى نص متدفق باستمرار، في اختراق يتيح قراءة أفكار المرء بطريقة غير جراحية، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وبمقدور جهاز فك الترميز إعادة بناء الكلام بمستوى هائل من الدقة، أثناء استماع الأشخاص لقصة ما - أو حتى تخيلها في صمت - وذلك بالاعتماد فقط على مسح البيانات بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي فقط.
وجدير بالذكر أن أنظمة فك ترميز اللغة السابقة استلزمت عمليات زراعة جراحية. ويثير هذا التطور الأخير إمكانية ابتكار سبل جديدة لاستعادة القدرة على الكلام لدى المرضى الذين يجابهون صعوبة بالغة في التواصل، جراء تعرضهم لسكتة دماغية أو مرض العصبون الحركي.
في هذا الصدد، قال الدكتور ألكسندر هوث، عالم الأعصاب الذي تولى قيادة العمل داخل جامعة تكساس في أوستن: «شعرنا بالصدمة نوعاً ما؛ لأنه أبلى بلاءً حسناً. عكفت على العمل على هذا الأمر طيلة 15 عاماً... لذلك كان الأمر صادماً ومثيراً عندما نجح أخيراً».
ويذكر أنه من المثير في هذا الإنجاز أنه يتغلب على قيود أساسية مرتبطة بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وترتبط بحقيقة أنه بينما يمكن لهذه التكنولوجيا تعيين نشاط الدماغ إلى موقع معين بدقة عالية على نحو مذهل، يبقى هناك تأخير زمني كجزء أصيل من العملية، ما يجعل تتبع النشاط في الوقت الفعلي في حكم المستحيل.
ويقع هذا التأخير لأن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تقيس استجابة تدفق الدم لنشاط الدماغ، والتي تبلغ ذروتها وتعود إلى خط الأساس خلال قرابة 10 ثوانٍ، الأمر الذي يعني أنه حتى أقوى جهاز فحص لا يمكنه تقديم أداء أفضل من ذلك.
وتسبب هذا القيد الصعب في إعاقة القدرة على تفسير نشاط الدماغ استجابة للكلام الطبيعي؛ لأنه يقدم «مزيجاً من المعلومات» منتشراً عبر بضع ثوانٍ.
ورغم ذلك، نجحت نماذج اللغة الكبيرة - المقصود هنا نمط الذكاء الصناعي الذي يوجه «تشات جي بي تي» - في طرح سبل جديدة. وتتمتع هذه النماذج بالقدرة على تمثيل المعنى الدلالي للكلمات بالأرقام، الأمر الذي يسمح للعلماء بالنظر في أي من أنماط النشاط العصبي تتوافق مع سلاسل كلمات تحمل معنى معيناً، بدلاً من محاولة قراءة النشاط كلمة بكلمة.
وجاءت عملية التعلم مكثفة؛ إذ طُلب من ثلاثة متطوعين الاستلقاء داخل جهاز ماسح ضوئي لمدة 16 ساعة لكل منهم، والاستماع إلى مدونات صوتية. وجرى تدريب وحدة فك الترميز على مطابقة نشاط الدماغ للمعنى باستخدام نموذج لغة كبير أطلق عليه «جي بي تي - 1»، الذي يعتبر سلف «تشات جي بي تي».