البيت الأبيض يعارض استفتاء حول مصير كردستان العراق

الأكراد يصفون كل من يقف ضد حق تقرير مصيرهم بالمخالف للقانون الدولي

جوش إرنست
جوش إرنست
TT

البيت الأبيض يعارض استفتاء حول مصير كردستان العراق

جوش إرنست
جوش إرنست

عبرت الولايات المتحدة أول من أمس (الخميس) عن معارضتها للدعوة التي وجهها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني للاستعداد لتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير، معدة أن الطريقة الوحيدة أمام البلاد لتصدي هجوم مقاتلي «الدولة الإسلامية» هي أن تبقى متحدة.
وكان بارزاني قال في خطاب في البرلمان المحلي للإقليم الكردي: «أقترح عليكم الاستعجال في المصادقة على قانون تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكردستان، لأن هذه هي الخطوة الأولى، وثانيا إجراء الاستعدادات للبدء بتنظيم استفتاء حول حق تقرير المصير».
لكن البيت الأبيض، الذي كان يعمل من خلف الكواليس لمحاولة إقناع القادة: السنة، والشيعة، والأكراد في العراق، بتشكيل حكومة وحدة وطنية في بغداد، عبّر عن معارضته هذا الاقتراح.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست: «الواقع هو أننا لا نزال نعتقد أن العراق أقوى إذا كان متحدا»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، وأضاف: «لذلك تواصل الولايات المتحدة الدعوة إلى دعم عراق ديمقراطي وتعددي وموحد، وسنواصل حث كل الأطراف في العراق على الاستمرار بالعمل معا نحو هذا الهدف».
والتقى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت لاحق، رئيس حكومة بارزاني، فؤاد حسين، وشدد أمام الوفد العراقي على «أهمية تشكيل حكومة جديدة في العراق تضم كل المكونات» لمقاتلة الدولة الإسلامية، بحسب ما أعلن البيت الأبيض في بيان.
كذلك، بحث بايدن الوضع في العراق في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب إردوغان، في إطار جهود واشنطن لدى الأفرقاء في المنطقة لدعم تشكيل حكومة وحدة عراقية.
بدورها أكدت جين ساكي، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مواقف بلادها من وحدة العراق، وقالت: «عراق موحد يعني عراقا قويا»، موضحة أن «الموقف الكردي من الاستقلال ليس بجديد، وقد عبروا عن ذلك من قبل».
من جهته قال كمال كركوكي، مسؤول العلاقات في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أمس، إن «القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة تؤكد على حق تقرير المصير»، وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى من خلال هذه التصريحات إلى أن تبين للشعب الأميركي أن سياساتها في العراق صحيحة، لأنها مقبلة على انتخابات الكونغرس.
وتابع كركوكي: «لو كانت أميركا صاحبة الرأي بشأن بقاء الشعب الكردي رغما عنه في إطار العراق، فإنها تعيد نفس السياسة الخاطئة التي ألحقت كردستان بعد الحرب العالمية الأولى بالعراق العربي، وكانت النتيجة تعرض الشعب الكردي إلى مأساة كبيرة وإلى الإبادة الجماعية»، مؤكدا حق الكرد في تقرير مصيرهم على أرضهم، مشددا بالقول: «إذا وقفت أي دولة من دول العالم بوجه حق تقرير المصير للشعب الكردي، فإنها ستكون مخالفة للقانون الدولي وأعراف ومواثيق الأمم المتحدة».
وأضاف كركوكي: «حق تقرير المصير ثبت في القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة»، وقال: «في مؤتمر سان فرانسيسكو لتأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، جرى إقرار مبدأ تقرير المصير في المادة (1) الفقرة الثانية ضمن أهداف ومبادئ الأمم المتحدة، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت في هذا المجال قرارات خاصة أكدت على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وغيرت فيما بعد من مبدأ إلى حق تقرير المصير»، مؤكدا أن «الشعب الكردي ماضٍ في تقرير مصيره حسب القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة».
من جانبه قال محمد علي ياسين، عضو لجنة العلاقات الخارجية في برلمان الإقليم، لـ«لشرق الأوسط»، إن «أميركا متحفظة دائما حول وحدة العراق، إذا قرر الشعب الكردي أن يجري استفتاء لتقرير مصيره، فهو لا ينتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى، وحينها يجب أن يحترم كل العالم قرار هذا الشعب». وتابع ياسين: «المواقف السياسية تتغير بسرعة حسب المكان والزمان، فعندما يقرر شعب كردستان تقرير مصيره حينها تكون هناك سياسة خاصة بذلك الوقت، وستكون آراء دول العالم بشكل آخر»، موضحا بالقول: «كردستان استطاعت أن تبرهن للعالم أنها تستطيع أن تقرر، وأن تصبح مثالا جميلا للديمقراطية والتعايش السلمي في الشرق الأوسط».
وسيطر الأكراد منذ بداية الهجوم الكاسح الذي يشنه مسلحون متطرفون يقودهم تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في أنحاء متفرقة من العراق، على مناطق متنازع عليها مع بغداد بعد انسحاب القوات العراقية منها، وعلى رأسها مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد) الغنية بالنفط.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.