اعتبرت منظمة العفو الدولية أن اندلاع أعمال العنف، بما في ذلك جرائم القتل والاغتصاب والتعذيب والحرق والتجويع القسري، التي ارتكبتها قوات الأمن في ميانمار ضد أقلية الروهينغا المسلمة «في مختلف قرى ولاية أراكان شمالي البلاد، لم تكن مجرد أفعال أقدمت عليها مجموعة مارقة من الجنود أو الوحدات العسكرية». وطالبت المنظمة بمحاكمة قائد جيش ميانمار و12 ضابطا آخرين مسؤولين عن «هجوم ممنهج ومنظم» ضد أبناء الأقلية المسلمة (الروهينغا)، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، داعية إلى عرض القضية على المحكمة الجنائية الدولية. وقالت إن «ثمة كما هائلا من الأدلة يثبت أن تلك الأفعال كانت جزءا من هجوم ممنهج عالي التنسيق استهدف أفراد أقلية الروهينغا».
ويتهم تقرير المنظمة الذي يحمل عنوان «سوف ندمّر كل شيء: مسؤولية الجيش عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في ولاية أراكان»، ويقع في 186 صفحة، بالاسم مسؤولين في الجيش، ويعتمد على صور التقطت بالأقمار الاصطناعية، وكذلك على وثائق سرية لجيش ميانمار.
وذكرت بأن قائد الجيش مين أونغ هلينغ ومسؤولين آخرين توجهوا إلى المنطقة قبل حملة التطهير العرقي، وبعدها من أجل الإشراف على جزء من العمليات. وأشارت إلى أن «قوات الأمن أقدمت على حرق قرى الروهينغا بالكامل أو بشكل جزئي» في مختلف مناطق الولاية.
وأكد ماثيو ويلز المسؤول في المنظمة، كما اقتبست عنه الصحافة الفرنسية، ضرورة «محاسبة من تلطخت أيديهم بالدماء وصولا إلى ضباط الصف الأول في الجيش، وقائد أركانه الفريق مين أونغ هلينغ، على الدور الذي قاموا به في الإشراف على ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية أو المشاركة فيها».
وتدين الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية أخرى منذ أشهر حملة جيش ميانمار، معتبرة أنها «تطهير عرقي»، مطالبة بوقف العمليات العسكرية وإدخال المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، وعودة الروهينغا إلى مناطقهم.
وبين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول) 2017، هرب أكثر من 700 ألف من أفراد هذه الأقلية، ولجأوا إلى بنغلاديش؛ حيث يعيشون في مخيمات بائسة هائلة.
وقال التقرير إن «الآلاف من النساء والرجال والأطفال الروهينغا قتلوا عقب تقييدهم، وإعدامهم بإجراءات موجزة، أو بإطلاق النار عليهم أثناء فرارهم من المنطقة، أو حرقهم أحياءً داخل منازلهم»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه «من الصعب أن يتم تحديد العدد الدقيق لقتلى عملية الجيش تلك». وأضاف أن «قوات الأمن أقدمت على اغتصاب نساء وفتيات من أقلية الروهينغا في قراهن، وأثناء فرارهن باتجاه بنغلاديش».
وأشار التقرير إلى أن «أفراد عائلات بعض ضحايا الاغتصاب قتلوا أمام أعينهن»، في حين «تركت قوات الأمن في قرية واحدة على الأقل ضحايا الاغتصاب داخل البنايات قبل أن تضرم النيران فيها».
وأكدت المنظمة غير الحكومية أنها استمعت لإفادات أكثر من 400 شاهد بين سبتمبر (أيلول) 2017 ويونيو (حزيران) 2018 في بنغلاديش وميانمار. وقالت إن تقريرها يستند إلى هذه الإفادات و«جهود بحثية موسعة أجريت على مدار تسعة أشهر في كثير من المواقع، بما في ذلك داخل ميانمار وبنغلاديش». وأوضحت أنه «يوثّق تفاصيل قيام الجيش بعد 25 أغسطس 2017 بإجبار 702 ألف امرأة ورجل وطفل على الفرار إلى بنغلاديش»، مشيرة إلى أن هذا العدد يشكل ما يزيد على 80 في المائة من سكان الروهينغا في ولاية أراكان الشمالية وقت اندلاع الأزمة. وقد قدمت المنظمة معلومات جديدة عن هرم السلطة العسكرية في ميانمار، وانتشار القوات، وحالات الاختفاء القسري، وأعمال تعذيب.
ونشر هذا التقرير بعد أيام على إعلان فرض عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي وكندا ضد سبعة مسؤولين من ميانمار مكلفين الأمن، ويتحملون في نظرهما مسؤولية انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الروهينغا.
وبعد ساعات أعلن الجيش أن أحد جنرالاته الذين شملتهم هذه العقوبات تم تسريحه؛ لكن الجيش لم يذكر العقوبات بحد ذاتها. وقال أهارون كونيلي الخبير في شؤون جنوب شرقي آسيا في معهد «لاوي» بأستراليا، إنهم «يطردون جنرالات مثل مونغ مونغ سو، ويشكلون لجان تحقيق تفتقد إلى المصداقية». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «لكن أيا من هذه الإجراءات يتمتع بفرض تطبيقه من دون توقيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية». ولزمت السلطات البورمية الصمت الأربعاء حيال تقرير المنظمة.
وفي سياق متصل، بدأت الأمم المتحدة والسلطات في بنغلاديش رسميا تسجيل مئات الآلاف من اللاجئين الروهينغا. وقالت كارولين جلوك، وهي ممثلة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن برنامج التسجيل الذي انطلق بشكل مشترك بين المفوضية وحكومة بنغلاديش هذا الأسبوع، يهدف إلى تأسيس قاعدة بيانات موثوق بها للاجئين الذين يعيشون في مخيمات على الساحل الجنوبي لبنغلاديش.
وقال أبو الكلام مفوض الإغاثة وترحيل اللاجئين في بنغلاديش، إن البيانات التي يُتوقع استكمالها بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) ستتضمن تفاصيل عن أسر وميلاد اللاجئين، وسيتم تشاركها مع ميانمار. وأضاف: «سيساعد هذا على عملية إعادتهم لوطنهم»، مشددا على أن عودة اللاجئين ستكون آمنة وطوعية.
وقالت جلوك إن تسجيل اللاجئين «مهم حتى يستطيعوا الحصول على الخدمات الأساسية... تحتاج وكالات الإغاثة لمعرفة عدد الناس في هذا التجمع السكاني الذين يحتاجون للمساعدة». وفي جنيف طالبت يانجي لي، محققة الأمم المتحدة في حقوق الإنسان بميانمار، الحكومة، أمس الأربعاء «بحل نظام التمييز» بحق أقلية الروهينغا، وإعادة حقهم في المواطنة والتملك.
{العفو الدولية} تطالب بمحاكمة 12 قائداً من جيش ميانمار بتهمة {جرائم ضد الإنسانية}
الأمم المتحدة تبدأ تسجيل اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش
{العفو الدولية} تطالب بمحاكمة 12 قائداً من جيش ميانمار بتهمة {جرائم ضد الإنسانية}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة