ميسي ورونالدو... تناقضات ومشتركات

كاتب سيرتهما يسرد لـ «الشرق الأوسط» تفاصيل عن حياتهما

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

ميسي ورونالدو... تناقضات ومشتركات

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يقدم المؤلف الإنجليزي جيمي بيرنز، الذي كتب سير أخرى لأساطير في كرة القدم، في كتابه «كريستيانو وليو»، قصة اثنين صارا ظاهرتين في كرة القدم، ليس فقط في بلديهما الأرجنتين والبرتغال، وهما كريستيانو رونالدو وليو ميسي.
يسرد بيرنز لقرائه كثيراً من التفاصيل الخاصة بحياة اللاعبين، التي كشفها أشخاص مقربون للغاية منهما، حتى أن القارئ يشعر بأن حياة كل من كريستيانو وميسي تتضمن بعض المصادفات المشتركة، رغم اختلاف شخصية كل منهما عن الآخر.
وأسلوب الكتاب سهل، وهو يناسب كثيراً أجواء بطولة كأس العالم المقامة في روسيا، حيث يعين القارئ على فهم الصورة الكاملة لكل لاعب منهما، والصفات التي جعلت منهما أسطورة.
وهنا... حوار مع المؤلف على هامش الكتاب:

> ما دافعك لتأليف ذلك الكتاب؟
- لقد قمت بتأليف كثير من الكتب: واحد عن سيرة دييغو مارادونا، وكتب أخرى عن فرق «ريال مدريد» و«برشلونة»، وكذلك كتاب عن تاريخ الكرة الإسبانية. وأعتقد أن التطور الطبيعي هو الكتابة عن أعظم لاعبين في عصرنا الحالي لأن المرء لم يشهد من قبل تنافساً بهذا الشكل بين لاعبين على هذا المستوى من الأداء في تاريخ كرة القدم.
> أولاً، كيف لك أن تصف موهبة ميسي وتأثيره على اللعبة؟
- في حالة ميسي، لدينا لاعب ظل يسحر جميع من يراه على مستوى تنافسي في كرة القدم منذ كان في السادسة عشرة من العمر حتى الوقت الحالي، الذي بلغ فيه 30 سنة. فقد بدأ يلعب وهو في السادسة عشرة من العمر في أهم فرق كرة القدم، في برشلونة، إلى جانب لاعبين أكبر منه سناً، وفي نادٍ مهم للغاية، يضم لاعبين رفيعي المستوى ومتميزي الأداء. إذا نظرت إلى أدائه الموسم تلو الآخر، والهدف الذي يسجله بعد الآخر، وما حصل عليه من جوائز، والطريقة التي يسدد بها الأهداف، بل والتي يساعد بها الآخرين في إحراز الأهداف، ومساهمته في فريقه، ستدرك أن استمراره بهذا الشكل وحفاظه على ذلك المستوى معجزة. ونحن نشاهد الآن مباريات كأس العالم في طورها الأول، نتساءل: هل سيحقق ميسي ما ظل يراوغه حتى هذه اللحظة، وهو ما سيصل به إلى مستوى دييغو مارادونا، بل وقد يجعله يتفوق عليه، وهو الفوز بكأس العالم؟
> ماذا عن موهبة كريستيانو؟
- عندما بدأت هذا المشروع، كنت أدرك نمط التناقض بين اللاعبين، ومدى اختلاف شخصيتيهما. التعليق على كريستيانو بأنه أناني ونرجسي، ولا يفكر سوى في ذاته، ليس عادلاً، هناك بعض من تلك الجوانب في شخصيته، لكن هذا الشخص قد ولد في بيئة فقيرة للغاية، وعانت أسرته من ظروف مأساوية، وكان والده مدمناً على الكحول. لقد وصل إلى المكانة التي حققها بإصراره على أن يكون الأفضل. وخذي في اعتبارك أنه ذهب إلى جزيرة صغيرة في المحيط الأطلسي تسمى ماديرا ليس لها علاقة معروفة بكرة القدم، ثم ذهب إلى «بورتو» و«مانشستر يونايتد»، وهو نادٍ من أهم نوادي دوري الدرجة الأولى (الممتاز)، خلال فترة مجد فيرغسون، ثم إلى «ريال مدريد»، الذي يعد واحداً من أهم النوادي في العالم، وقد أثبت ذاته أينما ذهب. كذلك قدم أداء جيداً في منتخب البرتغال، ورغم عدم مشاركته في المباريات النهائية، ألهمهم بالفوز ببطولة أوروبا منذ عامين.
> يصف الخبراء ميسي بأنه أعظم لاعب كرة قدم... هل توافق على ذلك؟
- لا يمكن البتّ في هذا الأمر، فأسلوب ميسي وشخصيته يختلفان تماماً عن أسلوب وشخصية رونالدو. لا يوجد ما يساعد على التمييز بينهما من حيث الإحصاءات. ميسي بلا شك موهبة كبيرة، فحركاته في التعامل مع الكرة، ورؤيته في الملعب، غير مسبوقة، ولا نظير لها.
حين لا يلعب ميسي، يبدو فريق برشلونة وكأنه نصف فريق. ومن الواضح أن الأرجنتين في كأس العالم تعتمد كثيراً على ميسي.
وتتباين الآراء حول ما إذا كان هو أفضل لاعب في عصرنا أم لا، فهو لم يفز ببطولة كأس عالم، وهذا عامل مهم، إلى جانب عامل آخر ينبغي وضعه في الاعتبار، وهو أنه كان دائماً يلعب في الدوري الإسباني فقط، ولم يخض منافسات في أي دوريات أخرى تتضمن تحديات أكبر مثل دوري الدرجة الأولى. كذلك هناك عامل ثالث، وهو أنه كان محاطاً دائماً بلاعبين يتمتعون بمواهب كبيرة، ولم يلعب أبداً في فريق مستوى لاعبيه أقل منه.
> وماذا عن كريستيانو؟
- الطريقة الفنية كلمة مناسبة للحديث عنه، لكنني أعتقد أن هناك عنصراً آخر شديد الأهمية، وهو كونه رياضياً. إنه شخص يعمل منذ سن صغيرة بجد واجتهاد على تحسين لياقته البدنية، وبناء جسمه، والاستعداد للركض بالكرة بسرعة هائلة، ولديه قدرة فائقة على التعامل مع كرات الرأس العالية، والحصول على الكرة في الهواء. إنه قوي البنية، وما يذهلني حقاً هو أن كريستيانو، وهو الآن في الثانية والثلاثين من العمر، يبدو أكثر لياقة عما كان عليه منذ 4 أعوام.
> من الأفضل... كريستيانو أم ميسي؟
- أترك هذا الأمر لقرائي بعد انتهائهم من قراءة الكتاب. سبب ذلك هو أن الكتاب يعد سيرة مزدوجة، وما أحاول القيام به هو إظهار عبقرية كل منهما.
> كيف ترى مستقبل كلا اللاعبين؟
- أعتقد أن هذا وقت مناسب لنشر كتابي لأن هناك شعوراً بأننا نقترب من نهاية حقبة. عليك مشاهدة كريستيانو في «ريال مدريد» خلال الموسم الماضي، وميسي في «برشلونة»، فأداء كل منهما مذهل، وكان إحرازهما للأهداف رائعاً، لكن أحدهما في الثانية والثلاثين، بينما الآخر سيبلغ الواحدة والثلاثين. هناك سؤال واضح، وهو: لكم عدد من المواسم سيتمكنان من الحفاظ على أدائهما المتميز؟ أنا أعتقد شخصياً أن هذا أحد الأمور التي تثير الاهتمام في بطولة كأس العالم الحالية، لأننا سواء رأيناهما مرة أخرى في كأس العالم أم لا، لا أظن أنهما سوف يظلان يتمتعان بالقدرة البدنية اللازمة لتقديم المستوى نفسه من الأداء، أو المشاركة في منتخبي بلديهما في بطولة كأس العالم المقبلة. المثير للاهتمام هو أن علينا الاحتفاء بمشاهدة اللاعبين خلال الأسابيع المقبلة، وربما لموسم مقبل آخر. مع ذلك، ما زلت أعتقد أنهما يستطيعان مفاجأتنا بأدائهما، فمن كان ليتصور لوهلة أن كريستيانو سوف يحرز هدفاً فجأة، مثلما فعل في مواجهة فريق يوفنتوس في دوري الأبطال، وأن يسجل ميسي تلك الأهداف في المباريات الأخيرة من الدوري الإسباني.
> ما الذي ننتظره ونتوقعه من كريستيانو وميسي في المباريات المقبلة؟
- يشارك في بطولة كأس العالم الحالي أهم وأكبر متنافسين في كرة القدم من حيث الإحصاءات والأداء والتحمل والمرونة. لقد شهدنا 10 سنوات، قام خلالها اللاعبان بتقديم أداء متميز في المباريات، فقد تجاوزا وتحديا كل الإحصاءات. وبطبيعة الحال، فإنهما من بين لاعبين كُثر نشاهدهم، لكن للاثنين ملايين المتابعين والمشجعين حول العالم. إن هذا تشجيع يتجاوز حدود الأمم والثقافات والأعراق. لقد متّع اللاعبان كثيراً من المشجعين حول العالم لمدة 10 أعوام. ومن المأمول أن يقدما المزيد من الأداء الممتع، وهذا هو ما أتطلع إليه.


مقالات ذات صلة

كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش
TT

أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش

حصل الكاتب الهندي أميتاف غوش، يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، على جائزة إراسموس لعام 2024 ومبلغ نقدي قدره 150 ألف يورو، لمساهمته الملهمة في موضوع هذا العام «خيال ما لا يمكن تصوره». وذلك من خلال أعماله التي تهتم بمواضيع الساعة؛ من بينها الأسباب الرئيسية لتغير المناخ.

وغوش (ولد عام 1956)، في كلكتا، عالم أنثروبولوجيا اجتماعية من جامعة أكسفورد، ويعيش بين الهند والولايات المتحدة. تتضمن أعماله روايات تاريخية ومقالات صحافية. وتعتمد كل أعماله على بحث أرشيفي شامل، وهي تتجاوز الزمن والحدود المكانية. ومن بين المواضيع الرئيسية، التي يتطرق إليها، الهجرة والشتات والهوية الثقافية، دون إغفال، طبعاً، البعد الإنساني.

في كتابيه الأخيرين «لعنة جوزة الطيب» و«الدخان والرماد: التاريخ الخفي للأفيون»، يربط غوش بين الاستعمار وأزمة المناخ الحالية، مع إيلاء اهتمام خاص لشركة الهند - الشرقية الهولندية.

وكان الاستعمار والإبادة الجماعية، وفقاً لغوش، من الأسس التي بنيت عليها الحداثة الصناعية. علاوة على ذلك، فإن النظرة العالمية، التي تنظر إلى الأرض كمورد، تذهب إلى ما هو أبعد من الإبادة الجماعية والإبادة البيئية. التي تستهدف كل شيء - الناس والحيوانات والكوكب نفسه، والسعي وراء الربح، قد استنزف الأرض وحوّل الكوكب إلى موضوع للاستهلاك.

المخدرات أداة استعمارية

ويدور موضوع كتاب «الدخان والرماد» حول الرأسمالية التي تفتقد أي وازع أخلاقي. وبداية، يفند المؤلف الكتابات التي تدعي أن الأفيون كان يستخدم في الصين بشكل واسع، ويعتبر ذلك من الكليشيهات التي لا أساس لها من الصحة، إذ لم يكن إنتاج الأفيون نتيجة للتقاليد الصينية، بل «كانت المخدرات أداة في بناء قوة استعمارية». وكان النبات يشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد في مستعمرة الهند البريطانية. وفي كتابه «لعنة جوزة الطيب»، يستدعي غوش المذبحة التي اقترفها جان بيترزون كوين (1587 - 1629)، في جزر باندا في عام 1621 للسيطرة على احتكار جوزة الطيب. يطبق قوش الآن هذه الطريقة أيضاً على الأفيون. وكان قد سبق له أن كتب عن تاريخ الأفيون «ثلاثية إيبيس»؛ وتتضمن «بحر الخشخاش» (2008)، و«نهر الدخان» (2011)، و«طوفان النار» (2015). وروى فيها قصة سفينة العبيد، إيبيس، التي كانت تتاجر بالأفيون بين الهند والصين خلال حرب الأفيون الأولى (1839 - 1842).

يقول جان بريمان (1936) عالم اجتماع الهولندي والخبير في مواضيع الاستعمار والعنصرية وما بعد الكولونيالية، عن «لعنة جوزة الطيب»: «ما الذي ألهم هؤلاء الهولنديين من (VOC) شركة الهند - الشرقية، بقيادة كوين لذبح جميع سكان جزر - باندا قبل أربعة قرون؟». هذا السؤال يطرحه أيضاً الكاتب الهندي غوش في كتابه «لعنة جوزة الطيب». علماً بأن جوزة الطيب لا تنمو إلا في هذه الجزر. ويضيف بريمان: «ليس من باب الاهتمام بما نعتبره نحن في هولندا النقطة السيئة في تاريخنا الاستعماري، ولكن لأن، عقلية شركة الهند - الشرقية الهولندية ما تزال منذ 400 عام تحركنا، بل إنها تغرقنا مباشرة في أزمة المناخ. وباختصار، تعتبر قصة الإبادة الجماعية في جزر - باندا بمثابة مَثَل لعصرنا، وهي قصة يمكن تعلم الكثير».

دولة المخدرات لشركة الهند - الشرقية

كانت هولندا أول من اعترف بالقيمة التجارية للأفيون، وهو المنتج الذي لم يسبق له مثيل من قبل. ولضمان توفر ما يكفي من الأفيون للتجارة، تم استخدام المزيد من المناطق في جزيرتي جاوة ولومبوك لزراعة الخشخاش. وتبين أن احتكار شركة الهند - الشرقية للأفيون كان بمثابة إوزة تضع بيضاً ذهبياً، فقد عاد الحاكم العام إلى هولندا في عام 1709 ومعه ما يعادل الآن «ثروة بيل غيتس» وقد يعود جزء من ثروة العائلة الملكية الحالية لهذه التجارة، بحسب غوش، نتيجة استثمارها الأموال في شركات الأفيون. وهكذا أصبحت هولندا «دولة المخدرات الأولى». ولكن تبين أن ذلك كان لا شيء، مقارنة بما فعله البريطانيون في الهند؛ وفقاً لغوش، فقد أتقنوا إدارة أول «كارتل عالمي للمخدرات».

ففي الهند، أجبر البريطانيون المزارعين على تحويل أراضيهم إلى حقول خشخاش والتخلي عن المحصول بأسعار منخفضة. ثم قاموا ببناء المصانع حيث كان على (العبيد) معالجة الأفيون وسط الأبخرة. ولم تكن السوق الهندية كبيرة بما يكفي، لذلك كان على الصينيين أيضاً أن يتكيفوا. ومع ذلك، يبدو أن الصينيين لم يكونوا مهتمين على الإطلاق بالتجارة مع البريطانيين. ويقتبس غوش رسالة من تشيان لونغ، إمبراطور الصين آنذاك، الذي كتب في رسالة إلى الملك البريطاني جورج الثالث في عام 1793: «لم نعلق أبداً أي قيمة على الأشياء البارعة، ولم تكن لدينا أدنى حاجة لمنتجات من بلدك».

لعب الأفيون دوراً مركزياً في الاقتصاد الاستعماري منذ عام 1830 فصاعداً. وتم إنشاء المزيد والمزيد من المصانع في الهند لتلبية احتياجات «المستهلك الصيني»، كما كتب الكاتب البريطاني Rudyard Kipling روديارد كبلنغ عام 1899 في تقريره «في مصنع للأفيون»؛ فرغم الرائحة الخانقة للأفيون، كان «الدخل الكبير» الذي حققه للإمبراطورية البريطانية أهم.

تضاعفت مساحة حقول الخشخاش في الهند إلى ستة أضعاف. ويوضح غوش بالتفصيل ما يعنيه هذا لكل من المجتمع الهندي والطبيعة في القرون التي تلت ذلك. فلا يحتاج نبات الخشخاش إلى الكثير من الرعاية فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى الكثير من الماء، مما يؤدي إلى الجفاف واستنزاف التربة. كما شكلت تجارة الأفيون جغرافية الهند المعاصرة بطرق أخرى. وأصبحت مومباي مدينة مهمة كميناء عبور للأفيون في عهد البريطانيين. ولا تزال المناطق التي تم إنشاء معظم حقول الأفيون فيها في ذلك الوقت من بين أفقر المناطق في الهند.

يوضح قوش كيف يعمل التاريخ، وبالتالي يميز نفسه عن معظم الكتاب الذين تناولوا الموضوع ذاته.

كما أنه يرسم أوجه تشابه مع الحاضر، التي لا يجرؤ الكثير من المؤلفين على تناولها. ووفقاً له، لا توجد مبالغة في تقدير تأثير تجارة الأفيون الاستعمارية على الأجيال اللاحقة. فما أنشأه البريطانيون في المناطق الآسيوية لا يختلف عن عمل منظمة إجرامية - حتى بمعايير ذلك الوقت، كما يكتب غوش، وهذا ما زال قائماً.

إن رؤية ذلك والاعتراف به أمر بالغ الأهمية لأولئك الذين يرغبون في العمل من أجل مستقبل أفضل.

يوم أمس منح ملك هولندا ويليام ألكسندر جائزة إيراسموس لأميتاف غوش في القصر الملكي في أمستردام، تقديراً لعمل غوش، الذي يقدم، بحسب لجنة التحكيم، «علاجاً يجعل المستقبل غير المؤكد ملموساً من خلال قصص مقنعة عن الماضي، وهو يرى أن أزمة المناخ هي أزمة ثقافية تنشأ قبل كل شيء من الافتقار إلى الخيال».