معاناة العائدين من شبعا اللبنانية... تحبط الباقين

{الشرق الأوسط} ترصد أوضاع السوريين الهاربين من بيت جن

عمر الساعدي (58 عاماً) نازح يرعى نساء وأطفال العائلة في شبعا بعد مقتل اثنين من أبنائه بسبب الحرب
عمر الساعدي (58 عاماً) نازح يرعى نساء وأطفال العائلة في شبعا بعد مقتل اثنين من أبنائه بسبب الحرب
TT

معاناة العائدين من شبعا اللبنانية... تحبط الباقين

عمر الساعدي (58 عاماً) نازح يرعى نساء وأطفال العائلة في شبعا بعد مقتل اثنين من أبنائه بسبب الحرب
عمر الساعدي (58 عاماً) نازح يرعى نساء وأطفال العائلة في شبعا بعد مقتل اثنين من أبنائه بسبب الحرب

لا يكترث عمر الساعدي (58 عاماً) للدعوات المتزايدة الموجهة للسوريين النازحين في بلدة شبعا الحدودية مع سوريا، في جنوب شرقي لبنان، المطالبة بالعودة إلى بلدة بيت جن السورية، إثر استعادة النظام السوري سيطرته على البلدة الواقعة في جنوب غربي دمشق. بالنسبة إليه «لا شيء يشجع على العودة، بل ستزداد حالتي سوءاً»، بالنظر إلى غياب أي داعم أساسي للأسر المعدومة في بلدته السورية، حتى الآن، وهو في حاجة ماسة لدواء، له ولزوجته، ولشقيقتين طاعنتين في السن تحتاجان الدواء أيضاً، ولـ4 أطفال أيتام من أحفاده يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام.
في منزل يسكنه 25 شخصاً، بينهم رجل واحد مريض هو عمر الساعدي، يمكث أيتام ومرضى. يصمد الساعدي في شبعا، من غير أن يتخذ قراراً بالمغادرة حتى الآن، ذلك أنه «من الصعب أن يعيل رجل واحد (ابنه الثالث الوحيد الباقي على قيد الحياة في العائلة) 10 أنفس، مرضى وأطفال»، علماً بأن الولد الباقي يعمل راعياً للماعز في بيت جن، ويرى أن العودة ستكون أكثر معاناة من معاناته هنا، حيث يتوجب تأمين دواء له ولزوجته بنحو 100 دولار شهرياً. ومع ذلك، لا يحمل بعض الأطفال أوراقاً ثبوتية، ما يعني أنه تستحيل عودتهم من دون باصات خضراء.
والساعدي ليس النازح الوحيد الذي تراجعت حماسته للعودة إلى بيت جن، بعد نحو شهرين على عودة الدفعة الأولى من النازحين إلى شبعا، البالغ عددها 482 شخصاً. فالأنباء التي تصل من بيت جن «غير مشجعة»، وهي العبارة التي تتردد على ألسن كثير من النازحين الذين يجمعون على أن بلدتهم «ينهشها الغلاء» و«تغيب فيها أي فرص للعمل»، فـ«البساتين يبست جراء الإهمال، ولا أفق لمساعدات أممية للعائدين»، في ظل معاناة الجميع من الفقر وسوء الأحوال، فضلاً عن المخاوف من اقتياد النظام السوري المطلوبين للخدمة الإلزامية.
لكن هذا الواقع يخالفه الراغبون بالعودة، مستندين إلى تجربة من سبقهم إلى بيت جن. ويسأل نازح يرغب بالعودة: «هل اقتاد النظام أياً من العائدين المطلوبين للخدمة، أو من المنشقين السابقين عن قواته؟»، من غير أن ينفي البطالة والغلاء في بلاده، وهي «واقع موجود في كل مكان».
وشبعا تحولت إلى وجهة للنازحين السوريين منذ بدء الحرب السورية، من بيت جن البعيدة مسافة 11 كيلومتراً إلى الضفة السورية، وقد بدأت باستقبال النازحين الذين وصلوا إليها سيراً على الأقدام وعلى ظهور البغال عبر طريق جبلي، توقفوا خلاله عند حاجز قوات الأمم المتحدة العاملة في الجولان (أندوف) التي زودتهم بالماء، وتحت أعين القوات الإسرائيلية في هضبة الجولان التي «لم تطلق النار علينا»، بحسب ما يقوله نازح، وذلك قبل الوصول إلى الأراضي اللبنانية حيث لم يمانع الجيش اللبناني عبورهم في ذلك الوقت، واستقبلتهم سيارات من أهالي شبعا نقلتهم إلى البلدة.

دفعة جديدة من العائدين
وأقلت 16 حافلة سورية، في أبريل (نيسان) الماضي، 482 نازحاً من بلدة شبعا وبعض قرى العرقوب المجاورة في جنوب لبنان إلى بلدتيهم، في بيت جن ومزرعتها في المقلب الشرقي من جبل الشيخ، المحاذية لهضبة الجولان المحتلة. وتحدث النازحون العائدون عن «ضمانات تلقوها بعدم اقتياد المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية».
ولا يبالي الراغبون بالعودة في الدفعة الثانية، المتوقع عودتها في يوليو (تموز) المقبل إلى بيت جن، بالأنباء الواردة من الضفة السورية. فالنازح السوري أسعد قبلان يتحضر للعودة مع أفراد عائلته الخمسة وأطفالهم إلى بلدته السورية، رغم الأنباء عن تردي الأحوال في المنطقة السورية، ويقول: «سأعود مع بناتي الثلاث وابني الاثنين، وهما مطلوبان للخدمة الإجبارية». وإذ ينفي تلقيه ضمانات من دمشق حول اقتياد ابنيه (مواليد 1993 و1995) للخدمة الإلزامية، يكتفي بالقول: «سعري من سعر هالناس».
ويبدو قبلان متحمساً للعودة في الدفعة الثانية من المغادرين، ويقول: «البطالة التي يتحدثون عنها موجودة في كل مكان. أملك مساحة زراعية سأستصلحها وأتعيش منها، وأعمل فيها مع عائلتي»، لافتاً إلى وجود «ورشة إعادة إعمار في المنطقة لإصلاح البيوت المتضررة جراء الحرب»، ومشيراً إلى أن منطقة بيت جن ومزارعها «تتألف من آلاف الهكتارات الزراعية، وبساتين الزيتون والتفاح، التي تحتاج إلى رعاية لتجدد إنتاجها»، ومضيفاً: «الأفضل أن نعمل في أرزاقنا، ونستعيد حياتنا من جديد، بعد استقرار الوضع الأمني، عن أن نعمل في أرزاق الناس هنا».
وأنتجت جهود الدولة اللبنانية في تشجيع العودة الطوعية للنازحين إلى سوريا جدلاً واسعاً، وصل إلى حد الصدام بين وزارة الخارجية اللبنانية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على ضوء الاتهامات الموجهة للمفوضية بـ«تخويف النازحين» من العودة، علماً بأن المفوضية قالت إنها معنية بالشأن الإنساني فقط.
وكان رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، قد أكد بعد الاجتماع الدوري الأخير لتكتل «لبنان القوي» أن «ملف النزوح يزيد الأزمة الاقتصادية»، وقال: «لن يقوم لبنان اقتصادياً بوجود مليوني شخص، إضافة إلى اللبنانيين». وأضاف باسيل: «لم نطلب يوماً الترحيل القسري للشعب السوري، بل تطبيق القانون. وإذا كانت هناك جهة لا تريد التنازل، لأن هناك اتفاقاً سياسياً لم يعد قائماً، فلا أحد يستطيع أن يرغمها».
ولا ينفي النازحون في شبعا أن ممثلي المفوضية أبلغوا النازحين قبل مغادرة الدفعة الأولى بالوقائع القائمة. ويقول نازح رفض الكشف عن اسمه: «تم إبلاغنا بالواقع الذي يعاني منه العائدون اليوم لجهة البطالة وغلاء الأسعار وغياب المساعدات»، مضيفاً: «العائدون يؤكدون ذلك حين نتواصل معهم، وبعضهم نادم على العودة المبكرة قبل أن تتحسن ظروف الحياة».
ويتواصل سوريون موجودون في المنطقة مع النازحين الراغبين بالعودة، يسجلون أسماءهم ويقدمون القوائم للأمن العام اللبناني لترتيب إجراءات العودة لدى اكتمال الترتيبات. وبعد مغادرة الدفعة الأولى، لم تكتمل الدفعة الثانية بعد. ويقول نازح معني بالتواصل مع السوريين إن الأرقام الأولية «لا تزال مسودات، قابلة لتكون أقل أو أكثر»، وإنها حتى الآن «بالمئات»، مشدداً على أن مهمته «تقتصر على تسجيل الأسماء وتقديمها للأمن العام»، ومؤكداً أن مهمته ليست أكثر من «همزة وصل بين النازحين الراغبين بالعودة والسلطات المعنية بالترتيبات».
وفي حين تتحدث معلومات عن تخويف وتهديد يُمارس بحق المتراجعين عن تسجيل أسمائهم للعودة، يؤكد أن تلك المعلومات «عارية عن الصحة»، وهي «اتهامات غير صحيحة لأن النازحين غير مجبرين، وهي عودة طوعية في حال كان أحدهم راغباً»، مضيفاً: «لا صفة أمنية لي، أنا مجرد همزة وصل، والدليل أن الذين سجلوا أسماءهم قبل المغادرة في الدفعة الأولى كانوا أكثر من 500 شخص، وتراجع بعضهم عن العودة لأسباب شخصية، وكان له حرية الخيار».

العودة طوعية... وملاحظات
يكاد يجمع المعنيون بالملف على أن العودة طوعية، وأن أحداً لم يضغط على أحد لإجباره على العودة، رغم بعض الملاحظات التي يسجلها معنيون أيضاً ساهموا في إغاثة النازحين منذ عبورهم إلى شبعا قبل 5 سنوات، ولا يزالون يقدمون المساعدة لهم.
يقول مدير «الجمعية الإسلامية في شبعا»، محمد الجرار، إننا مع عودة النازحين السوريين، ولكن «مع عودة مشرفة وبكرامة»، مضيفاً: «أغلب الموجودين هنا بيوتهم مدمرة في سوريا، فضلاً عن أنه لا سبيل للعمل هناك، ولا يستطيعون أن يتحركوا بحرية في قراهم بسبب حواجز النظام»، متابعاً: «بعد أشهر قليلة، سيدخل الشتاء، ولا مراكز إيواء تحميهم».
وعما إذا كان البعض يتعرض لتهديدات وضغوط، يقول الجرار: «بعض الراغبين بالعودة قالوا إنهم ينوون الذهاب لرؤية أملاكهم، ودراسة واقع الحال وإمكانية العيش، لكن قيل لهم: إذا غادرتم لا يمكن لكم العودة، بينما البعض الآخر يرغب بالعودة لأن وضعه هنا صعب، ولا يستفيد من الأمم المتحدة، ويدفع الإيجارات. وهناك فئة ثالثة ترغب بالعودة، فضلاً عن المحسوبين على النظام»، ويضيف: «للأسف، الذين غادروا لا يشجعون المنتظرين هنا على العودة، بالنظر إلى أنه لا فرص عمل، ولا مدارس ولا إنشاءات، إضافة إلى الغلاء الكبير بالمعيشة».
ولا ينفي الجرار أن تصريحات وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل بخصوص النازحين، وتأكيده أنه «لا عودة عن العودة»، أشعر الناس بحالة من الرهبة النفسية والمخاوف من إعادتهم بالقوة أو التضييق عليهم، فضلاً عن «شائعات يطلقها سوريون تدخل في إطار الترهيب النفسي، تتحدث عن تغييرات بالهويات السورية، ما يضعهم تحت خطر فقدان الجنسية في وقت لاحق». وإذ انتقد مبادرة بعض السوريين لتسجيل الأسماء، طالب بأن يُحصر التسجيل «بالسلطات الرسمية اللبنانية، كالأمن العام أو البلديات، ومنع أي أحد غير رسمي من التدخّل بالموضوع، وذلك لمنع المقربين من النظام من بث الشائعات أو فرض ضغوط نفسية على النازحين وتخويفهم».

ضغوط على المجتمع المضيف
وتظهر ملامح الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بسهولة في شبعا. فالبلدة التي يسكنها في الشتاء نحو 8 آلاف شخص، و15 ألف صيفاً، استقبلت 8 آلاف سوري منذ بدء الحرب السورية، غادر منهم 482 في أبريل الماضي.
ويؤكد رئيس بلدية شبعا، محمد صعب، أن البلدية والفعاليات والأهالي «لم يترددوا منذ بدء وصول النازحين في رعايتهم ومساعدتهم واستقبالهم»، لكنه لا ينفي الضغوط الاقتصادية التي ترتبت على وجود أكثر من 7 آلاف نازح في البلدة، ويقول: «على سبيل المثال، كان عدد عمال النظافة في البلدية 7 موظفين قبل وصول النازحين. أما الآن فهناك 25 موظفاً، وهي تكلفة إضافية على البلدية»، فضلاً عن الضغوط في الخدمات، التي تشمل التغذية الكهربائية ومياه الشفة والنفايات وإمدادات الصرف الصحي. ويضيف: «الدول المانحة أعطت تقديمات للنازحين، لكنها لم تساهم في تنمية المجتمع المضيف هنا»، مشدداً على أن البلدية «تعمل باللحم الحي، وتمارس تقشفاً لخدمة الجميع»، لافتاً إلى أن التغذية الكهربائية عبر المولدات التي يدفع أبناء شبعا اللبنانيين بدلاً شهرياً لها «تقدم للسوريين بالمجان»، في حين تعمل البلدية على تنفيذ مشاريع تنموية، مثل توسعة الطرقات «لاستيعاب الضغط الجديد على الطرقات»، وحفر آبار لمياه الشفة، وتأمين الكهرباء حين تنقطع كهرباء الدولة، وتوسعة شبكات الصرف الصحي، وذلك «للتعامل مع الواقع المستجد، وإدارة الأزمة بجهود فردية، رغم الثقل الاقتصادي على البلدية وعلى المجتمع المضيف».
ويقيم هؤلاء في منازل يملكها لبنانيون، وتؤهلها الأمم المتحدة، لقاء مكوث السوريين فيها لفترة مؤقتة، ويستأجر سوريون آخرون بيوتاً يقطنون فيها. كما وفّرت «الجمعية الإسلامية» منازل لعائلات عاجزة ومعدومة، وآوت أيتاماً فيها بالمجان.
وتمثل عائلة عمر الساعدي واحدة من تلك العائلات. ويقضي الساعدي يومياته في شبعا مراقباً 4 أطفال من أحفاده يلهون أمام المنزل، فقد بات معيلاً لـ4 أطفال «تيتموا باكراً». وهو، على كبر سنّه ومعاناته الصحية، تحمّل مسؤولية رعاية متأخرة لأطفال قضى آباؤهم بسبب الحرب، ونزحوا وأمهاتهم إلى البلدة الحدودية، وباتوا أيتاماً لأبوين؛ أحدهما قتل بسقوط قذيفة على منزله في بيت جن، والثاني قتل حين علق بالثلج في أثناء محاولاته الفرار إلى شبعا في شتاء 2014.



حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
TT

حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)

دفع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في شرق اليمن بدعم إماراتي، تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى اللجوء إلى مسار الحزم لفرض الاستقرار السياسي والأمني في اليمن بعد أسابيع من محاولات لنزع فتيل الأزمة، حيث نفذ التحالف، الثلاثاء، ضربة جوية وقائية لاستهداف شحنة عسكرية غير قانونية في ميناء المكلا، بالتزامن مع التشديد على ضرورة خروج قوات أبوظبي من اليمن خلال 24 ساعة والتوقف عن تسليح أي طرف استجابة لطلب القيادة اليمنية الشرعية.

وفي حين جددت السعودية، التزامها بأمن اليمن واستقراره، وسيادته، ودعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، عبرت في بيان لوزارة خارجيتها عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، تُعد تهديداً للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة.

وقالت وزارة الخارجية السعودية «إن تلك الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تُعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره».

المجلس الانتقالي الجنوبي يحاول إخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (رويترز)

وأكدت السعودية في هذا الإطار أن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده.

وجددت الرياض تأكيدها أن «القضية الجنوبية» في اليمن قضية عادلة، لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل في اليمن، الذي ستشارك فيه جميع الأطياف اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي.

وشددت الخارجية السعودية على أهمية استجابة الإمارات لطلب اليمن بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن.

وقال البيان إن السعودية تأمل أن تسود الحكمة وتغليب مبادئ الأخوة، وحسن الجوار، والعلاقات الوثيقة التي تجمع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصلحة اليمن، وأن تتخذ الإمارات الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها، والعمل المشترك نحو كل ما من شأنه تعزيز رخاء وازدهار دول المنطقة واستقرارها.

ضربة وقائية محدودة

في سياق الإجراءات الوقائية لحماية المدنيين، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن قوات التحالف الجوية، قامت صباح الثلاثاء، بتنفيذ عملية عسكرية «محدودة» استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت بميناء المكلا بمحافظة حضرموت.

وأوضح المالكي أنه في يومي السبت والأحد، الموافق 27-28 ديسمبر (كانون الأول) 2025، تم دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف.

وأشار المتحدث باسم التحالف إلى أن طاقم السفينتين قام بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين، وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، مما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍّ سلمي، وكذلك انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015.

لقطة جوية لشحنة عسكرية وصلت إلى ميناء المكلا لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ب)

وقال المالكي: «استناداً لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لقوات التحالف باتخاذ جميع التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء (المكلا)، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

خفض التصعيد

أكد المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، تركي المالكي، استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي حضرموت والمهرة، ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف إنجاح جهود السعودية والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع.

المجلس الانتقالي الجنوبي نفذ تصعيداً عسكرياً أحادياً في حضرموت والمهرة (أ.ف.ب)

وكان التحالف دعا قبل تنفيذ الضربة جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكداً أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعياً الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.


مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

أكد مسؤول يمني أن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي جاءت للحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية، ومواجهة خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً.

وأوضح الدكتور متعب بازياد نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني أن قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، باركت جهود الأشقاء في السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم.

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «الأخ الرئيس كان طيلة الفترة الماضية يكرّس في كل اللقاءات والمناسبات، وحتى في أوج الخلاف بين القوى السياسية، أهمية الحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية في الوعي العام وعقل الدولة، وقاتل قتالاً شرساً دون اهتزاز هذا المركز، كأهم أعمدة مظاهر السيادة ووحدة القرار والسيادة».

وقال: «من هذا المركز استمدّت القرارات التي تتحدث عنها اليوم قوتها ومشروعيتها، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية له سلطات واسعة تكفي لاتخاذ ما يلزم بشأن الحفاظ على وحدة البلاد والذود عن سيادتها وسلامة أراضيها وحياة الشعب وكرامته».

استخدام القوة خارج القانون

أشار الدكتور بازياد إلى أن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية منذ الوهلة الأولى، جاء بطلب الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس السابق، ولتحقيق أهداف محددة، أبرزها حماية مسار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن من تغوّل أي طرف يستخدم القوة العسكرية لفرض رؤيته أو مشروعه السياسي للحل دون إرادة الشعب، وخلافاً للمسار السلمي الذي حددته المرجعيات السياسية الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة).

وتابع: «في تلك اللحظة التي انقلب فيها الحوثي وصالح على هذا المسار السلمي، تشكّل في اليمن مشهد ميليشيات منفلتة هدّدت حياة اليمنيين، كما زعزعت الأمن والسلم في الجوار والمنطقة، واليوم يتشكّل مشهد مشابه في استخدام القوة خارج القانون وخارج أطر المؤسسات الدستورية لفرض مشروع سياسي يهدد وحدة البلاد ويزعزع الأمن والسلام في أجزاء واسعة من اليمن، المحافظات الشرقية على وجه التحديد».

وبحسب نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني فإن «وجود قوات متمردة في هذه المناطق الشرقية يمثل أيضاً حساسية خاصة لأمن واستقرار الأشقاء في المملكة وسلطنة عُمان، اللتين أبدتا قلقهما الواضح جراء تدهور الوضع الأمني في حضرموت والمهرة وعلى الحدود».

مواجهة خطر داهم

يؤكد الدكتور متعب بازياد أن «المملكة العربية السعودية، كقائدة لتحالف دعم الشرعية، إلى جانب قيادة الدولة اليمنية، كانتا أمام خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً، وأيضاً أمام تهديد عابر للحدود، فكانت قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، التي باركت جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم».

وأضاف: «المملكة تقوم بدور مقدّر في هذا الميدان انطلاقاً من التزامها السياسي والأخلاقي بقيادة مساعي إحلال السلام في اليمن».

عربات عسكرية محترقة جراء الضربة التي نفذها تحالف دعم الشرعية في اليمن ضد دعم عسكري خارجي في ميناء المكلا فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

مخرجات الحوار الوطني

أوضح الدكتور متعب أن المحافظات الشرقية (حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى) التي توصّل أبناؤها إلى صيغة تكامل فيما بينها من خلال إقليم فيدرالي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل، تُعدّ أكثر جهات اليمن تقبّلاً لحضور الدولة وثقافة القانون، وهذه بيئة مناسبة للمساهمة في بناء مشروع وطني جامع انطلاقاً منها.

وقال: «أعتقد أن هذه فرصة سانحة أن تلتفت الدولة اليمنية لمطالب هذه الجهة وتطلعات أبنائها التي لا تختلف عن تطلعات سائر اليمنيين في بناء دولة اتحادية تقوم على مبدأ الشراكة في السلطة والتوزيع العادل في اقتسام الثروة والموارد».

وختم حديثه بالقول: «هذه الخطة - مخرجات الحوار الوطني - يساهم تحالف دعم الشرعية في دعمها ورعاية مسارها السلمي، ومعه المجتمع الدولي أيضاً، الذي ينشد أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم التي يقع اليمن في قلبها».


العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

TT

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الالتزام بحماية المدنيين وصون المركز القانوني للدولة ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن ويقوّض فرص السلام.

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه، حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

توضيح الموقف

أوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا، «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، وُصفت بأنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأشار رئيس «مجلس القيادة» إلى أن «الدولة حققت خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، إنجازات ملموسة في مكافحة الإرهاب، شملت تفكيك خلايا إرهابية وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، إلى جانب نجاحات متقدمة في مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات». وأكد أن مكافحة الإرهاب قرار سيادي تمارسه مؤسسات الدولة المختصة، وأنه لا يجوز استخدامه ذريعة لتبرير التصعيد أو فرض وقائع خارج إطار الشرعية.

معدات وآليات عسكرية في ميناء المكلا قدمتها الإمارات لـ«الانتقالي» دون إذن «التحالف» والشرعية (أ.ف.ب)

وبشأن حضرموت، أكد العليمي أن إجراءات إعادة التموضع في وادي حضرموت كانت في مراحلها الأخيرة ضمن خطة انتشار لقوات «درع الوطن»، أُقرت من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وصدّق عليها شخصياً، وبما يحقق الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى أي تصعيد عسكري. وأضاف أن رئاسة الدولة، «حرصاً منها على تغليب الحلول السياسية، وجّهت بتشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، غير أن هذه الجهود قوبلت بالتعطيل والإصرار على المضي في مسار التصعيد».

تحكيم العقل

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني دعوته قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تحكيم العقل وإعلاء المصلحة العليا للشعب اليمني، وإلى تسريع انسحاب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة دون قيد أو شرط، محذراً بأن استمرار التصعيد أفضى إلى إهدار مكاسب سياسية واقتصادية وتنموية، وفاقم من معاناة المواطنين.

وأكد العليمي أن الدولة ستواجه أي تمرد على مؤسساتها بحزم، وفقاً للدستور والقانون وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك رفع أي غطاء سياسي عن مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن دماء اليمنيين «خط أحمر» لا تهاون فيه.

مسلح من أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ«الدور الأخوي الذي تضطلع به السعودية في دعم اليمن وشرعيته الدستورية وقيادة جهود خفض التصعيد، انطلاقاً من المصالح والتحديات المشتركة»، مؤكداً أن هذا الدعم سيظل محل وفاء وتقدير في الذاكرة الوطنية. وفي المقابل، أعرب عن «أسف بالغ للدور الإماراتي المتزايد في دعم تمرد المجلس الانتقالي»، مستشهداً ببيان «قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية» بشأن شحنات سلاح وعتاد عسكري وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح، وما تضمنه من دلائل على تقويض سلطة الدولة وتهديد وحدة الجمهورية وسلامة أراضيها.

وشدد العليمي على أن اليمن لا يحتمل فتح جبهات استنزاف جديدة، وأن طريق الخلاص تكمن في دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والشراكة في السلطة والثروة، والسلام، واحترام مبادئ حسن الجوار.