«أطباء بلا حدود»: حفر الخنادق يحاصر المدنيين

حذرت من عرقلة تنقل سيارات الإسعاف وعلاج المصابين

TT

«أطباء بلا حدود»: حفر الخنادق يحاصر المدنيين

شرع الحوثيون في حفر خنادق وبناء سواتر ونشر مقاتلين قرب مناطق المدنيين كالأحياء السكنية والمستشفيات والفنادق في مدينة الحديدة الساحلية غرب اليمن، وهو ما دفع بمنظمة أطباء بلا حدود إلى أن تعبر عن قلقها العميق لهذه التصرفات التي أدت إلى تضرر شبكة المياه وبات الناس يعانون من نقص في المياه.
المنظمة قالت في بيان لها أمس إن تقطيع الشوارع وحفر الخنادق وبناء السواتر المتواصل سيزيد من خطورة تنقل المدنيين ومحاصرتهم، كما يمنع مرور سيارات الإسعاف لإنقاذ أي حالة صحية داخل أحياء المدينة.
وأضاف البيان أن «معظم واردات اليمن بما في ذلك المساعدات الإنسانية تمر عبر ميناء الحديدة، ما يجعله شريان حياة لليمنيين الذين يعيشون في المناطق الشمالية من اليمن ولاستمرار الإغاثة الإنسانية، الميناء في الوقت الحالي قيد العمل، لكنه إذا أغلق أو تضرر أثناء المعارك فقد يكون لذلك أثر كبير على العمليات الإنسانية وعلى أسعار المواد الحيوية كالطعام والوقود».
وبحسب كارولين سوغان، مديرة برامج أطباء بلا حدود، فإن المعارك بين قوات الحكومة الشرعية والحوثيين على بعد بضعة كيلومترات جنوب مركز المدينة، وأضافت: «من الصعب تقدير عدد الذين خرجوا من المدينة حتى الآن، داخل الحديدة شوهدت تحركات سكانية من جنوب المدينة باتجاه شمالها. وبعض الأسر النازحة ذهبت أبعد من ذلك إلى محافظتي ذمار وإب المجاورة وأيضاً إلى العاصمة صنعاء، حيث بإمكانها أن تستأجر بيوتاً أو أن تسكن مع أقاربها، منذ بداية الحرب ارتفعت أسعار الوقود بما يزيد على الضعف، لذلك فالخروج من المدينة يكلف الناس الكثير من المال».
وأفادت سوغان بأن فرق أطباء بلا حدود تقوم بمساعدة المستشفيات على علاج جرحى الحرب في مدينة الحديدة ومدينة المخا ومديرية فرع العدين، كما تقدم المواد الطبية وتدرب الكوادر الطبية. وأردفت «في الحديدة أرسلت أطباء بلا حدود أجهزة طبية إلى مستشفى الثورة وهو المستشفى الرئيسي في المحافظة يعالج نحو 80 في المائة من سكان الحديدة، وسنقوم أيضاً بإنشاء مستشفى ميداني قرب المخا، التي تبعد عن الحديدة 180 كيلومتراً إلى الجنوب، وقد وردنا من الكوادر التي نعمل معها أن ما بين 30 – 60 جريحاً يأتون يومياً إلى مستشفى المخا من مناطق الجبهات 60 في المائة منهم حالاتهم طارئة».
وتابعت: «تستجيب فرقنا الطبية في مستشفى عدن لتدفق الجرحى من مناطق جبهات الحديدة وتعز، كما تقوم الآن بزيادة سعة المستشفى من 80 سريراً إلى 110 أسرة، وإنشاء خيم إضافية تتيح علاج المزيد من المرضى، ومنذ أن بدأت الاشتباكات في مايو (أيار)، يعمل المستشفى بأقصى طاقته وقد تم علاج أكثر من 150 مصاباً من مناطق الجبهات».
ووفقاً لكارولين سوغان من بين الجرحى ما نسبته 15 في المائة من الأطفال واليافعين دون سن الـ15، كما أن 80 في المائة من الجرحى مصابون بعيارات نارية أو بإصابات ناجمة عن قصف أو انفجارات قنابل وألغام، ويُضطر هؤلاء الجرحى إلى قطع رحلة مدتها ست ساعات للوصول إلى عدن، وغالباً ما يكونون في وضع حرج. وكان شهود من نازحي الحديدة أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس أن الجماعة الحوثية، منعت النزوح نحو المناطق الخاضعة للشرعية، وأجبرت المئات منهم على العودة أدراجهم تجاه المناطق الخاضعة للجماعة، لافتين إلى طلب الميليشيات من المواطنين النزوح نحو صنعاء أو إب أو ذمار، حيث تخطط الميليشيات لإقامة مخيمات للنازحين، من أجل استقطابهم وحضهم على القتال في صفوفها مقابل ما ستقدمه لهم الجماعة من المساعدات الغذائية المقدمة عبر المنظمات الدولية.
وبحسب مراقبين حقوقيين وناشطين فإن الجماعة الحوثية تسعى إلى المتاجرة بمعاناة النازحين لدى المنظمات الدولية في سياق جهودها الرامية إلى وقف العمليات العسكرية التي تقودها القوات الحكومية بإسناد من تحالف دعم الشرعية لتحرير الحديدة والسيطرة على مينائها.
إلى ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أمس (الثلاثاء) من تفاقم الوضع الإنساني والصحي المتدهور جراء تصاعد القتال في محافظة الحديدة في غرب اليمن.
وتتعنت الميليشيات الانقلابية في اليمن أمام كافة المقترحات والحلول التي تطالبها منذ العام 2015 بالخروج من المدينة وتسليمها للحكومة الشرعية، وهو ما أورده القرار الأممي رقم 2216. وما أعقبها من مبادرات أممية قادها مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ويواصلها حتى اليوم المبعوث الحالي مارتن غريفيث.
وقالت منظمة الصحة العالمية في تقرير نقلته وكالة الأنباء الألمانية إن محافظة الحديدة، تعاني بالفعل من أعلى معدلات سوء التغذية في اليمن، وأن تصاعد القتال هناك قد يزيد من عدد الحالات المصابة بسوء التغذية. وأضافت أن «منظمة الصحة العالمية، استجابت لمعالجة حالات سوء التغذية الحاد في الحديدة، مشيرة إلى أن هناك سبعة مراكز تغذية علاجية تعمل بكامل طاقتها في المحافظة». وأفادت بأن «القتال في الحديدة، استمر على نطاق أقل حدة، مع انخفاض في التأثير على الصحة العامة في المحافظة».
وأعلنت تواصل القتال في عدة مديريات جنوب محافظة الحديدة، وأن السلطات المحلية أبلغت عن وصول 800 أسرة، إلى مديرية المراوعة في المحافظة. وأشارت إلى أن «نازحين وصلوا إلى العاصمة صنعاء قادمين من مدينة الحديدة، غير أن مجموع الأرقام غير متوفرة حتى الآن»، الأمر الذي يؤكد صحة ما أورده النازحون من منع الحوثيين توجههم إلى مناطق الشرعية.
ولفتت المنظمة العالمية إلى أن «الشركاء في العمل الإنساني، زادوا من أنشطة الاستجابة السريعة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب إلى المحتاجين».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.