برامج وزارة الإسكان السعودية تضغط على أسعار العقار وتحفز زيادة التملك

توقع المزيد من نشاط القطاع يشهد في النصف الثاني من العام

يتوقع أن تتراجع أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى 20% في مناطق عدة (تصوير: خالد الخميس)
يتوقع أن تتراجع أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى 20% في مناطق عدة (تصوير: خالد الخميس)
TT

برامج وزارة الإسكان السعودية تضغط على أسعار العقار وتحفز زيادة التملك

يتوقع أن تتراجع أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى 20% في مناطق عدة (تصوير: خالد الخميس)
يتوقع أن تتراجع أسعار الإيجارات بنسبة تصل إلى 20% في مناطق عدة (تصوير: خالد الخميس)

ينتظر أن يشهد النصف الثاني من العام الحالي 2018 المزيد من النشاط العقاري السكني، الذي تقوده وزارة الإسكان بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، والتي تتولى تنفيذ برامج الوزارة في تأمين منتجات الدعم السكني للأفراد، في الوقت الذي اعتبرت إجازة عيد الفطر التي انقضت قبل أيام، بمثابة فترة راحة وهدوء، ستتبعها فترة مليئة بالنشاط العقاري في جميع مناطق البلاد، وبخاصة تلك المليئة بالكثافة السكانية مثل الرياض والمنطقة الشرقية وجدة.
ووفقاً للمختصين الذين أكدوا أن نشاط الوزارة يضغط بشكل مباشر على أسعار العقارات بمختلف منتجاتها، في الوقت الذي شهدت تضخماً خلال سنوات ماضية؛ كونها واحداً من القوالب الاستثمارية المهمة عند الأفراد؛ مما تسبب في فجوة كبيرة بين القدرة الشرائية وبين أسعار العقار في البلاد، في حين تشهد تداولات العام الحالي استقراراً نسبياً مع تباطؤ الطلب خلال الفترة الحالية.
وقال العقاري عماد محمد، إن «إجازتي عيدَي الفطر والأضحى في كل عام، غالباً ما تشهدان هدوءاً في نشاط القطاع العقاري، الذي يستثمر العاملون فيه هذه الفترة للتخطيط والتجهيز والإعداد لتكثيف النشاط بعد الإجازة مباشرة».
وأضاف عمار: «إجازة عيد الفطر لهذا الموسم امتدت نحو أسبوعين في القطاع العام، ولمدة أسبوع في القطاع الخاص، وخلال هذه الفترة، اتسم الأداء في مشروعات وزارة الإسكان بالهدوء، وهذا الأمر اعتدنا عليه كل عام في شركات التطوير العقاري، التي تتأهب للبدء في مشروعات الإسكان الجديدة؛ لذا أتوقع أن تعلن الشركات العقارية المتحالفة مع وزارة الإسكان عن حزمة من المشروعات الجديدة، ستبدأ تنفيذها عقب الإجازة، وهو ما يصب في صالح موضوع السكن، التي تتبنى الوزارة حله بأسلوب عملي، يعتمد على زيادة المعروض من المنتجات السكنية من جانب، ومساعدة المواطنين على امتلاك سكن، عبر برامج التمويل العقاري، وتأمين الوحدات والفلل السكنية الجاهزة، فضلاً عن الأراضي البيضاء للراغبين في بناء مساكنهم بأنفسهم».
من جانبه، أوضح المحلل الاقتصادي علي الجعفري، أن «وزارة الإسكان وعدت بتأمين نحو 300 ألف منتج عقاري خلال العام الحالي 2018»، وقال: «الوزارة كانت وعدت بتأمين 280 ألف منتج عقاري في المرحلة الأولى خلال عام 2017، لكنها نجحت في توفير أكثر مما وعدت به»، على حد وصفه.
وأضاف الجعفري: «في هذا العام الوزارة وعدت بـ300 ألف منتج، ويبدو أنها حريصة على تجاوز ما وعدت به، وتأمين ما يفوق هذا العدد؛ الأمر الذي يجعلني أتوقع أن تشهد الشهور المتبقية من العام الحالي 2018، المزيد من الجهود التي تبذلها الوزارة، بالشراكة مع شركات القطاع الخاص لتأمين أكبر عدد من منتجات الدعم السكني، وعرضها على المواطنين عبر بوابة «سكني».
وتابع الجعفري: «يجب ألا ننسى أن البرامج التي أعلنت عنها الوزارة في الفترة الأخيرة، رفعت من نسبة الإقبال على منتجاتها، ولعل من أبرز هذه البرامج القرض المدعوم، وتحمّل الدولة نسبة أرباح القرض، نيابة عن الفرد الذي يقل راتبه عن 14 ألف ريال (3733 دولار)، فضلاً عن مبادرة البناء الذاتي، التي كانت مطلباً جماهيرياً، وحظيت بالقبول الكبير من الأفراد».
وعبر المحلل الاقتصادي عيسى الدوسري عن رضاه التام على أداء وزارة الإسكان في الفترة الماضية، وقال: «إنتاج الوزارة ظاهر، وتكشف عنه لغة الأرقام، وهذا الأمر يبث في الأفراد السعوديين كافة الأمل في امتلاك مساكن خاصة بهم في وقت قريب جداً»، وأضاف: «الوزارة عمدت في استراتيجية عملها، إلى منح الفرد حرية اختيار المنتج السكني المناسب لظروفه وإمكاناته، فضلاً عن قدرتها في تقليص الأسعار بنسب كبيرة، تلامس الـ50 في المائة في بعض المنتجات؛ وهو ما يشجع الجميع على التقدم للحصول على منتج سكني يتناسب مع إمكاناتهم المادية».
واستشعر عبد العزيز الكاتب، وهو أحد العاملين في القطاع العام الكثير من الطمأنينة عند الأفراد فيما يخص موضوع السكن بالسعودية، وقال: «نشعر بهدوء في أسعار المنتجات العقارية، سواء التي تنتجها وزارة الإسكان أو شركات القطاع الخاص، وعلى رأس هذه المنتجات الأراضي البيضاء، كما أن أسعار الإيجارات بدأت تتراجع بنسبة تصل إلى 20 في المائة في مناطق عدة بالبلاد، ويرجع هذا الأمر إلى سياسية وزارة الإسكان واستراتيجية تعاملها مع القطاع، وبخاصة فئة محتكري الأراضي البيضاء، إلى جانب سياستها في إيجاد منتجات عقارية متفاوتة الأسعار؛ الأمر الذي ضغط على القطاع الخاص لتخفيض أسعار منتجاته هو الآخر، إن أراد أن يربح ويستمر في هذا المجال».
يذكر أن وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية قد أعلنا عن الدفعة السادسة من برنامج «سكني» - أحد برامجها - بعدد 23.7 ألف خيار سكني وتمويلي، تشمل الوحدات السكنية تحت الإنشاء بالشراكة مع المطوّرين العقاريين المؤهلين، والأراضي المجانية، والقروض العقارية المدعومة بالشراكة بين صندوق التنمية العقارية والبنوك والمؤسسات التمويلية، ليصل بذلك إجمالي ما تم إعلانه ضمن برنامج «سكني» لهذا العام حتى شهر يونيو (حزيران) الحالي نحو 128.9 ألف خيار سكني وتمويلي.
وتضمّنت الدفعة السادسة نحو 8.150 وحدة سكنية متنوعة تشمل الفلل والشقق والتاون هاوس ذات التصاميم والنماذج المتنوعة وبأسعار تتراوح بين 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار) و750 ألف ريال (200 ألف دولار)، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص ممثلاً بالمطوّرين العقاريين، إضافة إلى 7319 أرضاً مجانية في عدد من المحافظات والمراكز، و8300 قرض عقاري مدعوم.
وأوضح سيف السويلم، المتحدث الرسمي لوزارة الإسكان، أن هذه الدفعة تأتي تزامناً مع استمرار تسليم عدد من الوحدات السكنية الجاهزة في مختلف المدن والمحافظات بالبلاد، إضافة إلى ما تم تسليمه مؤخراً من وحدات بالشراكة مع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية (غرب السعودية)، مشيراً إلى استمرار التسليم للوحدات السكنية الجاهزة بعد استكمال الإجراءات المتمثّلة في الحجز وتوقيع العقود النهائية، منوهاً إلى أنه جرى خلال الفترة الماضية تسليم آلاف الأراضي المجانية في عدد من المحافظات لمستفيديها.
وكشف عن أن معارض الوحدات السكنية تحت الإنشاء التي تتوزع في مدن عدة على مستوى البلاد، ستستأنف العمل بعد إجازة عيد الفطر المبارك مباشرة، لافتاً إلى أنه تم حجز أكثر 60 في المائة من إجمالي المشروعات التي تم إطلاقها مؤخراً، في حين بدأت إجراءات البناء والتنفيذ في 19 مشروعاً منها.
بدوره، أبان حمود العصيمي، المتحدث الرسمي لصندوق التنمية العقارية، أن الصندوق العقاري وبالشراكة مع البنوك والمؤسسات التمويلية يواصل تقديم الخدمات للمستفيدين، الذين تم الإعلان عنهم خلال الدفعات الشهرية الماضية من برنامج «سكني»، مؤكداً أن هناك آلاف الأفراد استكملوا طلباتهم وحصلوا على قروضهم؛ تمهيداً للاستفادة من الخيارات المتاحة التي تشمل البناء الذاتي أو شراء وحدة سكنية جاهزة أو تحت الإنشاء، إضافة إلى خيار تمويل القرض القائم.
وتأتي هذه الخيارات السكنية والتمويلية، في إطار رفع نسبة التملّك السكني إلى 60 في المائة بحلول عام 2020، وإلى 70 في المائة بحلول عام 2030، وذلك ضمن مستهدفات «برنامج الإسكان» أحد برامج تحقيق «رؤية 2030»، الذي انطلق في فبراير (شباط) الماضي بمشاركة 16 جهة حكومية بين وزارات وهيئات ومؤسسات.


مقالات ذات صلة

تعاون استراتيجي سعودي أذربيجاني لتعزيز الاقتصاد والطاقة المتجددة

الاقتصاد جاء حديث نائب وزير الخارجية الأذربيجاني على هامش مشاركته في «كوب 16» الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض (الشرق الأوسط)

تعاون استراتيجي سعودي أذربيجاني لتعزيز الاقتصاد والطاقة المتجددة

أكدت أذربيجان أهمية تطوير شراكتها الاستراتيجية مع السعودية بمختلف المجالات، خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والطاقة المتجددة

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

كشف وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، عن تسجيل الموانئ السعودية 231.7 نقطة إضافية على مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في المملكة، إلى جانب توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»