السعودية تضخ 40 مليون دولار لنزع الألغام الحوثية في اليمن

اليماني: مليون لغم زرعتها الميليشيات في البر والبحر

جانب من حفل تدشين المشروع في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
جانب من حفل تدشين المشروع في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

السعودية تضخ 40 مليون دولار لنزع الألغام الحوثية في اليمن

جانب من حفل تدشين المشروع في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)
جانب من حفل تدشين المشروع في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميس)

أطلقت السعودية، أمس، مبادرة إنسانية لنزع الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية في اليمن بطرق عشوائية خصوصاً في محافظات مأرب وعدن وصنعاء وتعز.
ويحمل المشروع اسم «المشروع السعودي لنزع الألغام» (مسام)، وتنفذه كوادر سعودية وخبرات عالمية عبر 5 مراحل بتكلفة 40 مليون دولار.
وذكر الدكتور عبد الله الربيعة المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، خلال الإعلان عن المشروع بالرياض، أمس، أن دعم اليمن كان ولا يزال في مقدمة أولويات السعودية تأكيداً لروابط الجوار والدين واللغة والعلاقات الاجتماعية والأسرية، مشيراً إلى أن الدعم تمثل في تقديم 262 مشروعاً تعدّت كلفتها الإجمالية 1.6 مليار دولار، توزعت على مشاريع الأمن الغذائي والصحي والإيوائي والدعم المجتمعي والتعليم وغيرها من البرامج الإغاثية، ولا يزال المركز يعمل بكل جهد وحيادية لرفع المعاناة عن المحافظات اليمنية كافة.
وأضاف الربيعة أن صناعة الألغام وزراعتها من الميليشيات الانقلابية في اليمن تتم بطرق عشوائية غير مسبوقة في أماكن تستهدف المدنيين، ما تسبب في إصابات مستديمة وخسائر بشرية استهدفت النساء والأطفال وكبار السن. ولفت إلى أن مدة مشروع «مسام» عام واحد على 5 مراحل، مؤكداً حصر أكثر من 600 ألف لغم في المناطق المحررة، إضافة إلى 130 ألف لغم بحري مضاد للزوارق والسفن وهي من الألغام المحرمة دولياً، و40 ألف لغم في محافظة مأرب، و16 ألف لغم في جزيرة ميون.
وتطرق إلى أن تقارير صدرت عن الحكومة اليمنية منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2014 حتى ديسمبر عام 2016، كشفت عن تسجيل 1539 قتيلاً و3 آلاف إصابة لعسكريين ومدنيين جراء الألغام، وتسببت بإعاقات دائمة وكلّية لأكثر من 900 شخص، بينما ما تم تسجيله بمحافظة تعز وحدها 274 حالة بتر لأطراف وإعاقات دائمة منها 18 حالة لفقدان البصر.
وقال الربيعة: «خلال عام واحد فقط سجّل البرنامج الوطني لنزع الألغام عدداً كبيراً من الضحايا والإصابات، إذ وصل عدد ضحايا الألغام في كل من محافظات عدن ولحج وأبين وتعز إلى 418 ضحية، كما شهدت الفترة ذاتها تسجيل 1775 إصابة، وسجّل في كل من محافظتي الجوف ومأرب 380 ضحية و512 إصابة.
وأشار إلى أن الأرقام المسجلة تعد أقل بكثير من الحوادث التي وقعت فعلياً ولم يتسن للبرنامج الوطني لنزع الألغام مباشرتها أو تسجيلها، منوهاً إلى أن مركز الأطراف الصناعية بمحافظة مأرب في اليمن المشغَّل من قِبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ركّب 305 أطراف صناعية لأكثر من 195 ضحية تعرضت لبتر بأحد الأطراف بسبب هذه الألغام.
وأوضح أن المركز وفّر العلاج والتأهيل اللازم لعدد كبير من المصابين الذين تراوحت أعمارهم بين 12 و72 عاماً، كما بلغ عدد المصابين الذين تلقوا علاجاً في مركز الأطراف بمأرب خلال المرحلتين الأولى والثانية حتى تاريخ 24 يونيو (حزيران) الجاري 11 امرأة و12 طفلاً و346 رجلاً، ولا تزال المرحلة الثانية مستمرة، إضافة إلى تلقي عدد من الحالات للرعاية الطبية بالمراكز الطبية العامة والخاصة في اليمن على حساب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، كما أن عدداً من الحالات تم علاجها خارج اليمن، ومنها 13 حالة في السودان، و45 حالة في الأردن، و106 حالات في مدينة جدة بينهم طفلان ليصل الإجمالي إلى 533 حالة.
ونوّه الربيعة إلى أن السعودية قدّمت خلال السنوات الثلاث الماضية مساعدات لليمن بقيمة تجاوزت 11 مليار دولار، تنوّعت بين مساعدات إنسانية وأخرى لدعم اللاجئين، ومساعدات تنموية لدعم الاقتصاد والبنك المركزي اليمني وغيرها من المساعدات. كما أن المشروع السعودي الإنساني والحيوي لنزع الألغام يخدم المواطن اليمني ويضمن له الأمن الحالي والأمان المستقبلي.
إلى ذلك، قال خالد اليماني وزير الخارجية اليمني، خلال كلمته، إن الميليشيات الحوثية تسببت في كارثة إنسانية كبيرة وتسعى من وراء ذلك لتحقيق مآرب سياسية وحشد الرأي العام العالمي ضد التحالف العربي والحكومة الشرعية بهدف تثبيت الانقلاب وفرض الأمر الواقع.
وأضاف أن زراعة الألغام إحدى الوسائل التي انتهجتها الميليشيا الانقلابية لمعاقبة الشعب اليمني وزيادة معاناته، مشيراً إلى أن الحوثيين استخدموا ألغاماً متفجرة مموهة وارتجالية متنوعة الأغراض والأهداف بما فيها العبوات المتفجرة بواسطة أجهزة الرادوا قادمة بشكل مباشر من إيران، والبعض الآخر تم تطويره في اليمن عن طريق خبراء إيرانيين وتأخذ شكلاً ولوناً وحجماً مطابقاً لطبيعة الأرض الذي تُزرع فيها، ما يؤدي إلى صعوبة اكتشافها، ومنها على شكل صخور أو مواد بناء في المناطق السكنية التي وصلوا إليها تاركين خلفهم كميات كبيرة في المناطق السكنية.
وأشار اليماني إلى تطابق الألغام البحرية مع الألغام الإيرانية، لافتاً إلى أنها تشكل خطراً على النقل البحري التجاري وخطوط الملاحة البحرية ويمكن أن تظل التهديدات لمدة تتراوح بين 6 و10 سنوات.
وأورد إحصائيات أولية تشير إلى زراعة مليون لغم في أنحاء متفرقة من اليمن، مبيناً أن ضحايا الألغام خلال الفترة بين مارس (آذار) 2015 ومارس 2018 بلغوا 693 قتيلاً و704 إصابات بينهم 216 امرأة، وتتصدر محافظة تعز قائمة ضحايا الألغام الحوثية.
وبيّن أن انتهاج الحوثيين أسلوب زراعة الألغام بطريقة عشوائية أو موثقة بخرائط، يشكل تحدياً لمستقبل اليمن، كما يشكل صعوبة بالغة في التخلص منها، إذ يحتاج اليمن إلى عشرات السنين لانتزاعها ولن يكون بمقدور المزارعين العودة لأراضيهم ولا الرعاة رعي ماشيتهم وسيواجه الصيادون مخاطر الألغام البحرية.
ولفت إلى أن إعلان مركز الملك سلمان عن المشروع السعودي لنزع الألغام مبادرة إنسانية فاعلة في طريق تخليص اليمن من مخاطر الألغام، مجدداً الدعوة للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، خصوصاً الأمم المتحدة، لمساعدة الحكومة اليمنية في التخلص من الألغام من خلال تبني مشاريع مماثلة، وبصورة خاصة مسح الألغام التي زرعها الانقلابيون في الممرات المائية والدولية جنوب البحر الأحمر.
وخلال تصريحات صحافية قال وزير الخارجية اليمني، إن اليمن مستمر في عمليات تحرير الحديدة حتى تطهيرها بالكامل مع الالتزام بالعمل الإنساني، وتحرير العاصمة صنعاء، مؤكداً أن الميليشيا الحوثية ليس أمامها سوى الانسحاب والامتثال لمشروع مبادرة السلام التي أطلقها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
من جهته، تطرق الدكتور فلاديمير كوفشينهوف الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية، خلال ورشة عمل مكافحة الألغام، بالرياض، إلى مخاطر الألغام التي سرقت حياة الكثير في اليمن وغيرها من الدول بما فيها ليبيا وسوريا والعراق.
وأضاف أن السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة أسهمت بشكل كبير في الجهود الرامية لحماية المدنيين وتخفيف معاناتهم الجسدية والنفسية الناتجة عن الألغام، مشيراً إلى أن المنظمة مستعدة للانضمام إلى جهود تحسين حماية المدنيين في اليمن من الدمار الناتج عن الألغام.
وبيَّن أن اليمن لطالما كان عضواً فعالاً منذ انضمامه إلى المنظمة، ولهذا لن تتخلى المنظمة الدولية للحماية المدنية عن اليمن خلال هذه الأوقات العصيبة.
وخلال عام واحد وثّق البرنامج الوطني لنزع الألغام إزالة 300 ألف لغم وقذيفة لم تنفجر في المناطق التي تم تطهيرها من الميليشيات الانقلابية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.