المعرفة بالمعايير والقوانين تجنب الناشرين متاعب التواصل الاجتماعي

الاعتداء اللفظي مرفوض ويؤدي إلى قضايا تعويض قد تكون باهظة التكلفة
الاعتداء اللفظي مرفوض ويؤدي إلى قضايا تعويض قد تكون باهظة التكلفة
TT

المعرفة بالمعايير والقوانين تجنب الناشرين متاعب التواصل الاجتماعي

الاعتداء اللفظي مرفوض ويؤدي إلى قضايا تعويض قد تكون باهظة التكلفة
الاعتداء اللفظي مرفوض ويؤدي إلى قضايا تعويض قد تكون باهظة التكلفة

كثير من قضايا القدح والذم وانتهاك المعايير السياسية والاجتماعية والدينية التي قد تؤدي إلى وصول أطرافها إلى المحاكم والسجن يمكن تجنبها باتباع بعض القواعد الإعلامية المعروفة. الجهل بهذه المعايير والتسرع أحيانا في نشر آراء شخصية قد لا تصلح للمجال العام هي أهم مصادر هذه المتاعب، خصوصا من غير المتخصصين في الإعلام.
فمن أهم القواعد الصحافية التأكد من صحة الأخبار قبل بثها وفصل الأخبار عن الآراء، وفي القضايا الخلافية لا بد من عرض وجهة نظر الطرفين. كما أن الاعتداء اللفظي مرفوض حتى في حالات الشخصيات العامة وفي بعض الحالات الخلافية يؤدي مثل هذا السباب على الإنترنت إلى قضايا تعويض قد تكون باهظة التكلفة على المخالفين لهذه القواعد.
وسائل التواصل الاجتماعي تتيح حرية الرأي للجميع ويسيء البعض استخدام هذه الحرية لأنه يجهل قواعد الإعلام الصحيحة. ونقطة البداية لأي بث اجتماعي على «تويتر» أو «فيسبوك» هي أن يتأكد المستخدم من معلوماته قبل أن يبثها أو يعيد بثها عن طرف آخر. فالنقل عن طرف ثانٍ أو ثالث لا يعفي من المسؤولية في حالات إحداث الضرر المعنوي بآخرين.
من الضروري أيضاً التأني في النشر وعدم التسرع، خصوصاً في الحالات التي تكون موضوعات الطرح حساسة في المجال السياسي أو الديني. وقبل ضغط زر الإرسال يتعين على مستخدم وسائط اجتماعية أن ينظر مليا إلى محتوى البث الذي ينوي بثه وأن يفكر في تأثيره على آخرين. فحتى النكات والتعليقات الطريفة قد تكون جارحة لأطراف أخرى. وفي كل الأحوال يجب تجنب بث تعليقات فكاهية عن الدين أو فئات معينة لأن بعض هذه التعليقات يقع تحت طائلة القانون.
من مصادر المتاعب غير المباشرة أيضا قبول طلبات الصداقة من الجميع حتى من هؤلاء الذين لا تعرفهم شخصيا. وفي هذه الحالات سوف تظهر لك ولو بعد حين بعض التعليقات التي قد تثير غضبك أو استياءك وتشعر بحاجة ملحة في الرد عليها. ويكون الرد هو الخطأ الذي تقع فيه لأنه قد لا يلتزم بمعايير البث العام. وفي بعض دول العالم الثالث قد يكون الصديق الذي لا تعرفه مدسوساً عليك من جهة ما بغرض متابعة ما تكتبه وتبثه على الإنترنت ثم محاسبتك عليه.
وفي كل الأحوال تجنب متابعة أو الانضمام إلى جهات مشبوهة على الإنترنت حتى ولو كان ذلك لمجرد حب الاستطلاع أو العلم بالشيء. فاتباع منظمة مشبوهة قد يجعلك موضع شك لجهات أمنية باعتبارك عضواً فيها أو متعاطفاً معها. وفي حالات «الأصدقاء» الذين يثيرون غضبك أو شكوكك فالأفضل عمل «بلوك» لهم وإخراجهم من مجال نشاطك على الإنترنت.
وبوجه عام يجب إجراء بحث سريع عن أي شخص يطلب الصداقة بزيارة الموقع الشخصي له وتتبع تاريخ الموقع وأصدقاء الشخص المعني ومحتوى ما بثه على الوسائط الاجتماعية. واحذر المواقع ذات الأسماء المستعارة والتي بلا صورة أو عليها صورة عامة والمواقع حديثة الوجود على الإنترنت.
يجب الاعتراف بأن البث على «تويتر» أو «فيسبوك» أو غيرهما هو مجال مغاير للحديث على المقهى. ففي المجال العام يجب أن يكون الحذر هو المقياس في بث الآراء السياسية والدينية. وتذكر أن مهمة هذه الوسائط اجتماعية في المقام الأول، وهي تصلح لأن يبث عليها الأفراد تجاربهم الشخصية وذكرياتهم ومناسباتهم الاجتماعية. وإذا أردت أن ترد أو تشارك في آراء سياسية أو دينية قد يعتبرها البعض مسيئة لهم، فليكن الرد في رسائل خاصة وليس على الملأ.
ولا يعني هذا الامتناع عن إبداء الرأي السياسي أو الديني وإنما وضع هذا الرأي في إطار صحيح ومتوازن وغير منحاز أو مضاد لأطراف أو أشخاص معينين. وفي حالات خلاف الرأي لا ترد بسرعة تحت وطأة الانفعال وفكر جيدا في كيفية الرد الذي لا يزيد الأمر اشتعالا. وفي قضايا التشهير أو السب على الإنترنت لا يصلح الانفعال كدفاع عن المذنب.
تذكر أيضا أنه بإمكانك أن تحذف محتوى تم بثه بالفعل وأثار غضب آخرين فالحذف يمكن معه تحجيم الخلاف. ويصلح الحذف في «فيسبوك» وعلى «سناب تشات» (خلال 24 ساعة من البث) وأيضا على «إنستغرام». كما يمكن أيضا حجب البث عن المجال العام والاكتفاء بمجموعة الأصدقاء في دائرة ضيقة يكون الحوار بينها بعيدا عن أعين الآخرين.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.