ظريف يحذر من مخاطر فشل الاتفاق النووي على إيران

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يشرح التحديات الإيرانية في «الاتفاق النووي» أمام حشد من التجار الإيرانيين في طهران أمس (مهر)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يشرح التحديات الإيرانية في «الاتفاق النووي» أمام حشد من التجار الإيرانيين في طهران أمس (مهر)
TT

ظريف يحذر من مخاطر فشل الاتفاق النووي على إيران

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يشرح التحديات الإيرانية في «الاتفاق النووي» أمام حشد من التجار الإيرانيين في طهران أمس (مهر)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يشرح التحديات الإيرانية في «الاتفاق النووي» أمام حشد من التجار الإيرانيين في طهران أمس (مهر)

حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، من مخاطر كبيرة تواجه إيران إذا ما فشل الاتفاق النووي، مشيرا إلى أن بلاده ستنسحب من الاتفاق إذا ما أجبرت على ذلك، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أنه «ليس خيار النظام»، متهما أطرافا داخلية بتحريض السوق ضد الحكومة، فيما كشف عن مساع حكومية للتمسك بالانضمام إلى اتفاقية «فاتف» عبر تقديم مشروع قانون يأخذ بعين الاعتبار توصيات المرشد الإيراني علي خامنئي ويتناسب مع قوانين مجموعة مراقبة المال الدولية (فاتف).
وهاجم ظريف جهات داخلية «تحرض السوق بشأن خروج الجميع (الشركات الخارجية) من إيران»، مشيرا إلى أن تلك الأطراف تضخ التشاؤم تجاه إيران للآخرين.
وفي هجوم غير مسبوق، اتهم ظريف وكالة «رويترز» للأنباء بنشر 50 خبرا «كاذبا» يوميا عن الاقتصاد الإيراني. وقال إن «مجموعة صغيرة تتلقى الدعم المالي من إحدى دول الجوار تروج لخروج الجميع من إيران».
وانتقد ظريف الضغوط التي تتعرض لها حكومة روحاني ودفع باتجاه إثارة الروح القومية بين مخاطبيه والمصالح القومية، عندما قال إن الجميع من محافظين وإصلاحيين ومستقلين ومعارضين للنظام أو معارضين للحكومة «جالسون في مركب واحد»، عادّاً أن هدف الأعداء «ليس النظام أو حكومة روحاني؛ إنما إيران».
وتابع في السياق نفسه: «إنها إيران التي تحول دون تحقيق بعض الأهداف والرغبات. يريدون تدمير إيران».
ورد ظريف ضمنا على الدعوات الأخيرة في المشهد السياسي الإيراني لإقالة روحاني، وقال: «لا تعتقدوا أن ذهاب روحاني ومجيء المحافظين سيؤدي إلى نجاحهم. البعض لا يعتقد أنه بإزاحة النظام سيأخذون مكانه. الآن إيران بهذه الجغرافيا ووجودها... وطاقاتها مستهدفة، ولكننا سنحبط ذلك».
ودعا ظريف إلى حفظ الوحدة الداخلية، وقال إنه «أوجب من خبز الليل للإيرانيين»، واستخدم اللهجة الدبلوماسية مع التجار الإيرانيين عندما مد يده لمساعدة الحكومة، عادّاً التجار «الجنود الأساسيين لاقتصاد البلد ومحرك التنمية، خصوصا الاقتصاد الإيراني الخارجي... وهذا اعتقادي».
وتخشى الحكومة الإيرانية من تفاقم مشكلات البنوك الإيرانية في التعامل والتأثير على جهود تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي إذا ما عادت إجراءات منظمات مراقبة العمل المالي بالتزامن مع عودة العقوبات الدولية.
وكانت قضية «فاتف» بيت القصيد في خطاب ظريف أمام حشد من أعضاء الغرفة التجارية الإيرانية، وحاول قائد الجهاز الدبلوماسي الإيراني توجيه رسالة طمأنة إلى التجار الإيرانيين حول مستقبل الوضع المالي الإيراني في ظل الوضع الضبابي بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وعودة العقوبات، فضلا عن رفض المرشد الإيراني علي خامنئي الانضمام إلى اتفاقية منع تمويل الإرهاب.
وأعرب ظريف عن نية الحكومة الإيرانية تقديم مشروع بأخذ توصيات خامنئي بعين الاعتبار فيما يخص الشفافية المالية والنقاش الدائر حول انضمام طهران إلى اتفاقية منع تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
ولفت ظريف إلى أن الحكومة تجري مفاوضات من أجل التوصل إلى صيغة مشروع يسمح لها بالانضمام إلى الاتفاقية مع أخذ توصيات المرشد الإيراني بعين الاعتبار.
وتبرر طهران رفضها الانضمام إلى اتفاقية مجموعة العمل المالي التي تراقب أنشطة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، بتعريفها الخاص للإرهاب في العالم.
واجتمع ظريف أمس بأعضاء الغرفة التجارية الإيرانية وعدد من الناشطين الاقتصاديين لبحث مخاوف حول مستقبل الاتفاق النووي وتداعيات الانسحاب الأميركي وعودة العقوبات على الاقتصادي الإيراني.
ومع ذلك، قال ظريف إن قلق الناشطين الاقتصاديين من أفق العمل الاقتصادي في محله.
من جانب آخر، حذر ظريف من عودة «السمعة السيئة» للتجارة الإيرانية، وقال إنها كانت من بين أسباب هروب التجار والشركات الخارجية من إيران. إلا أنه قال إن «السمعة السيئة في الأوضاع الحالية ليست موجهة لإيران، إنما للرئيس الأميركي دونالد ترمب».
وكان ظريف يلمح إلى ضرورة انضمام إيران إلى اتفاقية منع تمويل الإرهاب. ومن شأن عودة إيران إلى القائمة السوداء للدول التي تشكل مخاطر على مجموعة العمل المالي الدولي، أن تعمق مخاوف المستثمرين الأجانب من النشاط في الاقتصاد الإيراني.



غروسي يزور موقعين نوويين في إيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
TT

غروسي يزور موقعين نوويين في إيران

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

زار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الجمعة، موقعين نوويين رئيسيين في إيران، في وقت تؤكد طهران أنها تريد إزالة «أي شكوك أو غموض» بشأن برنامجها النووي الذي يثير جدلاً.

وتُعد المحادثات في طهران مع مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، إحدى الفرص الأخيرة للدبلوماسية قبل عودة دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني) المقبل إلى البيت الأبيض.

وتأتي زيارة غروسي قبل مشروع قرار حساس قد تطرحه لندن وبرلين وباريس على مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة خلال الشهر الحالي. وزار غروسي الموقعين الواقعين على مسافة مئات الكيلومترات عن طهران، حسب صورتين نشرتهما وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية «إرنا». وفي كلّ من الصورتين، يظهر غروسي أمام مدخل إحدى المنشأتين برفقة بهروز كمالوندي الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

«الانخراط الدبلوماسي»

منشأة «نطنز» النووية التي تبعد 322 كيلومتراً جنوب طهران (أ.ب)

وقال الباحث سامويل هيكي من مركز الإشراف على الأسلحة وعدم انتشارها في واشنطن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «(نطنز) هي المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران، بينما يضم (فوردو) بعضاً من أكثر أجهزة الطرد المركزي تطوراً».

وأضاف هيكي أن «فوردو» يُعد «من بين أكثر المواقع الإيرانية حساسية من ناحية الانتشار».

وشدّد الباحث على أن إيران تظهر من خلال زيارة غروسي أن «الوصول الأسهل إلى هذه المنشآت يمر عبر الانخراط الدبلوماسي». ويُراقب موقع «فوردو» في وسط إيران عن كثب منذ أن بدأت طهران إنتاج اليورانيوم المخصّب عند مستوى 60 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، فضلاً عن موقع «نطنز» في وسط إيران أيضاً.

كما قال ديفيد آلبرايت رئيس المعهد من أجل العلوم والأمن الدولي، ومقره في الولايات المتحدة، والمتخصص بانتشار الأسلحة النووية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن إيران «تتظاهر بالتعاون من أجل تقويض الدعم لقرار في مجلس المحافظين».

«مستعدون للتعاون»

بزشكيان يستقبل غروسي في طهران يوم الخميس (الرئاسة الإيرانية - أ.ف.ب)

وتفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة السلاح النووي، التي تخصب اليورانيوم بمستوى يصل إلى 60 في المائة مع الاستمرار في تعزيز مخزوناتها من اليورانيوم. وتثير آثار يورانيوم غير معروفة المصدر عُثر عليها في موقعين غير مصرح عنهما قرب طهران - هما «تورقوز آباد» و«ورامين» - شكوكاً لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، للتلفزيون العام، الخميس: «نحاول تهدئة الأجواء بعض الشيء». كما قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال لقائه غروسي: «كما أثبتنا مراراً حسن نوايانا، نحن مستعدون للتعاون والتقارب مع هذه المنظمة الدولية من أجل إزالة جوانب الغموض والشكوك المزعومة حول الأنشطة النووية السلمية لبلادنا».

أما وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فكتب عبر منصة «إكس»، قائلاً: «نحن مستعدون للتفاوض على أساس مصالحنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، لكننا لسنا مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب». وقد التقى غروسي، الخميس، أيضاً. وكان عراقجي في عام 2015 كبير مفاوضي إيران في المباحثات حول برنامجها النووي مع القوى العظمى.

سياسة «ضغوط قصوى»

صورة التقطها قمر «ماكسار للتكنولوجيا» تظهر عمليات توسع في محطة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم بين أغسطس 2020 و11 ديسمبر من العام نفسه (أ.ف.ب)

وانتهج ترمب خلال ولايته الأولى بين عامين 2017 و2021 سياسة «ضغوط قصوى» حيال إيران، وأعاد فرض عقوبات مشددة عليها أبقت عليها لاحقاً إدارة جو بايدن. وفي عام 2018، أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني. وأبرم الاتفاق النووي بين طهران و6 قوى كبرى في عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران في مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.

وتنفي طهران أن يكون لديها طموحات كهذه على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية ولا سيما في مجال الطاقة. ورداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، بدأت طهران التراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو وتوسّع برنامجها النووي بشكل كبير. ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3.67 في المائة، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60 في المائة، وهو مستوى قريب من نسبة الـ90 في المائة المطلوبة لتطوير سلاح ذري.