النظام يهاجم في جنوب سوريا لفتح طريق نحو الحدود مع الأردن

قيادي في المعارضة لـ {الشرق الأوسط}: سنتجاهل «النصائح الأميركية»

مقاتلون من {الجيش الحر} في درعا جنوب غرب سوريا في مواجهة مع قوات النظام وحلفائه أول من أمس (أ ف ب)
مقاتلون من {الجيش الحر} في درعا جنوب غرب سوريا في مواجهة مع قوات النظام وحلفائه أول من أمس (أ ف ب)
TT

النظام يهاجم في جنوب سوريا لفتح طريق نحو الحدود مع الأردن

مقاتلون من {الجيش الحر} في درعا جنوب غرب سوريا في مواجهة مع قوات النظام وحلفائه أول من أمس (أ ف ب)
مقاتلون من {الجيش الحر} في درعا جنوب غرب سوريا في مواجهة مع قوات النظام وحلفائه أول من أمس (أ ف ب)

أحرز النظام السوري تقدماً في عملية توسع عسكري له في شرق محافظة درعا الواقعة جنوب البلاد، هي الأولى منذ التوصل إلى اتفاق لخفض التصعيد قبل عام، في محاولة للوصول إلى الحدود مع الأردن، عبر التفاف جغرافي من جهة الحدود الإدارية بين درعا والسويداء، وهو ما تراه المعارضة «نتيجة اتفاق أميركي - روسي سمح للطائرات الروسية بالانخراط في العملية لأول مرة منذ عام».
وأبلغت واشنطن فصائل المعارضة السورية الرئيسية ضرورة ألا تتوقع حصولها على دعم عسكري لمساعدتها على التصدي لهجوم ضخم يشنه الجيش السوري لاستعادة مناطق تسيطر عليها المعارضة جنوب سوريا والمناطق المجاورة للأردن ومرتفعات الجولان السورية المحتلة. وأوردت نسخة من رسالة بعثت بها واشنطن إلى قادة جماعات الجيش السوري الحر واطلعت «رويترز» عليها، أن الحكومة الأميركية تريد توضيح «ضرورة ألا تبنوا قراراتكم على افتراض أو توقع قيامنا بتدخل عسكري».
لكن قرار المعارضة حُسم بـ«المواجهة»، إذ أكد القيادي العسكري بالجبهة الجنوبية العقيد خالد النابلسي أن الخيار الوحيد هو «المواجهة، ولا خيار أفضل من مواجهة النظام والميليشيات العسكرية التابعة له»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بدء الحملة الدعائية للهجوم، كان هناك قرار واضح من الفعاليات العسكرية والأهلية والمدنية بالجنوب بأنهم خلف الجبهة الجنوبية والجيش الحر، واتخاذ القرار اللازم بمواجهة الميليشيات»، مشدداً على أنه «لا ثقة بالنظام والميليشيات»، وهو ما دفع «لتشكيل غرفة العمليات المركزية التي ضمت غرف العمليات الفرعية لتنسيق العمل ومواجهة النظام إضافة إلى غرفة عمليات طوارئ مدنية لإغاثة النازحين، ونحن نحاول إبعاد المدنيين عن الاستهداف، حيث يتم تخيير الحاضنة الشعبية بين التدمير والتهجير».
وأكد النابلسي تجاهل النصيحة الأميركية، متسائلا: «هل تُفهم النصيحة بمصالحة النظام والاستسلام لروسيا، أو أن نقول للنظام إننا جاهزون لنكون تحت حكم الأسد والميليشيات والإيرانية؟». مشدداً على أنه على أنه إذا كانت هناك نصيحة أميركية، فيجب أن تكون للروس والنظام بالحفاظ على عهودهم ومواثيقهم بخفض التصعيد وعدم قتل المدنيين، أو إيجاد حل يكون مرضياً للقضية السورية بشكل عام، ولا نبقى ننتظر مجازر في منطقة تلو الأخرى».
ولم يخف النابلسي «إننا تفاجأنا برسالة واشنطن القائلة بوجوب البحث عن مصالحنا ومصالح أهلنا، بما يعني أنهم فشلوا في إقناع الروس والنظام بإيقاف الحملة، وبعد الرسالة بفترة وجيزة أقلعت الطائرات الروسية من حميميم باتجاه الجنوب وبدأت العملية العسكرية وتركز القصف على بصرى ومنطقة اللجاة، وأعلنت روسيا أنها تقوم بالتمهيد، في إعلان واضح لإنهاء خفض التصعيد في الجنوب».
واللافت في النطاق الجغرافي للعملية أنها جاءت بعيدة عن نقاط التماس مع هضبة الجولان السوري المحتل من قبل إسرائيل، من غير أن يبدأ التقدم من جهة أوتوستراد دمشق - عمان، إذ انطلقت العملية من الريف الجنوبي الغربي لمحافظة السويداء باتجاه الريف الشرقي لمحافظة درعا، في منطقة اللجاة الصخرية، وسط قصف عنيف جوي ومدفعي وصاروخي يطال مناطق نفوذ المعارضة في الجبهة الجنوبية.
وانطلقت العملية العسكرية بعد تمهيد إعلامي من قبل النظام ووسائل الإعلام الروسية، تحدث عن انضمام فصائل معارضة من «الجيش السوري الحر» إلى قوات النظام، إثر «مصالحة» بين الطرفين، فيما «شنت جبهة النصرة هجوماً على قوات النظام».
لكن المعارضة تقلل من أهمية الانشقاقات، رغم تأكيد حصولها «بأعداد فردية». وقال عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر أيمن العاسمي، أن التمهيد بهذا الضخ الإعلامي هو أسلوب «يستخدمه الروس في بداية كل معركة لتبرير القصف في مناطق خفض التصعيد، وقد استخدم في السابق في الغوطة وحمص حيث اعتمدوا على فصائل وقّعت اتفاقاً بشكل منفرد، وهي محاولة للإيحاء بأنها مصالحة، وبأنها ليست معارك ويحق للنظام التقدم في مناطق خفض التصعيد».
وقال العاسمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاختراقات موجودة في كل مكان، هناك أشخاص انضموا للنظام كما كان هناك مقاتلون معارضون في صفوف النظام في وقت سابق»، لافتاً إلى أن «وجدي أبو الليل الذي أعلن انضمامه حديثاً للنظام، كان محل رصد وفُصل من ألوية العمري في وقت سابق وعاد إلى النظام»، مؤكداً أن الأعداد التي انضمت للنظام «ليست كبيرة كما يدعي». وأشار إلى أن المناطق التي أعلن النظام السيطرة عليها «غير دقيقة، لأن المعارك لا تزال مشتعلة في منطقة اللجاة»، مشدداً على أن «خريطة السيطرة لم تتغير، ولا تزال تلك المناطق تحت سيطرة الجيش السوري الحر»، لافتاً إلى أن النظام «دخل قبل أن يضطر للتراجع وترك سياراته وآلياته في المنطقة».
وقال العاسمي إن «جبهة النصرة غير موجودة بدرعا منذ العام 2014 بعد رحيل مجموعة قيادات أجنبية برعاية النظام إلى الشمال»، جازماً بأن القوات المعارضة المقاتلة في الجنوب والبالغ عددها 30 ألف مقاتل «هي من الجيش السوري الحر»، معتبراً أن الأنباء عن القتال ضد «النصرة» هو «ذريعة لتغطية القصف الهمجي في القادم في الأيام».

نحو الحدود مع الأردن
وقتل خمسة مدنيين في قصف جوي طال مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في محافظة درعا، وأسفر أيضاً عن خروج مستشفى عن الخدمة في إطار التصعيد العسكري المستمر في جنوب البلاد، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وبدأت قوات النظام السوري الثلاثاء تكثيف قصفها على محافظة درعا وتحديدا ريفها الشرقي، ما يُنذر بعملية عسكرية واسعة في هذه المنطقة الواقعة جنوب سوريا التي تسيطر على أجزاء واسعة منها فصائل معارضة يعمل معظمها تحت مظلة النفوذ الأميركي الأردني.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، إن «عمليات القصف والتصعيد متواصلة»، مشيراً إلى «مقتل خمسة مدنيين جراء غارات جوية نفذتها طائرات روسية»، وطالت بلدات الحراك والصورة، وعلما في ريف درعا الشرقي. وارتفعت بذلك حصيلة قتلى القصف الجوي في درعا منذ الثلاثاء إلى 23 مدنياً، بحسب حصيلة للمرصد.
وطال القصف الجوي «الروسي» على الحراك، وهي منطقة تقع فيها أحد مشافي البلدة، ما تسبب بأضرار أخرج هذه المنشأة الطبية مؤقتا عن الخدمة إلى حين إعادة تجهيزها.
وتشارك طائرات حربية روسية منذ ليل السبت وللمرة الأولى منذ عام، في شن غارات ضد مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب البلاد دعماً لقوات النظام.
وجزم العاسمي باستحالة أن يتمكن سلاح الجو الروسي من المشاركة في العملية من غير اتفاق أميركي - روسي، قائلاً: «يبدو أن الأميركيين تخلوا عن منطقة خفض التصعيد نتيجة اتفاق مع الروس يقضي بوصول النظام إلى معبر نصيب» الحدودي مع الأردن، قائلا إن التقدم يتم عبر طريق إزرع - اللجاة - الدور، إذ «يحاول النظام وصل المنطقة بالسويداء ليصل إلى درعا ويتقدم عبر الأطراف الشرقية للكرك وبصرى الشام باتجاه المعبر الحدودي، وبذلك يكون قد أمّن طريقاً بديلاً عن طريق خربة غزالة إلى المعبر الحدودي مع الأردن، سيكون طريقاً أطول ويمتد على شكل قوس جغرافي، لكنه يعيد فتح الطريق من دمشق نحو الحدود الأردنية».
وحول اتساع رقعة القصف إلى مناطق محاذية لأوتوستراد دمشق - عمان إلى الغرب من اللجاة، أعرب العاسمي عن اعتقاده أن النظام يحاول أن يوحي بأنه سيوسع المعارك إلى الغرب، لكنه لن يستطيع بسبب حساسية المنطقة التي يوجد إسرائيليون على مسافة قريبة منها، وفي ظل مشاركة ميليشيات غير سورية في الهجوم الذي يقوده النظام، هم عبارة عن ميليشيات إيرانية ظهرت صورهم ضمن القتلى».

6 أيام من المعارك
وتواصلت الاشتباكات لليوم السادس على التوالي عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء، وتحديداً ريف درعا الشرقي وأطراف السويداء الغربية. وتمكنت قوات النظام حتى الآن من السيطرة على أربع قرى، وفق المرصد الذي وثق مقتل 13 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين التابعين لها فضلاً عن 15 مقاتلاً من الفصائل المعارضة.
وتسيطر الفصائل المعارضة على 70 في المائة من كل من محافظتي القنيطرة ودرعا، ويقتصر وجودها في السويداء على أطرافها الغربية. وتكتسب المنطقة الجنوبية خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.