ليبيا: السائح يلمح لتأجيل الانتخابات وحفتر يدعو لتحسين معيشة المواطنين

TT

ليبيا: السائح يلمح لتأجيل الانتخابات وحفتر يدعو لتحسين معيشة المواطنين

وسط مخاوف من اندلاع اشتباكات بين الميليشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، اعتبر رئيس مفوضية الانتخابات عماد السائح أن إتمام الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تخطط بعثة الأمم المتحدة لإجرائها قبل نهاية العام الجاري، يتوقف على الاتفاق النهائي بين الأطراف السياسية على الموافقة على إجراء الاقتراع وقبول نتائجه.
وفي تحذير مفاجئ من إمكانية وقوع اشتباكات مسلحة في طرابلس، حثت «غرفة العمليات المشتركة - تاجوراء» التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج: «أهالي وكتائب وسرايا المنطقة من الانجرار وراء دعوات والفتن وتحويل منطقتهم لساحة اشتباكات».
ورأت الغرفة أن «أي حرب ستندلع في تاجوراء سيكون الرابح فيها خاسراً»، قبل أن تلفت الانتباه إلى «الموقع الاستراتيجي» لهذه لمنطقة التي تعد مدخلاً لطرابلس. ولم توضح تفاصيل عن الجهات التي تعتزم دخول طرابلس بالقوة، لكنها قالت إن تحذيرها يأتي على خلفية تلقيها أنباء عن حشود وتحركات تستهدف دخول طرابلس من جهتها الشرقية.
وبمعزل عن هذه المخاوف، قال رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إن إجراء الانتخابات هذا العام يتوقف على ما سيصدر من تشريعات بخصوصها من قبل مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق في أقصى الشرق مقراً له، لافتاً إلى «ضرورة الاتفاق على القاعدة الدستورية التي ستضفي الشرعية الدستورية على العملية الانتخابية».
لكنه أوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أمس، أن مفوضية الانتخابات «في سباق مع الزمن لكي تكون على استعداد لتنفيذها»، مشيراً إلى أن السراج «أعرب عن استعداده لتوفير الميزانية المطلوبة لتغطية تكاليف العمليات الانتخابية».
والسائح هو ثاني مسؤول ليبي رفيع يلمح إلى احتمال إرجاء الانتخابات التي توافقت الأطراف الليبية خلال اجتماع في باريس الشهر الماضي، على إجرائها في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري نقل عن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اتفاقه معه خلال اتصال هاتفي بينهما أول من أمس على «صعوبة إجراء انتخابات في ظل وجود حروب».
إلى ذلك، أكد قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر «ضرورة وضع حلول تخرج المواطن من عنق الزجاجة بما يكفل تحسين ظروفه المعيشية، والاهتمام بملف النازحين والمناطق المحررة مؤخراً، وضرورة العمل على إرجاع الحياة فيها»، مثمناً «الجهود المبذولة في هذا الصدد».
وقال مكتب حفتر إن هذه التصريحات وردت خلال اجتماع في مقره خارج مدينة بنغازي، مساء أول من أمس، مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، لافتاً إلى أن صالح والثني قدما التهنئة لحفتر ولقواته على «نجاح عملية الاجتياح المقدس لتحرير منطقة الهلال النفطي من أيدي الغزاة والعابثين، وكذلك بانتصارات الجيش في درنة واقتراب إعلان تحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية». وقال البيان إن اللقاء بحث «الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد وكذلك المستجدات على الساحة المحلية والدولية».
وقصفت أمس طائرات تابعة للجيش مواقع المتطرفين جنوب شرقي مدينة بني وليد، حيث أعلن اللواء محمد المنفور آمر غرفة عمليات القوات الجوية الرئيسية أن أربع طائرات نفذت «ضربات مُركزة على هذه المواقع». وأضاف في تصريحات أن «تنفيذ هذه الغارات سبقته عملية استطلاع وجمع معلومات عن تحركات الجماعات الإرهابية»، قبل أن يؤكد عودة الطائرات إلى قاعدتها بعد إتمام مهامها.
من جهة أخرى، هددت حكومة السراج بإغلاق الحدود البرية مع تونس في حال استمرت «المضايقات» التي يتعرض لها المسافرون الليبيون على الجانب التونسي. وقال بيان لإدارة التواصل في الحكومة إن أحمد معيتيق، نائب السراج، أصدر تعليماته لوزارة الخارجية باتخاذ إجراءاتها «لضمان سلامة المواطنين الليبيين الموجودين في تونس». كما أمر وزارة الداخلية بـ«إقفال المنفذ الحدودي في حال عدم اتخاذ الحكومة التونسية إجراءات حازمة ضد من يسعى لتصدع العلاقة بين الشعبيين اللذين تربطهما علاقة حسن الجوار والمصالح المشتركة طيلة العقود الماضية».
وقطع محتجون تونسيون الطريق الواصلة إلى الحدود أمام المسافرين الليبيين على خلفية منعهم تهريب الوقود والسلع، فيما تحدث مسؤول في وزارة الداخلية بحكومة السراج عن وصول عدد من الشكاوى من المسافرين الليبيين براً عبر معبر رأس جدير على مدى اليومين الماضيين من تعرضهم لـ«مضايقات» وصلت إلى حد منع سياراتهم من العبور باتجاه ليبيا وقذفها بالحجارة والآلات الحادة. ويقع المعبر المشترك بين ليبيا وتونس الذي تكرر إغلاقه لأسباب مختلفة، على بعد نحو 600 كيلومتر جنوب شرقي تونس العاصمة، ولا يفصله عن طرابلس سوى 200 كيلومتر غرباً.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.