مساعدات هولندية بـ400 مليون يورو للدول المتأثرة باللجوء السوري

نازحون سوريون يعملون في مخبز بمخيم الزعتري قرب المفرق شمال الأردن (رويترز)
نازحون سوريون يعملون في مخبز بمخيم الزعتري قرب المفرق شمال الأردن (رويترز)
TT

مساعدات هولندية بـ400 مليون يورو للدول المتأثرة باللجوء السوري

نازحون سوريون يعملون في مخبز بمخيم الزعتري قرب المفرق شمال الأردن (رويترز)
نازحون سوريون يعملون في مخبز بمخيم الزعتري قرب المفرق شمال الأردن (رويترز)

أقرت الحكومة الهولندية برنامج مساعدات تنموية للدول المتأثرة باللجوء السوري (الأردن، لبنان، وتركيا) بقيمة 400 مليون يورو للأعوام المقبلة 2019 - 2022.
وتم الإعلان عن ذلك خلال لقاء وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية ماري كامل قعوار مع وزيرة التجارة الخارجية والتعاون التنموي الهولندية سيغريد كاغ، أمس بمقر الوزارة.
وقالت قعوار بأن برنامج المساعدات الهولندي للأردن سيتضمن عدة قطاعات ذات أولوية للحكومة الأردنية، وسيتم خلال الفترة المقبلة عقد اجتماع على المستوى الوزاري لمناقشة الأولويات مع الوزراء المختصين لتحقيق النتائج المرجوة من برنامج التعاون الجديد وتعظيم الاستفادة منه خلال السنوات القليلة المقبلة. واقترح الجانب الهولندي بأن تركز المساعدات على دعم التنمية الاقتصادية من خلال قطاعات الزراعة والتجارة والتعليم والتدريب المهني والتعليم التقني، حيث إن هولندا صاحبة خبرة هائلة تكنولوجية في هذه المجالات مما يساعد على الارتقاء بهذه القطاعات.
وأكدت وزيرة التخطيط أن هذا الدعم يأتي في الوقت المناسب ويتلاءم إلى حد كبير مع أولويات الحكومة الجديدة، بما يتماشى مع الأولويات المحددة في كتاب التكليف السامي للحكومة والذي يتضمن العمل على إطلاق طاقات الاقتصاد الأردني وتحفيزه ليستعيد إمكانيته على النمو والمنافسة وتوفير فرص العمل.
ومن جانبها، نقلت الوزيرة سيغريد تقدير الحكومة الهولندية لموقف الأردن تجاه اللاجئين السوريين واستضافتهم وتقديم الدعم لهم، مثمنة الجهود التي تبذلها الأردن لاستضافة اللاجئين في هذه الظروف الصعبة والدور الكبير الذي يقوم به الملك عبد الله الثاني لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة، مؤكدة التزام بلادها بتقديم الدعم للأردن في عدد من القطاعات التنموية مثل القطاع الزراعي من خلال نقل الخبرات والتكنولوجيا الهولندية في الزراعة والكفيلة بتقنين استهلاك المياه ورفع جودة المحاصيل الزراعية. كما أكدت التزام الحكومة الهولندية بدعم الأردن لتعظيم الاستفادة من اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي.
على صعيد متصل بحث وزير الزراعة الأردني خالد الحنيفات ومدير المركز الوطني للبحوث الزراعية نزار حداد مع وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندية والوفد المرافق لها سبل تعزيز التعاون في مجالات القطاع الزراعي وتطوير العملية الزراعية في ظل محدودية المياه.
كما بحث الجانبان خلال زيارة الوفد الهولندي للمركز الوطني للبحوث الزراعية، أمس الأحد، إيجاد سبل لاستغلال الموارد المائية المتاحة من خلال استخدام تكنولوجيا حديثة في الري وكفاءة استغلال المياه ما يسهم في زيادة الإنتاج وينعكس بشكل إيجابي على القطاع الزراعي.
وأكد الحنيفات أهمية تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والغذاء والإنتاج الحيواني وتبادل الخبرات والبحوث العلمية الزراعية بين الجانبين، لافتا إلى أهمية المساعدات المادية والفنية التي تقدمها الدول الصديقة للأردن في تنمية قدراتها في جميع المجالات.
وبين أن المركز الوطني للبحوث الزراعية أنشئ ليكون المظلة الوطنية للبحث العلمي الزراعي ويعتبر الذراع العلمية لوزارة الزراعة والمبادر في نقل التكنولوجيا الحديثة للمزارعين بخاصة ذات العلاقة بزراعات الندرة المائية والمياه غير التقليدية.
وأبدت الوزيرة سيغريد كاغ استعداد هولندا للتعاون مع الأردن من خلال المركز الوطني للبحوث الزراعية في مجالات استخدام المياه وكفاءة المياه وزيادة الإنتاجية وتبادل الخبرات والكفاءات وعقد ورش العمل بهدف تدريب المزارعين الأردنيين.
وكانت الوزيرة الهولندية، دعت إلى دعم وتأهيل وتدريب العقول الأردنية الريادية؛ ومساعدتها في التحول إلى مشاريع إنتاجية.
وأشارت خلال لقاء حواري مع الشباب، نظمته مؤسسة عبد الحميد شومان، بالتعاون مع السفارة الهولندية في الأردن، إلى أن الأردن يعتبر منارة للاستقرار والسلام وأثبت ذلك على مدى السنوات الماضية.
إلى ذلك، عرجت كاغ إلى سياسات وأولويات التنمية الهولندية الجديدة وكيفية توظيف الشباب وتحديات سوق العمل، ومدى تكافؤ فرص العمل للنساء والرجال، مؤكدة في هذا السياق، أن هولندا تستعد في الوقت الحالي إلى مساعدة الأردن في خلق فرص عمل للشباب والتوسع في الاستثمار.
وقالت الوزيرة الهولندية، بأنها «تسعى من خلال اللقاء إلى تبادل الأفكار مع الشباب الأردني حول التحديات والفرص في الأردن، مع التركيز بشكل خاص على سوق العمل».
كما دعت الأردن إلى المحافظة على الشباب ورعايتهم ومنحهم فرص التدريب في كافة المجالات، وأشارت إلى أن الأردن، مثل البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سكانه الأكبر من الشباب.
وبحسب كاغ، فإن أكثر التحديات إلحاحا أمام الأردن في هذا الوقت، تتمثل في خلق فرص عمل للشباب ذكوراً وإناثاً، وفي تدني الأجور، وعدم توفير رعاية الأطفال، لافتة إلى أن الشابات الأردنيات يعانين من ثغرات في الأجور، حيث يكسبن 41 في المائة فقط مقارنة بالرجال في القطاع الخاص، وأقل من 28 في المائة في القطاع العام.
يشار هنا، إلى أن سيغريد كاغ تولت سلسلة من الوظائف الدولية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. من 1994 إلى 1997 كانت مديرة البرامج ورئيسة العلاقات مع الجهات المانحة في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في القدس. ثم عملت في المنظمة الدولية للهجرة في جنيف من عام 1998 إلى عام 2004. وفي عامي 2004 و2005. كانت كاغ مستشارة كبيرة للأمم المتحدة في الخرطوم ونيروبي. ثم واصلت حياتها المهنية في اليونيسيف.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم