وفاة راعي غنم تونسي في المستشفى بعد تعذيبه بأيدي إرهابيين

TT

وفاة راعي غنم تونسي في المستشفى بعد تعذيبه بأيدي إرهابيين

توفي راعي غنم تونسي في منطقة جبل الشعانبي في ولاية محافظة القصرين (وسط غربي البلاد) أمس، وذلك غداة تعرضه للتعذيب من جانب مجموعة إرهابية راقبت تحركاته واختطفته، قبل أن تذيقه أصنافاً من الضرب والتنكيل وتقطع جزءاً من أنفه ثم تطلق سراحه. غير أن الإسعافات الطبية التي قدمت له لم تحل دون وفاته ليصبح ثالث راعٍ يتعرض للموت إثر ذبح الإرهابيين الراعيين الأخوين السلطاني في المنطقة ذاتها.
ويدعى الراعي المتوفى لمجد القريري ويبلغ من العمر نحو 30 سنة. وانتقل إلى المنطقة الجبلية ليسرح بالأغنام التي تمثل أهم مصدر عيش لسكان التجمعات السكانية الفقيرة المتاخمة للمناطق الجبلية، حيث تتحصن عناصر إرهابية مسلحة.
وأكدت وزارة الدفاع التونسية أن المجموعة الإرهابية اعتدت على الراعي أثناء صعوده لرعي الأغنام في المنطقة العسكرية المغلقة في جبل الشعانبي (القصرين). وأشارت الوزارة إلى أن قوة عسكرية تدخلت لنقل الراعي بسرعة إلى المستشفى في مدينة القصرين بسيارة إسعاف عسكرية بعدما اتصلت عائلته بالوحدات العسكرية للتبليغ عن الحادث، غير أنه فارق الحياة متأثراً بإصابته.
وخلافاً للرواية الرسمية، أكد شهود أن الضحية نقل إثر الحادث مباشرة بعربة مجرورة، ثم بسيارة خاصة أوصلته إلى سيارة الإسعاف العسكرية التي نقلته إلى المستشفى، وهو في حال إغماء ووجهه ملطخ بالتراب وعليه آثار كدمات جراء تعرضه لشتى أصناف الضرب والتنكيل.
في الوقت ذاته، تعرضت إحدى السيارات العسكرية المرافقة للإسعاف إلى حادث مرور تسبب في إصابة 7 عسكريين تونسيين برضوض وكدمات، ونقلوا بدورهم إلى المستشفى ذاته للقيام بالفحوصات الطبية اللازمة وتلقي الإسعافات الضرورية.
وتمنع وزارة الدفاع التونسية الدخول إلى المنطقة العسكرية المغلقة حفاظاً على الأرواح من خطر الألغام التي يزرعها الإرهابيون في طريق قوات الجيش والأمن، وكذلك خشية تعرضهم للاستهداف من جانب الإرهابيين المتحصنين في المناطق الجبلية الوعرة المتاخمة للتجمعات السكنية. يذكر أن المجموعات الإرهابية المنضوية تحت لواء كتيبة «جند الخلافة» المبايعة لتنظيم داعش الإرهابي، نفذت عملية ذبح الراعي التونسي خليفة السلطاني في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، قبل أن تعود وتذبح شقيقه مبروك السلطاني في بداية سنة 2017، وذلك بتهمة التعامل مع قوات الجيش والأمن واطلاعهما على تحركات المسلحين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم