مقتل 5 ضباط و20 عنصراً من قوات النظام شرق درعا

أنباء متضاربة عن «استسلام» فصيل معارض

شرطيون روس يفتشون قافلة نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
شرطيون روس يفتشون قافلة نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل 5 ضباط و20 عنصراً من قوات النظام شرق درعا

شرطيون روس يفتشون قافلة نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
شرطيون روس يفتشون قافلة نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

قتل خمسة ضباط و20 عنصرا من قوات النظام السوري خلال معارك في مناطق شمال شرقي درعا التي تعرضت لقصف من قوات النظام؛ ما اعتبر خرقاً لاتفاق «خفض التصعيد» بين روسيا وأميركا والأردن.
وبدأت قوات النظام الثلاثاء تكثيف قصفها على ريف محافظة درعا الشرقي؛ ما يُنذر بعملية عسكرية وشيكة ضد الفصائل المعارضة في المحافظة الجنوبية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن: «حققت قوات النظام أول تقدم لها في المنطقة منذ التصعيد العسكري الثلاثاء بسيطرتها على قريتي البستان والشومرية في ريف درعا الشرقي». ويتركز القصف والاشتباكات حالياً عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء، وتحديداً في ريف درعا الشرقي وأطراف السويداء الغربية.
وتهدف قوات النظام، على حد قول عبد الرحمن، إلى فصل الريف الشرقي بين شمال وجنوب «ما يسهل عملياتها ويزيد الضغط على الفصائل المعارضة ويتيح لها التقدم بشكل أسرع». وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن «وحدات من الجيش خاضت خلال الساعات القليلة الماضية اشتباكات عنيفة في منطقة اللجاة» الممتدة بين محافظتي درعا والسويداء، كما «حققت تقدماً على هذا المحور بعد القضاء على الكثير من الإرهابيين».
وتكتسب المنطقة الجنوبية خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق.
وبعد سيطرتها في الشهرين الماضيين على الغوطة الشرقية وأحياء في جنوب العاصمة، حددت دمشق منطقة الجنوب السوري وجهة لعملياتها العسكرية. وتستقدم منذ أسابيع تعزيزات عسكرية إلى المنطقة.
وأفاد المرصد، السبت، عن «تصعيد مستمر للقصف والاشتباكات في ريف درعا الشرقي والشمالي الشرقي»، وقد استهدف القصف الجوي والمدفعي قرى وبلدات عدة.وأسفرت الاشتباكات السبت، وفق حصيلة للمرصد، عن مقتل ثمانية عناصر على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وإصابة 20 آخرين بجروح. كما قُتل في المقابل عشرة مقاتلين على الأقل من الفصائل المعارضة. وتسبب قصف قوات النظام منذ الثلاثاء في مقتل 18 مدنياً، وفق المرصد، الذي وثّق أيضاً نزوح أكثر من 12 ألف مدني خلال ثلاثة أيام فقط غالبيتهم من ريف درعا الشرقي. وقالت قاعدة حميميم الروسية ان 5 ضباط و20 عنصرا قتلوا في المعارك.
وطال القصف الصاروخي السبت مدينة درعا التي تتقاسم الفصائل المعارضة وقوات النظام السيطرة عليها. وقد استهدفت قوات النظام، وفق المرصد، الجمعة «بلدة حراك بالبراميل المتفجرة، لتكون المرة الأولى التي يُستخدم فيها هذا السلاح في درعا منذ عام».
وتعد محافظات درعا والقنيطرة والسويداء إحدى مناطق خفض التصعيد الأربع في سوريا. وقد أُعلن فيها وقف لإطلاق النار برعاية أميركية - أردنية - روسية في يوليو (تموز) الماضي؛ لتشهد منذ ذلك الحين توقفاً كاملاً في الأعمال القتالية.
وتسيطر الفصائل المعارضة على 70 في المائة من مساحة القنيطرة الحدودية مع إسرائيل وكذلك محافظة درعا التي تعد مهد الاحتجاجات السلمية التي انطلقت ضد النظام في عام 2011، ويقتصر وجودها في السويداء على أطرافها الغربية المحاذية لريف درعا الشرقي.
وحذرت الأمم المتحدة، الخميس، من تداعيات التصعيد على سلامة مئات الآلاف المدنيين، وتقدر وجود نحو 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب البلاد. إلى ذلك، ردَّت غرفة العمليات المركزية في جنوب سوريا، على قاعدة «حميميم» الروسية حول تسليم مناطق إلى قوات النظام. وقالت الغرفة في بيانٍ لها: «نؤكد زيف الادعاءات الصادرة عن قاعدة حميميم المتحدثة عن تسليم قرى باللجاة وارتباط ذلك بالمدعو (وجدي أبو ثليث) الذي تم فصله قبل شهر تقريباً من ألوية العمري بعد ثبوت خيانته».
في الوقت ذاته، نفت غرفة العمليات المركزية «بشكلٍ قاطعٍ، حدوث أي تقدم لقوات النظام وميليشياتها الإيرانية، في الجنوب السوري». وأشارت إلى أن إعلام النظام يحاول عبر هذه الادعاءات، ترويج انتصارات وهمية له في الجنوب السوري، بعد عُقمٍ عسكري أفقده القدرة على التقدم ولو شبراً واحداً في الأرضي المحرَّرة، وأوقع خسائر بشرية في صفوف قواته يحاول التعتيم عليها.
وكانت قاعدة «حميميم» قالت، إن «قائد المجموعة الكبيرة (تجمع ألوية العمري)، وجدي أبو ثليث، أعلن الانتقال إلى جانب النظام السوري، وذلك بعد مفاوضات بين ممثلي مركز المصالحة الروسي والنظام مع الجيش الحر». وأضافت: «بذلك تم انتقال بلدتي داما والشياح وجزء من قرية جدل التي كانت تحت سيطرة قواته إلى سيطرة قوات النظام».
وأفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة، أمس، بأن «فصائل الثوار كبدت قوات النظام وميليشياته خسائر بشرية ومادية، خلال المعارك الجارية بريف درعا الشرقي». وذكرت غرفة «عمليات اللجاة» أن مقاتليها أحبطوا محاولة تقدم لـ«قوات الأسد» والميليشيات الإيرانية على محور الدلافة وحران شرق درعا، وتمكنوا من قتل 5 عناصر منهم.
من جانبها، أفادت مصادر ميدانية، بأن اشتباكات عنيفة تدور منذ ساعات الصباح الأولى بين غرفة «عمليات اللجاة» من جهة، و«قوات الأسد والميليشيات الإيرانية من جهة أخرى، على محاور بلدات الشومرة والداما والشياح والبستان في منطقة اللجاة شمال شرقي درعا، تترافق مع قصفٍ عنيف بالأسلحة الثقيلة»، بحسب «الدرر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم