إمام وخطيب المسجد الحرام يدعو الأفغان لتوثيق روابط الأخوة والتعاون

أكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام أن دعم بلاد الحرمين الشريفين حكومة وشعباً لقرار المصالحة بين أبناء الشعب الأفغاني، نابع من كونه قرارا حكيما قائما على هدى من الشريعة الإسلامية وقيمها الرفيعة، ويهدف لصالح شعب مسلم عزيز لتجاوز الخلافات التي عانى منها طويلاً ولم تجد مواجهتها إلا مزيداً من إراقة الدماء والدمار والعداوة والتناحر.
وأشار الشيخ السديس في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام إلى أن الأمة الإسلامية والإنسانية أحوج ما تكون لتغليب منطق العقل والحكمة والحوار لتحقيق مصالحها العليا على كافة المطامع والنزاعات الضيقة التي تعود خسائرها بأكثر من مكاسبها الموهومة. وطالب الشيخ السديس من منبر الحرم المكي أبناء الشعب الأفغاني المسلم بتوثيق روابط الأُخُوة والتعاون معا للمحافظة على المقدرات والمكتسبات، وبناء مستقبلهم وجعل مصلحة وطنهم فوق كل الاعتبارات، «مفوتِين الفرصة على المغرضِين والمتربصين، مرتقين عاليا بمعاني أخوتهم وقيمهم الدينية ولحمتهم الوطنية؛ لتأخذ أفغَانُنَا المسلمة وضعها اللائق بها في منظومتها الإسلامية والعالمية».
كما دعا أبناء الشعب الأفغاني أن يَجِدُوا في دعوة خادم الحرمين الشريفين، أسوة حسنة، وأنموذجا يُحْتَذَى في الالتفاف حول مطلبها الأَخوي المشفق والمحب والداعم لكل خير وتصالح في بلاد الأفغان وفي كل مكان من منطلق الرسالة الإسلامية في بعدها الإسلامي الكبير، والإنساني العميق، والحضاري الوثيق، وقيمها العليا الحاضنة للجميع.
ونوه إمام وخطيب المسجد الحرام بهذه المناسبة، بجهود السعودية وما توليه للقضايا الإسلامية منذ تأسيسها من الاهتمام والعناية والحرص والرعاية، مشيرا إلى أن البيان الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «أنموذجٌ مُشْرِقٌ لمواقف هذه البلاد المباركة، فهي اليد الحانية والبلسم الشافي لجراحات الأمة، وقد عبَّر باهتمام بالغ عن حِسِّه الإيماني ووجدانه الإسلامي والإنساني الكبير، وما أبانه من سروره وترحيبه وكل مسلم بهذه الخُطوة المباركة، وتأييده لها، وأَمَلِهِ أن يتم تجديدها والبناء عليها لفترة أطول ليتسنى لجميع الأطراف العمل على تحقيق الأمن والسلام للشعب الأفغاني المسلم الأبي».
وأوضح الشيخ السديس أن «مشاعر الحب التي تَجِل عن الوصف، وبعواطف التقدير التي يقصر عنها الرصف، أرسلتها بلاد الحرمين الشريفين هتفة مشفقة حانية إشادة بهذه المصالحة المباركة وتجديد الهُدْنة الموفقة التي تم التوصل إليها بين الأطراف الأفغانية لفترة أطول؛ ليتسنى لجميع الأطراف العمل على تحقيق الأمن والسلام لأبناء الشعب الكرام، فالشعب الأفغاني الشقيق الذي عانى كثيراً من ويلات الحروب يتطلع، ويتطلع معه العالم الإسلامي إلى طَي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة قائمة على التسامح والتصالح، ونبذ العنف وإراقة الدماء والمحافظة على حياة الأبرياء، استناداً إلى التعاليم الإسلامية العظيمة؛ التي تدعو إلى نبذ الفُرْقَة والخلاف، والتعاون على البر والتقوى، والعفو والإصلاح بين الإخوة».
ودعا الشيخ السديس الأمة الإسلامية إلى الحفاظ على النسيج الاجتماعي في الأُمَّة، مشيراً إلى أنه واجب ديني ومقصد شرعي، «ومن المهم بل والضروري التوارد على ميثاق شرفٍ أخلاقي؛ خاصة في الإعلام الجديد، وسَنِّ الأنظمة الحازمة لردع كل من تُسَوِّلُ له نفسه السير في هذا الطريق الوَعْر وإيذاء المسلمين، وبث الفرقة والخلافات، والتشتت والانقسامات».
واختتم الشيخ السديس الخطبة بالدعاء للأفغان بالتوفيق إلى ما فيه مصلحة بلادهم وإصلاح ذات بينهم وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لهم ولسائر بلاد المسلمين، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده خير الجزاء على حرصهما على نُصرة قضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان.