توترات في كربلاء والقادسية بعد مواجهات بين القوات الأمنية وأنصار الصرخي

إخلاء مقراته وأنباء عن اختفائه بعد تفجير بيته

توترات في كربلاء والقادسية بعد مواجهات بين القوات الأمنية وأنصار الصرخي
TT

توترات في كربلاء والقادسية بعد مواجهات بين القوات الأمنية وأنصار الصرخي

توترات في كربلاء والقادسية بعد مواجهات بين القوات الأمنية وأنصار الصرخي

شهد عدد من محافظات الفرات الأوسط العراقية، كربلاء (110 كم جنوب بغداد) والديوانية (180 كم جنوب بغداد) والجنوب، البصرة (550 كم جنوب بغداد) وذي قار (370 كم جنوب بغداد)، توترات بعد يوم من المواجهات المسلحة بين القوات الأمنية العراقية مدعومة بالمتطوعين والطائرات وأنصار رجل الدين الشيعي المثير للجدل محمود الحسني الصرخي.
وفي الوقت الذي داهمت فيه قوات الأمن العراقية مقر الصرخي في مناطق سيف سعد والملحق جنوب كربلاء، بعد مواجهات عنيفة مع الأجهزة الأمنية العراقية استخدمت فيها الطائرات - كشفت مصادر مقربة من الصرخي عن أنه غادر المدينة، بينما رفضت القوات العراقية التفاوض مع أنصاره بعد قتل واعتقال العشرات منهم.
وكان الصرخي قد أعلن أخيرا رفضه فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني بشأن وجوب قتال المسلحين الذين يواجهون الحكومة في مناطق مختلفة من العراق، وخاصة في محافظات غرب العراق وشماله.
من جانبه، قال الموقع الإعلامي الخاص بالصرخي إن مداهمة مقره في كربلاء جاءت نتيجة مواقفه الوطنية، موضحا أن «قوات الجيش قامت باستفزاز الموجودين في المقر، كما دهموا مسجدا وحسينية».
وأضاف أن «هذه الأعمال تعد تصرفات ميليشياوية نتيجة مواقف الصرخي الرافضة للتقسيم والطائفية التي قتلت أبناء الشعب العراقي، وموقفهم هذا دليل فشلهم وعدم صمودهم تجاه المواقف الوطنية التي تكشف عمالتهم للدول الأخرى التي لا تريد غير الشر والدمار للعراق والعراقيين».
إلى ذلك، قال محافظ كربلاء عقيل الطريحي خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى المحافظة وحضرته «الشرق الأوسط»، إنه «جرى العثور على معمل تفخيخ السيارات والعبوات الناسفة داخل منزل محمود الصرخي، وإن هناك دولتين عملتا على دعم عملياته المسلحة».
وأضاف أن «عملية مداهمة منزل ووكر محمود الصرخي في حي سيف سعد جنوب مدينة كربلاء، أسفر عن مقتل العشرات واعتقال 350 من أتباعه».
وتابع أن «منزل الصرخي في منطقة سيف سعد، كان مفخخا ومن ثم جرى تفجيره»، مشيرا إلى أن «الصرخي ليس رجل دين وأن أنصاره عندما تمادوا في تصرفاتهم واعتداءاتهم على المواطنين اضطررنا إلى حمل السلاح لإيقافهم، وإننا لن نسمح لأي وجود للصرخيين في محافظة كربلاء مستقبلا».
من جهته، قال نائب محافظ كربلاء، علي الميالي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصرخي لجأ إلى بيوت قريبة من مكتبه في سيف سعد بعد أن قامت القوات الأمنية بإحراق مضيفه (البراني) الخاص به»، مبينا أن «القوات الأمنية فرضت سيطرتها على الأوضاع في عموم المحافظة».
وأضاف أن «هناك الكثير من أتباع الصرخي حاليا بين قتيل وجريح ومعتقل، وإن الحصار المفروض على المنطقة قد يفك جزئيا، لكن تبقى منطقتا سيف سعد والملحق محاصرتين حتى تتمكن القوات الأمنية من اعتقال الصرخي الذي يعتقد أنه لم يغادر تلك المنطقتين».
إلى ذلك، قال ضابط كبير في الجيش العراقي بمحافظة القادسية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن: «قيادة الشرطة أوعزت إلى جميع قطعاتها بمحاصرة مكاتب رجل الدين محمود الصرخي واعتقال أتباعه، لا سيما بعد اعتراف أحد أتباعه بأن الصرخي أفتى بوجوب الجهاد وقتل قوات الجيش والشرطة في المحافظة». وأضاف أن «القوات الأمنية منعت الدخول إلى المدينة، بينما تسمح بالخروج منها لتسهيل عملية اعتقال أتباع الصرخي الذين هاجموا قوات الجيش والشرطة في المدينة». وتابع أن «أغلب أتباع الصرخي هربوا إلى خارج مناطق المحافظة».
وأشار إلى أن «محافظات ذي قار والبصرة شهدت استنفارا أمنيا بعد المواجهات مع جماعة الصرخي في كربلاء والقادسية».
ويعرف المرجع الديني الشيعي محمود بن عبد الرضا بن محمد الحسني الصرخي بعلاقاته المتوترة مع المراجع الدينية في محافظة النجف، منذ ظهوره عقب عام 2003 وإعلان نفسه مرجعا دينيا بمرتبة آية الله العظمى.
كما يذكر أن رجل الدين الصرخي متوار عن الأنظار منذ 2003، لكنه ظهر عدة مرات في مدينة كربلاء خلال العام الماضي، ويقول أنصاره إنهم يواجهون مضايقات من قبل الحكومة ويدعون أنها قامت بإغلاق الكثير من مكاتبهم.



مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».