اعترافات قائد خفر السواحل الليبية «تصدم» المدافعين عن حقوق المهاجرين السريين

مجلس الأمن اتهم عبد الرحمن ميلاد بضربهم وإغراق مراكبهم

اعترافات قائد خفر السواحل الليبية «تصدم» المدافعين عن حقوق المهاجرين السريين
TT

اعترافات قائد خفر السواحل الليبية «تصدم» المدافعين عن حقوق المهاجرين السريين

اعترافات قائد خفر السواحل الليبية «تصدم» المدافعين عن حقوق المهاجرين السريين

تسبَّبَت تصريحات عبد الرحمن ميلاد، أحد قادة قوات خفر السواحل الليبية، الذي فرضت عليه الأمم المتحدة عقوبات عدة بسبب اتجاره المزعوم في البشر وتهريب مهاجرين، بغضب عارم وسط الجمعيات الحقوقية المدافعة عن حقوق المهاجرين، وذلك بعد أن اعترف بأنه يضرب المهاجرين «من أجل سلامتهم للحيلولة دون انقلاب مراكبهم».
ويشغل ميلاد منصب قائد وحدة لخفر السواحل في مدينة الزاوية غربي طرابلس، وكان ضمن ستة أشخاص فُرضت عليهم عقوبات لدورهم في الاتجار أو تهريب البشر في ليبيا في السابع من يونيو (حزيران) الحالي، وذلك في أول خطوة من نوعها.
وبموجب هذه العقوبات يتم تجميد الحسابات المصرفية للمدرج أسماؤهم، ويحظر عليهم السفر دولياً، وهي محاولة لشنِّ حملة على شبكات التهريب، التي ترسل مئات الآلاف من المهاجرين في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط.
وفي تبريره لهذا القرار، قال مجلس الأمن الدولي إن وحدة ميلاد «ارتبطت باستمرار العنف ضد المهاجرين ومهربي البشر الآخرين»، مشيراً إلى ادعاءات لجنة خبراء من الأمم المتحدة بأنه «كان له دور مباشر في إغراق مراكب للمهاجرين باستخدام أسلحة نارية»، رفقة آخرين من أفراد خفر السواحل.
وأدرج أيضاً أقوال شهود من المهاجرين قالوا إنهم نقلوا على ظهر إحدى السفن التي كان ميلاد يستخدمها كمركز اعتقال، حيث أفادوا باحتجازهم في ظروف قاسية وتعرضهم للضرب.
لكن ميلاد نفى في حديث لوكالة «رويترز» للأنباء عبر الهاتف ارتكاب أي مخالفة، أو التورط في عمليات تهريب، وقال إنه مستعد لتسليم نفسه للسلطات الدولية إذا ضمن محاكمة نزيهة، موضحا أن لديه أوراقاً وإثباتات.. أما «هم فليس لديهم أي إثبات ضدي... هذه الاتهامات الباطلة وراءها دول منها فرنسا... لقد اتهموني بضرب المهاجرين. نعم أنا أضرب المهاجرين لأن هذا في صالح المهاجر حتى يجلس بطريقة صحيحة، ولا يتحرك، لأن أبسط حركة صحيحة أو سريعة سينقلب الزورق، أو يحدث ثقب ونغرق جميعاً».
وأضاف ميلاد في رده على اتهامه بتهريب البشر: «هذا غير صحيح.. وليأتوا بالدليل على ذلك. أنا ضابط في البحرية وأقع تحت القانون»، مشدداً على أنه لم يطلق قطّ رصاصة على المهاجرين. لكن ميلاد لم يتناول الادعاء بتعرض المهاجرين لمعاملة سيئة في مراكز الاحتجاز.
وفي الشهور الأخيرة، دأبت القوات البحرية الليبية على نفي الاتهامات بارتكاب أفراد خفر السواحل، التابع لها، انتهاكات بحق المهاجرين الذين يقعون ضحية مهربين يستغلونهم لجني أرباح طائلة، مستغلين الفراغ الأمني في ليبيا منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011، التي أطاحت بمعمر القذافي.
وفي رده على هذه الاتهامات، قال ميلاد إن رجاله، الذين يتراوح عددهم بين 30 و40 رجلاً، يرتكبون «أخطاء» في بعض الأحيان. لكن لا يمكن تحميله المسؤولية دوماً. وألقى باللوم في تهريب المهاجرين على خصومه.
وتراجع عدد المهاجرين، الذين يعبرون من ليبيا إلى إيطاليا، بشكل حاد منذ يوليو (تموز) الماضي عندما تم وقف عمليات التهريب من صبراتة، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً غرب الزاوية. لكن ما زالت قوارب المهاجرين تنطلق بشكل متكرر وما زال يسقط عدداً من القتلى.
وتلقى خفر السواحل الليبي زوارق وعتاداً وتدريباً من إيطاليا ومن الاتحاد الأوروبي أيضاً، وأصبح أكثر نشاطاً ويعترض أعداداً أكبر من المهاجرين ويعيدهم إلى ليبيا. وفي هذا الصدد قال ميلاد إن وحدته تسلمت زورقاً، وإن بعض رجاله خضعوا للتدريب.
ومن بين مَن فُرِضت عليهم عقوبات محمد كشلاف، وهو قريب لميلاد وقائد وحدة حراسة بمصفاة الزاوية. وقد قال مجلس الأمن إنه يُشتبه في أن كشلاف وفَّر ستاراً لأنشطة ميلاد المزعومة في تهريب المهاجرين. كما تتهم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا كشلاف أيضاً بتهريب الوقود. ودعت إلى توسيع قائمة العقوبات لتشمل مهربي الوقود المزعومين الآخرين في أنحاء ليبيا. لكن لم يتسنَّ الاتصال بكشلاف للتعليق.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.