الفيلات في السعودية تفقد 8 % من متوسط قيمتها خلال 5 أشهر

ضغطت الظروف المحيطة بالسوق العقاري السعودي بدءا من إصدار فواتير رسوم العقار وضريبة القيمة المضافة ومروراً بتسليم دفعات برنامج «سكني» غير الربحي بشكل منتظم للسنة الثانية على التوالي، إيجاباً على قيمة السوق العقاري وخصوصاً الفيلات التي شهدت نزولاً نسبياً في قيمتها خلال النصف الأول من العام الجاري بعد موجة من الارتفاعات التي شهدتها خلال السنوات الماضية وبالتحديد العقد الأخير.
وانخفض متوسط سعر الفيلات خلال النصف الأول بنسبة 8.6 في المائة (متوسط السعر 211 ألف دولار للفيلا الواحدة) وتأتي في المرتبة الثانية من ناحية التغيرات السعرية منذ بداية العام الجاري، حيث تميزت الفترة المنصرمة من العام الجاري بوجود تنوع في قيمة نزول أسعار الفيلات تختلف من منطقة إلى أخرى ومن عمر زمني للمبنى إلى آخر، إلا أن الانحدار الأكبر كان للجديدة ذات الحجم الصغير التي لا تتجاوز مساحتها الـ300 متر مربع التي انخفضت بشكل ملحوظ ومتتال، خصوصاً للمشاريع الكبرى التي جهزت العشرات منها أو المئات ولم تستطع تصريفها وبقيت متجمدة على حالها منذ سنوات.
وقال خالد الباز المدير العام لشركة الباز للتطوير العقاري: «شهدت الأفرع العقارية الأخرى مستويات من الانخفاض، إلا أن الحدث الجديد كان من نصيب الفلل التي بقيت متماسكة حتى وقت قريب، وهو ما يوحي بتزايد معدلات النزول»، وأضاف: «هناك بلورة شاملة للسوق ابتدأت من سعر الأرض وشملت تكلفة البناء وانتهاءً بسعر البيع، حيث إنها تشكلت كسلسلة انخفاضات في جميع الخطوات الأمر الذي انعكس على القيمة النهائية للمستهلك رغم أنها لم تكن بكامل قوتها، بل إن فتح الطريق نحو الانخفاض أمر إيجابي بعينه بعد تراكم قيمة العقار وزيادته إلى مستويات كبيرة».
ولفت إلى أن هبوط مؤشر الأرباح، ولو بشيء يسير هو إنجاز كبير يجب أن يسجل، خصوصاً أن العقار افتقد النزول في الأداء منذ ما يزيد على 8 سنوات كحد أدنى، إلا أن الانخفاض في السعر بدأ حديثاً وبالتحديد منذ بداية السنة الماضية.
وزاد: «نتحدث هنا بالتحديد عن الفيلات التي لم تشهد أي انخفاض يذكر من سنوات رغم تفاوت الطلب في مراحل سابقة والتي شهدت انحسارا كبيراً في الطلب عليها، إلا أن ما يمكن قوله الآن هو التراكم الكبير للمشاريع والالتزامات التي تربط شركات التطوير العقاري مع المقاولين، خصوصا أن بعض المشاريع منته منذ سنوات ولم يتم بيع أكثر من 40 في المائة في ظل التفاوت بين قدرة المشتري وعرض البائع».
وأوضح الباز: «إن ما يحدث للقطاع العقاري هو نقلة كبيرة وإنه يطوي صفحة من التضخم بدأت في الانحسار، وإن تحريك المبيعات ولو بنسب هامش ربح قليل أو برأس المال أصبح مطلباً».
وشهد متوسط أسعار الأفرع العقارية انخفاضا منذ بداية العام الجاري، حيث انخفض متوسط الأسعار السوقية للعمائر السكنية بنسبة 9.3 في المائة، وفي المرتبة الثانية انخفض متوسط الأسعار السوقية للفيلات السكنية بنسبة 8.6 في المائة، كما انخفض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 7.9 في المائة، وأخيرا انخفض متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكنية بنسبة 6.7 في المائة.
من جهته قال راشد التميمي المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة، إن حال السوق من ناحية القيمة، تعطي صورة لارتباك في حركة السيولة نتيجة الضغط الحكومي بالقرارات التي ستصب لصالح المواطن عبر خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما هو حاصل الآن، وأضاف: «فقدت الفيلات السكنية ما يقارب الـ8.6 في المائة من قيمتها العامة بعد ثبات في الأسعار ظل طويلا، ويعتبر بصيص أمل نحو واقع جديد في السوق، حيث إن هذه النسبة كانت شبه مستحيلة خلال السنتين الماضية فقط، ما يعني أن القطاع العقاري من المتوقع أن يشهد مزيداً من الانخفاض خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك».
وبين أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون نافعاً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة، وليس مبلغ التمويل، وهو ما جعل السوق تحت ضغط كبير رغم خفض قيمة الدفعة الأولى للشراء بالآجل.
وبالحديث عن أسعار الفيلات بالتحديد في منطقة الرياض، أكد التميمي أن أطراف العاصمة والأحياء الجديدة هي الأكثر انخفاضاً، خصوصاً الواقعة ضمن الحزام الجديد للمدينة، لافتاً إلى أن الحاجة إلى السيولة أثرت على الأٍسعار بشكل كبير خصوصاً لمن يضع رأس ماله الأكبر في المشاريع القائمة وهم فئة كبيرة في قطاع الاستثمار العقاري، لافتاً إلى أن الفيلات الصغيرة التي لا تتجاوز الـ300 متر تضررت بعد موجة من الارتفاعات كما تشتهر البيوت ذات الأحجام ذاتها بأنها الأكثر رواجاً للمشاريع السكنية على حساب الكبيرة التي انحسرت بشكل كبير، وأثرت بذلك على القيمة.
وتعتبر فترة العيد فترة توقف في القطاع العقاري، حيث تتلاشى بشكل تقريبي عمليات البيع والشراء بل وحتى التأجير السكني، وذلك لانشغال المتعاملين، إلا أن هناك نوعا آخر من القطاع ينشط خلال هذه الفترة وهو قطاع تأجير العقارات الترفيهية التي تعتبر الأكثر تصدراً خلال هذه الفترة من العام ومواسم الإجازات الرسمية والصيف بالتحديد.
إلى ذلك كشف محمد العليان الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية أن الانخفاض أشمل من كونه يلف قطاع بعينه، بل إنه يغشى جميع الأفرع العقارية المختلفة، كونها جميعاً تأثرت من النزول الحاصل في الطلب، إلا أن الضغوطات كبيرة على الإنشاءات بالتحديد وذلك لارتباطها بفترة زمنية معينة، وأن المنزل كلما تقدم به العمر نقصت قيمته وبالتالي الطلب عليه.
وأوضح أن الضغط الأكبر يدور في فلك المنازل الجديدة التي أنشئت للاستثمار وهي بنسب أقل من ناحية المنازل القديمة أو الأفرع الأخرى، لافتاً إلى أن الأحياء القديمة تعاني أساساً من الركود، وهو ما أجبر بعض جهات التمويل على زيادة فترة عمر المنشأة للشراء بالآجل، إلا أن ذلك لم يكن مؤثراً بالشكل المطلوب نظراً لاختلاف عقلية وثقافة المشتري عما كانت عليه وأن المساحات الصغيرة أصبحت المسيطرة على السوق وهو ما لا توفره المباني القديمة التي تشتهر بمساحتها الكبيرة.
وأضاف العليان بأن الحاضر والمستقبل أيضاً هو للفيلات الصغيرة المساحة المستغلة بشكل كامل والتي تتناسب قيمتها مع قدرات الراغبين في الشراء، لافتاً إلى أن هناك إقبالا كبيرا على الفيلات ذات الدور الواحد التي تحتوي على مدخل خاص والتي تشبه إلى حد كبير الشقق الكبيرة، خصوصا الواقعة في الأحياء الجديدة وبالتحديد في شمال الرياض وتأتي على رأس رغبات المشترين خصوصاً الشباب والأسر الصغيرة التي تغيرت ثقافتها تماماً فيما يخص قطاع الإسكان.