مصر: الحكومة الجديدة تطلب ثقة البرلمان خلال أيام

TT

مصر: الحكومة الجديدة تطلب ثقة البرلمان خلال أيام

على وقع تداعيات قرار زيادة أسعار المحروقات، من المفترض أن تتقدم الحكومة المصرية الجديدة التي شكّلها رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي بطلب الحصول على ثقة مجلس النواب وتعرض برنامجها على أعضائه خلال أيام قليلة، بحسب ما تقضي مواد الدستور.
وفي حين يُرجح على نطاق واسع أن يعرض مدبولي على النواب برنامج حكومته يوم السبت بعد أن يكون المجلس قد استأنف نشاطه بعد إجازة عيد الفطر، قالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يتم حتى مساء اليوم (أمس الاثنين) إدراج بند إلقاء بيان الحكومة على جدول أعمال الجلسة العامة المقررة في اليوم نفسه أو إخطار النواب بالموضوع، ومع ذلك فإن الأمر غير مستبعد ويمكن ترتيبه على عجل».
وقال الأمين العام لـ«ائتلاف دعم مصر» (صاحب الأغلبية البرلمانية) مجدي مرشد لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس النواب لديه فرصة مدتها شهر واحد لدرس برنامج الحكومة وإعداد تقرير بشأنه وبدء التصويت على منح الثقة لأعضاء الحكومة أو حجبها عنهم». وأوضح مرشد أن «التصويت سيكون على برنامج الحكومة وليس أسماء الوزراء»، موضحاً أن مواد الدستور المنظمة «واضحة في هذا الصدد ولا يمكن تجاهلها».
وتنص المادة 146 من الدستور الساري في البلاد على أن «يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدّ المجلس منحلاً».
وبشأن مدى تأثير إجراءات زيادة أسعار المحروقات على منح ثقة النواب للحكومة، قال مرشد (يضم ائتلافه نحو ثلثي أعضاء البرلمان) إن «القرارات الأخيرة لن تكون مؤثرة، إذ أن هناك شبه اتفاق بين النواب على أهمية برنامج الإصلاح الاقتصادي المتضمن لرفع الدعم، ورغم أن زيادات الأسعار يعاني منها قطاع واسع من المصريين لكنها ضرورية لتجاوز الصعوبات الاقتصادية الراهنة».
من جهة أخرى، قال وكيل أول مجلس النواب السيد الشريف، في تصريحات صحافية، أمس، إن المجلس سيحيل بيان رئيس مجلس الوزراء المتضمن برنامج عمل حكومته إلى لجنة خاصة برئاسة أحد وكيلي المجلس، على أن يكون ممثلاً فيها النواب المستقلون والمعارضون، لإعداد تقرير بشأنه.
وكانت الحكومة المصرية قررت قبل أيام زيادة أسعار الوقود التي تضمنت رفع سعر البنزين 92 أوكتين نحو 35 في المائة والبنزين 95 بنسبة 17.4 في المائة، فيما ارتفع سعر أسطوانات الطهي 66.6 في المائة، وسعر السولار والبنزين 80 أوكتين الأقل جودة 50 في المائة، وهي الزيادة الأكثر تأثيراً على شرائح واسعة من المصريين نظراً لاستخدامهما في أغلب وسائل النقل والمواصلات العامة والخاصة.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة «تقوم بتطبيق القانون بكل حسم مع أي مخالفة لتعريفة نقل الركاب المقررة، أو رفع أسعار أسطوانات البوتاجاز في المستودعات». وقال في بيان، أمس، إن «هناك تكليفات للوزراء والمحافظين والأجهزة المعنية بتكثيف حملات مباحث المرور والتموين، وتواجد رؤساء الأحياء والمراكز والمدن؛ للتأكد من توافر المنتجات البترولية المختلفة، خاصة أسطوانات البوتاجاز، وإلزام جميع السائقين بتعريفة الأجرة الجديدة، سواء أجرة الأقاليم والمحافظات أو تعريفة السرفيس والتاكسي في النقل الداخلي».
وأوضح رئيس الوزراء أن «هناك قنوات تواصل مع المواطنين لاستقبال الشكاوى بشأن أي مخالفات أو تجاوزات، سواء من خلال منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة بمركز معلومات مجلس الوزراء، أو الخطوط الساخنة».
وأفاد المتحدث باسم مجلس الوزراء، السفير أشرف سلطان، بأن منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 115 شكوى من مواطنين يقيمون في 18 محافظة، وكانت أغلبها من عدم «الالتزام بتعريفة نقل الركاب المقررة بالمحافظات»، وبعض الشكاوى من زيادة أسعار أسطوانات البوتاجاز. وأوضح سلطان أن وزارة التموين حررت محاضر «جنح أمن دولة طوارئ» في محافظات عدة، ودعا المواطنين لإفادة الحكومة بأي مخالفات للتعريفة الرسمية المعلنة.
على صعيد آخر، قالت مصر إنها «ليست قلقة»، رغم إرجاء الاجتماع التساعي حول «سد النهضة}، الذي كان مقرراً عقده في القاهرة أمس، على أن يستمر حتى اليوم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «هناك بعض الاستحقاقات لم تتحقق حتى الآن، يتوجب تنفيذها قبل تحديد موعد جديد»، مبدياً تفاؤله بشأن التوافق على الموعد في أقرب وقت.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.