وساطات لـ«استيعاب» الوضع الأمني قرب سوريا

TT

وساطات لـ«استيعاب» الوضع الأمني قرب سوريا

انتهت مهلة الأيام الثلاثة التي أعطتها فعاليات بعلبك - الهرمل للأجهزة الأمنية لمعالجة الخلل الأمني في المنطقة والذي تفاقم في الأسابيع الماضية ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأشخاص بعمليات ثأر. وتدهورت الأوضاع مع اندلاع اشتباكات عائلية السبت الماضي في إحدى بلدات البقاع ما أدى لمقتل شخصين؛ أحدهما رقيب في الجيش اللبناني، كذلك شهدت المنطقة الحدودية اللبنانية الشرقية مع سوريا يوم الأحد استنفارا كبيرا من قبل عشيرة آل جعفر بعد مقتل أحد أفرادها في عملية ثأر على يد أفراد من عائلة الجمل.
وتنشط الوساطات لإرساء جو من التهدئة في المنطقة، خصوصا أن الأطراف المعنية بهذه الإشكالات تنتمي إلى عشائر وعائلات تعتمد عمليات الثأر والانتقام، مما يجعل إمكانية تفاقم الأوضاع مجددا واردة في أي لحظة. وقالت مصادر مطلعة عن كثب على تفاصيل الإشكال الأخير بين آل جعفر وآل الجمل إن السبب الرئيسي لما حصل إقدام أشخاص من آل جعفر على سرقة سيارة لأحد العناصر التابعين لـ«حزب الله»، ما دفع معالي الجمل، وهو مسؤول قطاع في الحزب، للتوجه وإحدى المجموعات لاستعادة هذه السيارة في منطقة واقعة في الداخل السوري. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «على الأثر شنت عشيرة آل جعفر هجوما على مركز للجيش السوري و(حزب الله) ما أدى لمقتل الجمل قبل نحو شهر ونصف».
وتطورت الأمور مجددا بعد نصب كمين لمحمد جعفر الأسبوع الماضي ثأرا لمقتل معالي الجمل ما أدى إلى مقتله، واستنفار عشيرته للانتقام. وأشارت المصادر إلى أن عناصر مسلحة من آل جعفر حاصرت إحدى القرى التي يعيش فيها مواطنون من آل الجمل وطالبوا بتسليم نحو 26 شخصا اتهموهم بقتل محمد جعفر. وأضافت المصادر: «لكن نواب ووزراء من (حزب الله) و(حركة أمل) دخلوا على الخط لاستيعاب التطورات وإرساء نوع من التهدئة في المنطقة».
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن مخابرات الجيش دخلت على الخط ونجحت من خلال سلسلة من الاتصالات بفك الحصار الذي كان مفروضا على عائلة الجمل، لافتة إلى أن «الجهود لم تتوقف للحفاظ على التهدئة في المنطقة وتدارك أي تصعيد قد ينشأ مجددا».
وكانت فعاليات بعلبك - الهرمل أمهلت الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي 3 أيام لوضع حد للخلل الأمني في المنطقة، إلا أن حادثتي المنطقة الحدودية وكذلك منطقة سرعين الفوقا نهاية الأسبوع فاقمتا المخاوف، ما دفع وفدا من فعاليات ونواب ووزراء بعلبك - الهرمل إلى زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون لوضعه في آخر التطورات الأمنية بالمنطقة.
وقال رئيس بلدية بعلبك حسين اللقيس الذي كان في عداد الوفد الذي التقى عون، أمس، إن قائد الجيش وعدهم باتخاذ تدابير صارمة وحاسمة لوضع حد للفلتان الأمني الحاصل في المنطقة من دون أن يعني ذلك اعتماد «الأمن التعسفي»، لافتا إلى أنه طمأنهم أيضا إلى أن الوضع غير متروك، وأن هناك حرصا كاملا من قيادة الجيش على سلامة المواطنين، وإدراكا تاما لحجم العبء الأمني. وأشار اللقيس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فعاليات المنطقة ستتابع بجدية متناهية تنفيذ هذه الوعود، «وفي حال لم نجد جدوى من التدابير والإجراءات التي ستتخذ، فستكون لنا خطوات تصعيدية كالإضراب الشامل وصولا للأمن الذاتي غير الحزبي والذي سيكون على شكل (شرطة بلدية) من المتطوعين من أبناء المدينة».
ولفت اللقيس إلى وجود ما بين 300 و400 ألف شخص يعيشون في منطقة بعلبك - الهرمل «شبه متروكين لمصيرهم، وبالتالي لم يعد ينفع استمرار الوضع على ما هو عليه، خصوصا أنه طوال الفترة الماضية لم يكن هناك أي جهاز أمني جاهزا للتدخل وتوقيف الفاعلين للحد من سقوط الضحايا، والتصدي لعمليات أمنية جديدة بتنا على موعد يومي معها».
وكان محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر، وصف الوضع الأمني في بعلبك في وقت سابق بـ«الخطير»، عادّاً أن «خطة أمنية كلاسيكية لا تصلح للمنطقة»، لافتا إلى وجود 37 ألف مذكرة توقيف بحق 1200 مطلوب. وعلى الرغم من اتخاذ المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه الأخير قبل نحو شهر قرارات للحد من التدهور الأمني في البقاع، فإن فعاليات المنطقة تؤكد أنه حتى الساعة لم يتم اتخاذ أي إجراءات حاسمة في هذا المجال مع اقتصار التدابير على دوريات مكثفة في شوارع مدينة بعلبك خلال فترة عيد الفطر.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.