إسرائيل تكرر استهداف مطلقي الطائرات الورقية وتحذيرات من «عسكرة المسيرات» في غزة

شاب فلسطيني يفحص سيارة دمرتها غارة إسرائيلية في حي الشجاعية بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني يفحص سيارة دمرتها غارة إسرائيلية في حي الشجاعية بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تكرر استهداف مطلقي الطائرات الورقية وتحذيرات من «عسكرة المسيرات» في غزة

شاب فلسطيني يفحص سيارة دمرتها غارة إسرائيلية في حي الشجاعية بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني يفحص سيارة دمرتها غارة إسرائيلية في حي الشجاعية بقطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

جددت إسرائيل هجماتها الجوية ضد مطلقي الطائرات الورقية الحارقة تجاه المستوطنات والبلدات التابعة لها المحاذية لحدود قطاع غزة، وسط تحذيرات فلسطينية من محاولات الاحتلال جر المسيرات السلمية إلى الطابع العسكري.
وفي تطور خطير، أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية فجر أمس الأحد صاروخا تجاه سيارة غير مأهولة، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة دون أن تقع أي إصابات. فيما قال الجيش الإسرائيلي إن تلك السيارة تعود لأحد قادة الخلايا التي تطلق طائرات ورقية حارقة تجاه المناطق الحدودية الإسرائيلية، ما يؤدي لاندلاع حرائق كبيرة، متوعدا بالعمل من أجل منع هذا التهديد الخطير. كما وصفه.
كما شنت إسرائيل بعد ظهر أمس غارة على موقعين لحركة «حماس» شرق مخيم البريج إلى الشرق من وسط قطاع غزة، بالإضافة إلى إطلاق صاروخ تحذيري تجاه مجموعة من الشبان مطلقي الطائرات الورقية في تلك المنطقة. وسبق أن أطلقت صاروخا مماثلا تجاه مجموعة من الشبان شرق دير البلح وسط قطاع غزة.
وأصيب شاب فلسطيني بجروح طفيفة في يده برصاص قناص إسرائيلي، خلال محاولته إطلاق طائرة ورقية حارقة شرق خان يونس.
وتزامنت هذه التطورات الميدانية مع اندلاع عدد كبير من الحرائق في المجمعات الاستيطانية والبلدات المحاذية للقطاع، جراء إطلاق تلك الطائرات الورقية الحارقة. قبل أن تنجح طواقم الإطفاء في إخماد تلك الحرائق التي شبت في أحراش وأراضٍ زراعية كبيرة.
وقال نفتالي بينيت وزير التعليم الإسرائيلي خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية، إن «الطائرات والبالونات الحارقة التي تطلق من غزة، هي تماما كصواريخ القسام، في تأثيرها المادي والمعنوي على الإسرائيليين».
وأضاف: «يجب أن يعامل الجيش الإسرائيلي مطلقي البالونات والطائرات الحارقة، بالطريقة نفسها التي يعامل بها مطلقي الصواريخ، بالاستهداف»، داعيا إلى عدم التراخي في الرد.
من جانبها، حذرت اللجنة القانونية والتواصل الدولي التابعة للهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، من محاولات إسرائيلية لجر المسيرات السلمية إلى العسكرة وقتل الأبرياء العزل، معتبرة استهداف مطلقي الطائرات الورقية والتهويل من خطرها محاولة من أجل ذلك.
وحملت الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن استهداف الشبان، معربة عن إدانتها لتكرار تلك الهجمات خلال وجود الشبان في التجمعات السلمية على الحدود. مشيرة إلى أنه يتم استهدافهم تزامنا مع حملة تهديد وتحريض وتضليل إسرائيلية واسعة النطاق.
وأشارت إلى أن الاحتلال يبث أكاذيب تهول من حجم الأضرار المادية التي تسبب بها عدد من الطائرات الورقية، مشيرة إلى مساعي الاحتلال لإظهار الشباب العزل بأنهم مقاتلون في محاولة لتبرير استهداف المدنيين والجرائم بحق المتظاهرين سلميا.
وأكدت اللجنة سلمية المسيرات وما يتخللها من فعاليات، بما في ذلك استخدام الطائرات الورقية، مشيرة لامتلاكها أدلة دامغة على تعمد قوات الاحتلال قتل المتظاهرين وإصابتهم، عبر استخدام القوة المميتة، دون أن يشكل أي منهم أي خطر.
واعتبرت تكرار الاستهداف عبر الطائرات الحربية من دون طيار يقدم دليلا إضافيا على عدم احترام الاحتلال المبادئ القانونية الدولية، ودليلا على استمرار تنكره للنداءات والمطالبات الدولية المتكررة بوقف استهداف المتظاهرين السلميين، الذين يمارسون حقهم في التجمع السلمي وحقهم في التعبير عن الرأي بأي وسيلة مشروعة يرونها مناسبة لإيصال رسائلهم للعالم.
وطالبت المجتمع الدولي بممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية والقانونية الكافية على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف ارتكاب أي جريمة أو انتهاك أو مخالفة دولية تجاه المشاركين في المسيرات. داعية السلطة الفلسطينية إلى إحالة جرائم الاحتلال بحق المتظاهرين سلميا وكافة الملفات، إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة.
كما طالبت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأهمية العمل على اقتراح آلية دولية من شأن أعمالها تحقيق حماية دولية من العدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين، تحقيقا للقرار الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.