جدل في لبنان بعد السماح بدخول الإيرانيين من دون ختم جوازاتهم

الأمن العام يقول إن الإجراء يُعتمد مع دول عدة... وجهات تربطه بنقل الأموال والمقاتلين

قاعة المغادرين في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (غيتي)
قاعة المغادرين في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (غيتي)
TT

جدل في لبنان بعد السماح بدخول الإيرانيين من دون ختم جوازاتهم

قاعة المغادرين في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (غيتي)
قاعة المغادرين في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (غيتي)

أثار قرار الأمن العام اللبناني الأخير حول السماح للرعايا الإيرانيين بالدخول إلى لبنان من دون ختم جوازات سفرهم، جدلا وعلامات استفهام عدّة؛ خاصة في ظل ازدياد الضغوط الأميركية والغربية على إيران.
ورغم تأكيد الأمن العام اللبناني أن هذا الإجراء لا يعني دخولهم بطريقة غير شرعية؛ بل يطبّق عليهم الإجراء المتاح أمام رعايا عدد من الدول الوافدة إلى لبنان، وللراغبين منهم بتوشيح أختام الدخول والخروج على بطاقات مستقلة ترفق بجوازات سفرهم، يرى البعض أن اتخاذ قرار كهذا في هذا الوقت لا ينفصل عن كل المستجدات الحاصلة بالمنطقة، ويربطه خبراء بسببين أساسيين، هما نقل الأموال تجنبا للعقوبات الأميركية، وانتقال الإيرانيين إلى بيروت ومنها إلى سوريا، حيث يشاركون في القتال.
ويوضح مصدر مطّلع على هذا القرار لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الإجراء جديد بالنسبة إلى الإيرانيين؛ لكنه يطبّق منذ سنوات بالنسبة إلى عدد من الدول، وقد ينفّذ أحيانا أيضا بناء على طلب المسافر إذا كانت لديه الأسباب المقنعة، نافيا ما يتم التداول به بأن هذا الأمر وكأنه دخول بطريقة غير شرعية، مشيرا إلى أن المواطنين الإيرانيين يدخلون إلى لبنان من دون تأشيرة نتيجة اتفاق بين البلدين منذ عام 2010.
وأكد المصدر أن «هذا الإجراء لا يعني دخولهم بطريقة غير شرعية وعدم تسجيل الأسماء لدى الأمن العام، الذي يملك لائحة وتفاصيل بكل أسماء المسافرين». ويعطي مثالا على ذلك الذين يطلبون اعتماد هذا الإجراء، كرعايا بعض الدول العربية الذين يأتون إلى لبنان رغم حظر دولهم، إضافة إلى اللبنانيين الراغبين في الحصول على جنسية أجنبية، وتفرض عليهم الإقامة لفترة طويلة فيها، فيتجنبون وضع ختم الدخول والخروج إلى لبنان كي لا يظهر أنهم خرجوا من البلد الذي يطلبون الإقامة فيه.
لكن في المقابل، يتّفق كل من النائب في «القوات اللبنانية» وهبي قاطيشا، ومدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، على أنه لا يمكن فصل هذا الإجراء عن كل ما يحصل في المنطقة، وتحديدا في سوريا والضغوط التي تتعرض لها إيران. ويصف قاطيشا الإجراء بـ«المخالف للقوانين والدستور»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «إجراءات كهذه تخفي خلفها أهدافا غامضة وغير قانونية، وتدل على أن لبنان بات بلدا مستباحا، وهو ما نرفضه ولن نقبل به». وأوضح: «الهدف من هذا القرار هو إما نقل أموال وإما تسهيل انتقال أشخاص يخضعون لعقوبات وملاحقين دوليا، كإدخال عناصر في الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان، ومنه إلى سوريا».
من جهته، يشدّد نادر على أن من يريد أن يضبط الأمن فعليه اتخاذ إجراءات معاكسة ومتشددة في هذه المرحلة، خاصة مع بلد مثل إيران يعاني من مشكلات عدة. ويعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الإيرانيين وعبر هذا الإجراء يمكنهم الاستفادة من أمرين، هما نقل المقاتلين والخبراء الإيرانيين إلى سوريا عبر مطار بيروت، ونقل الأموال إلى بيروت وتحديدا إلى «حزب الله» في ظل العقوبات الأميركية المفروضة عليه.
وفيما يشير نادر إلى ما جاء قبل يومين في صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية، التي قالت إن مطار بيروت بات «نقطة تهريب لحزب الله» وأن الحزب يهرّب عبره قوّات عسكرية وأسلحة ومخدّرات، يذكّر بما سبق أن أعلنه رئيس الحزب الاشتراكي، النائب السابق وليد جنبلاط عام 2008، لجهة سيطرة «حزب الله» على مطار رفيق الحريري الدولي، وما أدى حينها إلى أحداث السابع من مايو (أيار). مع العلم أنه وفي الرابع من مايو في عام 2008 كان جنبلاط قد طالب بمنع الطيران الإيراني من الهبوط في مطار بيروت الدولي، متهما «حزب الله» بتلقي السلاح الإيراني من هذا المطار، وزرع كاميرات بجواره لمراقبة حركة الوافدين إليه، كما دعا كذلك إلى طرد السفير الإيراني حينها، وإقالة رئيس جهاز أمن المطار آنذاك العميد وفيق شقير، الذي اتهمه جنبلاط بأنه لم يتحرك لإزالة الكاميرات لأنه مقرب من «حزب الله».
وبعد ذلك بأيام صدر قراران من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح «حزب الله»، وإقالة شقير، لينفجر الوضع الأمني على الأرض وتقع الاشتباكات في بيروت ومنطقة جبل لبنان بين «حزب الله» من جهة وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي من جهة أخرى، والتي باتت تعرف بأحداث «7 أيار».
ومساء أول من أمس، كان الأمن العام وبعد ساعات على تداول معلومات غير رسمية حول اتخاذ لبنان القرار الجديد المتعلق بالإيرانيين، وما أثارته من جدل واسع، أصدر توضيحا لتعود وزارة الخارجية وتصدر أمس بيانا، مؤكدة أنها لا علاقة لها بالإجراء الجديد.
وفي بيانها نفت المديرية العامة للأمن العام ما تم تداوله عن خبر إلغاء ختم الدخول والخروج للمسافرين الإيرانيين الوافدين إلى لبنان، مؤكدة أن هذا الخبر عار عن الصحة، وأوضحت أنها «تعتمد إجراء متاحاً أمام رعايا عدد من الدول الوافدين إلى لبنان، وللراغبين منهم بتوشيح أختام الدخول والخروج على بطاقات مستقلة ترفق بجوازات سفرهم».
من جهتها، قالت «الخارجية»: «يهم الوزارة أن توضح للرأي العام أن هذا الإجراء هو من صلاحيات الأمن العام اللبناني، وهو من اتخذ قرار ختم بطاقة الدخول بدلا من الجواز، وينحصر دور وزارة الخارجية والمغتربين بالإبلاغ عنه فقط لا غير».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.