منافسة غير مسبوقة بين اليمين واليسار في انتخابات كولومبيا

القائد السابق لقوات حركة «فارك» الثورية رودريغو لوندونو الذي تحوّل إلى ممارسة الديمقراطية البرلمانية بعد اتفاق السلام يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (رويترز)
القائد السابق لقوات حركة «فارك» الثورية رودريغو لوندونو الذي تحوّل إلى ممارسة الديمقراطية البرلمانية بعد اتفاق السلام يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (رويترز)
TT

منافسة غير مسبوقة بين اليمين واليسار في انتخابات كولومبيا

القائد السابق لقوات حركة «فارك» الثورية رودريغو لوندونو الذي تحوّل إلى ممارسة الديمقراطية البرلمانية بعد اتفاق السلام يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (رويترز)
القائد السابق لقوات حركة «فارك» الثورية رودريغو لوندونو الذي تحوّل إلى ممارسة الديمقراطية البرلمانية بعد اتفاق السلام يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية أمس (رويترز)

يعد اليميني المتشدد المرشح الرئاسي في انتخابات في كولومبيا، إيفان دوكي، بتعديل، في حالة فوزه، اتفاقية السلام الموقعة في نهاية 2016 بين حكومة الرئيس الحالي المنتهية ولايته خوان مانويل سانتوس وحركة القوات الثورية المسلحة الكولومبية (فارك). المنافسة غير المسبوقة بين اليمين واليسار ستحدد الرئيس الذي سيخلف سانتوس، مهندس الاتفاق التاريخي مع أقدم حركة تمرد مسلح في أميركا اللاتينية، وهو الاتفاق الذي حقق السلام بعد نحو 52 عاماً من الصراع المسلح في هذا البلد الأميركي الجنوبي.
إلا أن الرئيس سانتوس، يعتقد، كما قال لوكالة الأنباء الألمانية قبل الجولة الأولى من الانتخابات، إن «الرئيس المقبل سيجد صعوبة بالغة في التراجع عن اتفاق السلام».
ويتنافس دوكي (41 عاماً) الذي قد يصبح أصغر رئيس كولومبي منذ 1872، مع غوستافو بترو (58 عاماً) أول مرشح يساري يحقق تقدماً بهذا الحجم في انتخابات رئاسية.
وترجح استطلاعات الرأي فوز دوكي بأكثر من 50 في المائة من الأصوات، وتقدمه بين ست نقاط و15 نقطة على بترو، الذي ينتمي إلى حركة «كولومبيا الإنسانية»، والذي تقدم إلى الدورة الثانية بعد أداء جيد في دورة أولى أخرجت عدداً من المرشحين الذين ينتمون إلى التيارات الوسطية في كولومبيا.
وقد خرج المرشحون المعتدلون سيرجيو فاخاردو وهومبرتو دي لا كالي وجيرمان فارجاس ليرأس من الجولة الأولى في انتخابات التي أجريت يوم 27 مايو (أيار) الماضي ليلتقي في السباق الرئاسي كل من دوكي وبترو في جولة إعادة صعبة تعكس حالة الاستقطاب السياسي في البلاد.
ويحكم اليمين كولومبيا بلا انقطاع. وقد نال مرشحه دوكي الجديد في عالم السياسة، 39.14 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى، مقابل 25.08 في المائة من الأصوات لغوستافو بترو، رئيس بلدية بوغوتا سابقاً والمتمرد السابق في حركة 19 أبريل (نيسان) (إم - 19) التي تم حلها. وسجلت مشاركة غير مسبوقة في الاقتراع بلغت 35.9 في المائة، بينما يصوت عادة أقل من نصف الناخبين البالغ عددهم 36 مليوناً.
ويعتبر دوكي أن الاتفاق تساهل جداً مع قادة التمرد السابقين؛ ولهذا فإنه يريد تقديمهم للعدالة على جرائمهم؛ الأمر الذي قد يجبر آلافاً من مقاتلين «فارك» التخلي عن المسار السياسي والانضمام إلى مجموعات مسلحة ما زالت تنشط في أعمال العنف. كما أن كولومبيا تواجه صعوبة في الخروج من النزاع؛ إذ إنها ما زالت تعاني من الفساد والتفاوت الاجتماعي الواضح، خصوصاً في مجالي التعليم والصحة، إلى جانب عنف مجموعات مسلحة تعمل في تهريب المخدرات، لتمويل نشاطاتها المسلحة، في أكبر بلد منتج للكوكايين في العالم.
وقال الخبير السياسي في جامعة خافيريانا فابيان أكونيا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «خطاب الحملة للفوز شيء، وممارسة الحكم شيء آخر»، مؤكداً أن «العودة إلى الوراء ستكون مكلفة جداً».
بترو يعتبر إحدى شخصيات اليسار المعارض للمؤسسات، فيعد بتطبيق مبادئه وبإطلاق إصلاحات تخدم مصالح الفقراء. لكنه يدفع ثمن قربه من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز مع أنه لا يثير إعجاب الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، الذي دعا خليفة الرئيس الكولومبي الحالي إلى «تصحيح الأخطاء الكبرى التي ارتكبها خوان مانويل سانتوس» التي أسفرت، بحسب قوله، عن أسوأ العلاقات «منذ مائتي عام» بين البلدين الجارين.
وأصدر مادورو تعليماته لقائد العمليات الاستراتيجية الجنرال ريميخيو سيبالوس من أجل اتخاذ «الإجراءات اللازمة للقضاء على أي استفزازات أو حوادث قد تقوم بها الحكومة الكولومبية المنتهية ولايتها لتقويض العلاقات بين كولومبيا وفنزويلا».
وكتب سانتوس (66 عاماً) الذي حصل على جائزة نوبل للسلام تقديراً له على جهوده في تحقيق السلام، في تغريدة على «تويتر» الجمعة «علينا المضي قدماً لمواصلة تعزيز السلام الذي أقوم ببنائه حالياً». لكن سانتوس يعاني أيضاً من تراجع شعبيته في البلاد، حيث 80 في المائة من السكان البالغ عددهم 49 مليون نسمة، لا يؤيدونه، وهي نسبة قياسية.
ينفي المحامي والخبير الاقتصادي إيفان دوكي، مساعد الرئيس السابق الفارو اوريبي (2002 - 2010) المعارض الشرس لاتفاق السلام، أن يكون «دمية» يحركها الرئيس السابق.
ويدافع دوكي، الذي يلقى دعم المحافظين والأحزاب المسيحية والإنجيليين واليمين القومي، عن حرية الشركات والقيم التقليدية للعائلة، ويشير باستمرار إلى فنزويلا المجاورة المفلسة.
وتركز حملته الدعائية على التحذير من أن فوز مرشح يساري برئاسة البلاد سيحوّل كولومبيا إلى فنزويلا أخرى، في إشارة إلى المشكلات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها الجارة الأميركية اللاتينية حالياً، تحت قيادة الرئيس اليساري نيكولاس مادورو.
إلا أنه يريد مراجعة اتفاق السلام ليرسل قادة «فارك» السابقين الذين ارتكبوا جرائم خطيرة إلى السجن، ويقطع الطرق أمام دخولهم إلى البرلمان. كما يأمل في القضاء على «سرطان الفساد» وإنعاش رابع اقتصاد في أميركا اللاتينية الذي يعاني من انكماش وسجل نمواً نسبته 1.4 في المائة.
الخلاف الآخر بين المرشحين يتعلق أيضاً بالحوار مع جيش التحرير الوطني آخر حركة تمرد في البلاد. يريد بترو مواصلة هذا الحوار بينما ينوي دوكي تشديد موقف الحكومة.
وقال بابلو بيلتران، كبير المفوضين باسم حركة التمرد التي أعلنت وقفاً لإطلاق النار بمناسبة الانتخابات، «نأمل أن تستمر الجهود (السلام) أياً كان الفائز، وأن يتم احترام الاتفاقيات المبرمة».
قبل الانتخابات، أوقف المرشحان المتنافسان إطلاق التصريحات في محاولة لعقد تحالفات. ويمكن أن يكون لأصوات ناخبي الوسط، الذي حصل أحد مرشحيه سيرجيو فاخاردو على 23.7 في المائة في الدورة الأولى، تأثير كبير على النتيجة.
وقال الخبير السياسي نيكولاس لييندو، من جامعة سيرجيو اربوليدا لوكالة الصحافة الفرنسية «إذا فاز إيفان دوكي، فستكون لديه غالبية مهمة للموافقة على مبادراته» في البرلمان، حيث فرض اليمين نفسه منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس (آذار) الماضي. أما حركة التمرد السابقة «فارك» فقد مُنيت بهزيمة ساحقة في الانتخابات إذ أنها لم تحصل على 0.5 في المائة من الأصوات اللازمة لتتمكن من شغل المقاعد التي خصصت لها بموجب الاتفاق. وسيكون طي صفحة الحرب الأهلية المهمة الرئيسية للرئيس المقبل الذي سيتولى مهامه يوم عيد الاستقلال في 7 أغسطس (آب) المقبل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».