إيران والإرهاب توأمان

طهران تسعى لزعزعة الأمن بمنطقة الخليج والشرق الأوسط

أحمد المغسل العقل المدبر للهجوم الإرهابي على جزء من مجمع سكني بمدينة الخبر في يونيو 1996 كان في إيران ثم تم تسليمه للسعودية بعد أن قبض عليه في لبنان عام 2015 (غيتي)
أحمد المغسل العقل المدبر للهجوم الإرهابي على جزء من مجمع سكني بمدينة الخبر في يونيو 1996 كان في إيران ثم تم تسليمه للسعودية بعد أن قبض عليه في لبنان عام 2015 (غيتي)
TT

إيران والإرهاب توأمان

أحمد المغسل العقل المدبر للهجوم الإرهابي على جزء من مجمع سكني بمدينة الخبر في يونيو 1996 كان في إيران ثم تم تسليمه للسعودية بعد أن قبض عليه في لبنان عام 2015 (غيتي)
أحمد المغسل العقل المدبر للهجوم الإرهابي على جزء من مجمع سكني بمدينة الخبر في يونيو 1996 كان في إيران ثم تم تسليمه للسعودية بعد أن قبض عليه في لبنان عام 2015 (غيتي)

بات من الصعب تقصي مدى انتهاك مبدأ سيادة الدولة وعدم التدخل في ظل عالم شائك تمارس فيه بعض الدول حرب الوكالات أو دعم تنظيمات إرهابية في أراضي دول أخرى، مثل ما يحدث من انتهاكات إيران لدول الخليج بتدخلها السافر دون وضع أي اعتبار لمفهوم ظهر جزءاً من نظام الدول القومية ذات السيادة بموجب صلح وستفاليا عام 1948، الذي ينص على أن ما يقع «داخل نطاق الأرض ذات الكيان السياسي، تمثل الدولة فيه القوة المطلقة»، وقد جعلت من مبدأ «ولاية الفقيه» حجة لما تسميها حماية مصالحها الدينية، وإن كان ذلك خارج أراضيها.
تحتضن إيران كثيرا من الجماعات الإرهابية، بعد أن فروا نحو طهران، في أعقاب الهجوم الأميركي على أفغانستان، إبان تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، حيث جعلت لهم مقراً لعمليات التنظيمات الإرهابية، لاستهداف الدول في المنطقة، خصوصاً السعودية، وتصدير العناصر الإرهابية إلى اليمن والعراق وسوريا وليبيا، حيث شهدت بعض الدول الأبرز في العالم، هجمات إرهابية متعددة الأدوار، وكذلك جنسيات منفذيها، والمخططون لها، إلا أن إيران لم تتعرض لمثل ذلك، بحيث إن إيران والإرهاب ليسا عدوين.
يتضح ذلك في أعقاب ما حدث مؤخراً من كشف القضاء السعودي عن بدء محاكمة سعوديين متورطين بالتخابر مع إيران، بهدف «إثارة الفتن» بتمويل جهات خارجية مناوئة للسعودية يتضح أنها إيرانية، الأمر الذي يكشف عن سعي إيران الحثيث لزعزعة الأمن في عدة مناطق في الخليج، وطالبت النيابة العامة بالسعودية بتنفيذ حكم الإعدام بهم، وكان هؤلاء الأربعة ضمن سلسلة من القضايا، في التواطؤ مع إيران، ولكن بطرق مختلفة، بعضهم مع دبلوماسيين إيرانيين يعملون في سفارة طهران في الرياض، وكذلك القنصلية في جدة، إضافة إلى المبعوث الإيراني في منظمة التعاون الإسلامي، وآخرون كانوا على تواصل مباشر مع أحمد المغسل، العقل المدبر للهجوم الإرهابي على جزء من مجمع سكني في مدينة الخبر عام 1996، الذي راح ضحيته 19 من الضباط والأفراد الأميركيين الذين كانوا يوجدون في المبنى، خصوصاً أن إيران كانت تحتضن الإرهابي المغسل من ذلك الوقت، ثم تم تسليمه للسعودية بعد أن قبض عليه في لبنان عام 2015.
كذلك أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة الرياض حكماً ابتدائياً بإعدام 4 سعوديين تمت إدانتهم بالتواطؤ مع إيران ضد مصالح السعودية، وتأسيس خلية إرهابية برئاسة أحمد المغسل المدبر لتفجيرات أبراج الخبر عام 1996؛ ومما كشف عن التدخل الإيراني في مثل هذه القضايا، اعتراف موقوف سعودي في السابق ببقائه مع كل من المغسل وإبراهيم اليعقوب وعبد الكريم الناصر ومحمد الحسين تحت حماية المخابرات الإيرانية خلال الفترة ما بين 1996 و2010. إضافة إلى الاعتراف بمد أسر المتورطين في التفجير ممن تم تجنيدهم من قبل طهران بالأموال، إلى جانب عدد من السعوديين ممن تم تجنيدهم ودعمهم بأموال من أجل التجسس على السعودية بالتعاون مع عناصر إيرانية بسفارة طهران في الرياض وقنصليتها في جدة، إضافة إلى موظف كان يعمل في مندوبية منظمة التعاون الإسلامي.
هذا الأمر ليس بجديد؛ إذ يأتي امتداداً لحالات أخرى تم فيها الكشف عن سعوديين آخرين تم تجنيدهم من قبل السلطات الإيرانية، وقد أعلنت السلطات السعودية في مارس (آذار) 2013 القبض على 15 سعودياً وآخر يمني الجنسية في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والمنطقة الشرقية ممن انضموا إلى خلية للتجسس وتعاونوا مع إيران، وعقدوا عدة لقاءات بتمويل من قبل المخابرات الإيرانية.

إيران وتنظيم «القاعدة»
عكست أدلة كثيرة تورط إيران بدعمها تنظيمات وميليشيات متطرفة، ومما يعد الأكثر تعقيداً تلك العلاقة مع تنظيم «القاعدة»؛ بالأخص لتناقض الرؤى فيما بينهما؛ بل ورفض كل منهما مبادئ الآخر. وقد ظهرت العلاقة ما بين التنظيم وإيران من خلال رسالة زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري التي تعود إلى عام 2005، حين وجه لأبي مصعب الزرقاوي ما شدد فيه على ضرورة تجنب مواجهة إيران والشيعة بشكل عام؛ بالأخص في العراق، إذ كثف الزرقاوي في تلك الفترة هجماته على الشيعة فيه، وتبعه أبو بكر البغدادي الذي جعل من الشيعة هدفاً لتنظيم «داعش» إلى جانب كل من يعدّهم مخالفين لنهجه، الأمر الذي شكل سبباً محورياً لتكوين تنظيم جديد منشق عن تنظيم «القاعدة» متمثلاً في تنظيم داعش.
وقد كشفت الوثائق التي أفصحت عنها القوات الأميركية في آبوت آباد بعد الحصول عليها من مخبأ زعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن بعد مقتله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، عن مدى علاقة تنظيم «القاعدة» بإيران، وقد تضمن ذلك أن عضواً بارزاً في التنظيم أكد في رسالة له أن إيران مستعدة لتوفير كل ما تحتاجه «القاعدة»، وتضمن ذلك أسلحة وأموالا ومعسكرات لتدريب «حزب الله» في لبنان، مقابل أن يقوم التنظيم بالهجوم على مصالح أميركا في السعودية ودول الخليج.
وقد آوت إيران عدداً كبيراً من أعضاء تنظيم «القاعدة»؛ إذ احتضنت عدداً من أبرز قيادييه مثل حمزة بن لادن الذي أقيم حفل زفافه وابنة الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» المكنى أبو محمد المصري، في إيران مطلع عام 2005، وذلك في مقر إقامته بالمجمع الذي خصصه الحرس الثوري الإيراني سكنا لقياديي «القاعدة»، بعد أن فر عدد منهم إلى إيران. من جهة أخرى؛ اتضح وجود سيف العدل المصري في إيران منذ عام 2011 ولمدة 9 أعوام؛ وتوجه فيما بعد إلى المنطقة الحدودية ما بين أفغانستان وباكستان.
ويعرف سيف العدل بأنه ضابط سابق في الجيش المصري انضم إلى تنظيم «القاعدة»، وأشرف على معسكرات التدريب فيه في كل من السودان وأفغانستان في التسعينات، وقد ساهم في عمليتي تفجير السفارتين الأميركيتين في كل من نيروبي ودار السلام في عام 1998، إضافة إلى تدبيره تفجيرات الرياض في عام 2003.
دعم إيران لتنظيم «القاعدة» تمثل أيضا في التنسيق لاستقبال مقاتلين قادمين من السعودية أو تمويلهم من أجل تمكينهم من السفر إلى مناطق قتال أخرى، إضافة لعدد آخر من قياديي التنظيمات، وذلك على الرغم من وجود معرفة مسبقة من قبل السلطات الإيرانية بهم، مثل ما حدث مع أولمزون أحمدوفيتش صادقين المعروف بكنيته «جعفر الأوزبكي» وعز الدين عبد العزيز خليل المعروف بـ«زين العابدين السوري»، وهو المنسق لتنظيم «القاعدة» في إيران... وقد التقى آنذاك به السعودي صالح القرعاوي الملقب بـ«نجم الخير» والذي قام باستقطاب عدد من السعوديين وإرسالهم إلى إيران على أن يكون بحوزتهم ما لا يقل عن 50 ألف ريال يتم تسليمها إلى زين العابدين السوري، وقد عرف القرعاوي بأنه زعيم لكتائب عبد الله عزام قبل أن يتم استبداله السعودي «الماجد» به نتيجة إصابة القرعاوي جراء انفجار، وقد كان القرعاوي من أخطر عناصر كتائب عبد الله عزام، وقد كان يتحرك مع عناصر أخرى لـ«القاعدة» بين إيران ووزيرستان.
مثل هذه الأدلّة لم تقتصر على وثائق كشفتها السلطات الأميركية، وإنما اتضحت من خلال تصريحات لمسؤولين إيرانيين، وقد صرّح مؤخراً معاون السلطة القضائية الإيراني محمد جواد لاريجاني في مقابلة حصرية مع التلفزيون الإيراني الرسمي بأن «إيران سهلت مرور عناصر (القاعدة) الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك»، وأكد في لقاء مع التلفزيون الرسمي الإيراني أن الحكومة الإيرانية وافقت على «عدم ختم جوازات بعضهم لأنهم عبروا بشكل رحلات (ترانزيت) لمدة ساعتين وكانوا يواصلون رحلتهم دون ختم جوازاتهم، لكن كل تحركاتهم كانت تحت إشراف المخابرات الإيرانية بشكل كامل».

إيران والمجتمع الدولي
وضعت الولايات المتحدة الأميركية إيران في قائمة الدول الداعمة للإرهاب منذ 19 يناير (كانون الثاني) 1984، وذلك نتيجة دعمها «حزب الله» وتنظيمات أخرى، أو الحرس الثوري من جهة أخرى، بما في ذلك في سوريا التي يتجلى دعمها من قبل الحكومة الإيرانية مالياً، إضافة إلى وجود جماعة «حزب الله» في سوريا من أجل حماية النظام السوري.
وقد نشرت منظمة الأمم المتحدة عدة تقارير لانتهاكات إيران للمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن نتيجة دعمها الحوثيين بتسليحهم في اليمن، وقد ظهر دورها من خلال توفيرهم الصواريخ الباليستية الإيرانية التي وصلت إلى الرياض في عدّة مرّات مما شكل ضرراً مباشراً على المملكة؛ الأمر الذي يعيد إلى الأذهان دور الحرس الثوري في التدخل في كثير من الدول الأخرى بما يناقض مبدأ السيادة الوطنية للدول، والذي يضمن للمجتمع الدولي حدود كل عضو من أعضائه من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية من أجل درء حل النزاعات الدولية بالقوة، مثلما ظهر من تدخل إيران السافر في شؤون البحرين والشعب لزعزعة أمنها بدعمها عددا من الأعمال الإرهابية فيها. وقد أشار وزير الداخلية البحريني إلى وجود اعترافات لعدد ممن تم القبض عليهم بخصوص تلقيهم تدريباً في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني على استخدام السلاح وتصنيع المتفجرات.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.