الكتاب العربي الغائب في السوق الغربي

الكتاب العربي الغائب  في السوق الغربي
TT

الكتاب العربي الغائب في السوق الغربي

الكتاب العربي الغائب  في السوق الغربي

لا يزال الأدب العربي، شعراً وقصة ورواية، محصوراً ضمن حدوده. لم ننجح بعد في تحقيق أي اختراق للوصول إلى القارئ الأجنبي. هذه حقيقة علينا أن نعترف بها، بدل إيهام النفس بإضافة ألقاب وهمية لأسمائنا على غرار «الأديب العالمي» أو «الشاعر العالمي»، لمجرد أن بعضاً من قصائدنا وقصصنا ورواياتنا قد ترجمت لهذه اللغة أو تلك... مثل هذه الترجمة لا تعني شيئاً، وليست لها قيمة أدبية بحد ذاتها. فكلنا يعرف أن عوامل كثيرة تقف وراء عملية ترجمة كثير من الأعمال، ومنها الجوائز، بالنسبة للرواية، خصوصاً جائزة «بوكر» العربية، التي تلتزم بترجمة الرواية الفائزة، وبعض روايات القائمة القصيرة، وكذلك تلعب العوامل الشخصية دورها، خصوصاً بالنسبة للكُتَّاب الذين يعيشون في بلدان أوروبا الغربية وأميركا. ولكن ما حجم مبيعات هذه الترجمات؟ لا شيء تقريباً. أغلبها، إن لم نقل كلها ما زال يركن في زوايا المكتبات. حقيقة مؤلمة، ولكن علينا مواجهتها.
لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنه في عصرنا الحديث، وعلى امتداد قرن كامل، لم ينجح كاتب عربي في تحقيق اختراق نسبي في المشهد الثقافي العالمي سوى نجيب محفوظ بفضل جائزة نوبل. وحتى هذا الاختراق ظل محصوراً فوق، في الأوساط الأكاديمية المختصة، ولم يصل إلى القارئ الأجنبي العادي. لم يصل طه حسين، ولا توفيق الحكيم، ولا أحمد شوقي ولا محمد مهدي الجواهري على سبيل المثال، رغم أنهم كانوا يملأون الفضاء الثقافي العربي من المحيط إلى الخليج كما يقال... ومن كتابنا المحدثين، لا أحد في أوروبا، بشقيها الغربي والشرقي، أو أميركا أو في العالم الناطق بالإسبانية يعرف يوسف إدريس أو عبد الرحمن منيف، أو بدر شاكر السياب أو نازك الملائكة أو عبد الوهاب البياتي أو نزار قباني، إلا إذا استثنينا المختصين. صحيح، أن لأدونيس ومحمود درويش، من الشعراء، ومن الروائيين الطيب صالح، وعلاء الأسواني لحد ما، حضوراً نسبياً، ولكنه، مرة أخرى، حضور محصور في إطار ضيق في أروقة الجامعات.
والسؤال الكبير: لماذا؟ هل تكمن وراء هذه الحقيقة المفجعة أسباب أدبية بحتة؟ لا نعتقد ذلك. فقد حقق الأدب العربي في النصف الثاني من القرن العشرين قفزة نوعية مقارنة بالنصف الأول من القرن، من ناحية معالجته لقضايا إنسانية ووجودية عامة، وأنتج هذا الأدب، بالإضافة إلى الأسماء المذكورة، روائيين وشعراء وكتاب قصة قصيرة لا تقل قيمة أعمالهم الجمالية والفنية في تقديرنا عما أنتجه الغرب، ومع ذلك ظل محصوراً في هذا الإطار، ولم يتعد حدوده إلا فيما ندر.
أهي المركزية الأوروبية الطاردة للهوامش الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؟ ولكن إذا سلمنا بهذا السبب، كيف نفسر اجتياح أدب أميركا اللاتينية، ليس لبلدان المركزية الأوروبية هذه فقط، وإنما للعالم كله؟ وماذا نقول عن الأدب الياباني، الذي أصبح منذ زمن في قلب المشهد الأدبي العالمي؟ أهي الفجوة الثقافية بيننا وبين الآخر، كما يرى الروائي الكولومبي خوان غابرييل فاسكيز، المنشور حواره في هذه الصفحة؟ يلقي البعض اللوم على الناشر الغربي، الذي يعرف بغريزته أن لا سوق للكتاب العربي... ولكن لماذا؟ لماذا يستقبل هذا السوق الكتاب الأميركي اللاتيني والياباني والتركي والأفغاني؟
هل تحل المؤسسات الثقافية الرسمية العربية جزءاً من المشكلة، في حال توليها ترجمة الكتاب العربي؟ لكن من يضمن اعتمادها مقاييس أدبية مهنية في اختياراتها؟



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».