«مسيرات العودة» رهان «حماس» الأكبر لكسر الحصار

3 أشهر على بدايتها... وإجماع دولي على إدانة جرائم إسرائيل فيها

TT

«مسيرات العودة» رهان «حماس» الأكبر لكسر الحصار

باتت «مسيرات العودة»، التي أطلقتها هيئة عليا فلسطينية تتكون من عدة فصائل وشخصيات مستقلة وهيئات محلية وشعبية في قطاع غزة، تشكل أملاً جديداً لسكان القطاع بإمكانية كسر الحصار الإسرائيلي المشدد منذ أكثر من 12 عاماً، والذي تفاقم بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة.
وأصبح قطاع غزة يعاني من ظروف اقتصادية وحياتية مأساوية، هي الأصعب منذ أكثر من 15 شهرًا بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد، والهجمات العسكرية المتكررة، إلى جانب الإجراءات التي اتخذتها السلطة مؤخراً، «للضغط على (حماس) لتسليم القطاع إلى حكومة الوفاق» بعد فشل اتفاق المصالحة في القاهرة بداية العام الحالي، والتي اعتبرتها الحركة التي تحكم غزة بأنها «إجراءات عقابية».
ودفعت هذه الظروف الإنسانية والمعيشية الصعبة حركة حماس وعدة فصائل إلى تشكيل هيئة عليا لإطلاق مسيرات العودة، التي بدأت في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي، تزامناً مع إحياء الفلسطينيين ذكرى يوم الأرض. واستمرت هذه المسيرات على طول حدود القطاع، وتم نصب خيام للمتظاهرين للتأكيد على استمراريتها حتى باتت تقترب من إنهاء ثلاثة أشهر لها، وسط توقعات باستمرارها، مع إمكانية تحقيق نجاحات قد تكون محدودة، حسب بعض المراقبين.
في هذا السياق، توقع المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، استمرار المسيرات «ما دام أن هناك أهدافاً من وراء استمرارها... وإسرائيل متضايقة جداً من تواصلها، رغم أنها تحافظ على طابعها الشعبي، في حين تراهن (حماس) على نجاحها بشكل كبير».
وأوضح عوكل، أن المجتمع الدولي والعالم بأسره «بات يتابع ما يجري على حدود غزة بشكل يناسب القضية الفلسطينية، والحصار المفروض على قطاع غزة بات مطروحاً على كافة جداول الأعمال لدى حكومات العالم، والأمم المتحدة ومجلس الأمن». مرجحاً أن يكون ذلك حافزاً لدى الفلسطينيين للاستمرار في تنظيم المسيرات والاحتجاجات السلمية.
وأضاف عوكل موضحاً «الانتفاضات والهبات الشعبية الفلسطينية لم تشكل في يوم من الأيام أي معيار جماهيري لزخمها، وكانت تخبو في فترات وتشتعل في فترات أخرى، دون أن تحافظ على وتيرة معينة... ويبقى قرار ذلك في يد الفصائل، التي تقدر رفع المستوى من الحشد الجماهيري أم عدمه، وبخاصة أن هناك استجابة من قبل المواطنين الذين باتوا شركاء في قرار الحشد من عدمه».
لكن منذ الرابع عشر من مايو (أيار) الماضي لوحظ انخفاض في عدد المشاركين في المسيرات، بعد أن قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 62 متظاهراً، وأصاب أكثر من 3 آلاف في ذاك اليوم. وحول مستقبل هذه المسيرات، توقع المحلل السياسي الفلسطيني أن يؤدي الحراك الاجتماعي إلى تغيير سياسي في أدوار ومواقف الأطراف المعنية لتخفيف الحصار عن قطاع غزة. مبيناً أن المسيرات ستخلف نتائج إيجابية للقطاع وللقضية الفلسطينية أيضاً.
وبخصوص استمرار الانقسام الفلسطيني، اعتبر عوكل أن هذا الخلاف سيبقى نقطة سلبية من نتائج المسيرات، موضحاً أن سكان غزة أصبحوا غير قادرين على الانتظار والاستمرار في هذه الظروف المزرية إلى الأبد، وأنهم يريدون تحقيق أي نتائج تحسن من ظروفهم ووضعهم الحالي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أبدى في السابق موقفاً مؤيداً للمظاهرات، قبل أن يطالب بوقف دفع المتظاهرين للحدود، بعد أن أصيب العشرات من الشبان ببتر في الأقدام.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل مصطفى إبراهيم، إن المسيرات باتت تركز على قضية كسر الحصار أكثر من القضايا الأخرى؛ الأمر الذي أدى إلى توجيه انتقادات داخلية لحركة حماس باعتبارها تقود الحراك، رغم إجماع ومشاركة كافة الفصائل.
ورجح إبراهيم في حديث لـ«الشرق الأوسط»، استمرار المسيرات. مشيراً إلى أن هناك استعجالاً فلسطينياً لقطف ثمارها، ومحاولات إسرائيلية لتثبيط عزيمة المشاركين فيها، من خلال سياسة التصعيد عسكرياً، وزيادة عدد الضحايا والمجازر التي ترتكبها بحق المتظاهرين، كما جرى في أكثر من مرة على الحدود.
وأضاف المحلل إبراهيم «أعتقد أن المسيرات ستستمر تحت شعار كسر الحصار من أجل تحقيق إنجازات سياسية وغيرها... كما أن هناك تحركات كبيرة في العالم من أجل حل الأزمة الإنسانية بغزة، وبخاصة من قبل نيكولاي ميلادينوف، المبعوث الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة التي عقدت أكثر من ورشة عمل لأجل ذلك، وسترسل المبعوث الخاص لعملية السلام جوريد كوشنير وجيسيون غرينبلات إلى المنطقة لبحث تخفيف الأزمة الإنسانية بغزة، وكذلك ما يسمى (صفقة القرن)». مرجحاً أن ذلك دفع «حماس» إلى عدم قبول بعض الحلول والمقترحات، التي قدمت إليها رغبة منها في كسر الحصار بشكل كامل.
وبخصوص إمكانية أن تدفع الأوضاع في غزة إلى حرب عسكرية، وبخاصة في ظل تهديد إسرائيل بذلك في حال استمر إطلاق الطائرات الورقية الحارقة، أشار إبراهيم إلى تحذيرات الأمم المتحدة السابقة بأن الأوضاع الإنسانية في غزة قد تجر إلى حرب، مشيراً إلى أن إسرائيل «حاولت ذلك أكثر من مرة، والآن أصبحت تستهدف مطلقي الطائرات الورقية، من الأطفال والفتية والشبان، وتعتبرها (إرهابية) في محاولة لعسكرة الأحداث».
ويرى إبراهيم أن «حماس» باتت ترى أنها أنجزت شيئاً إيجابياً بفضل مسيرات وإن كان بسيطاً، وأن المقاومة الشعبية أقل كلفة من أي عملية عسكرية، رغم عدد الضحايا الكبير خلال الأشهر المقبلة، إلا أنها تبقى أقل كلفة من أي حرب سيخوضها الفلسطينيون، وستكون خاسرة ومدمرة بالنسبة لهم.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.