غياب النواب صداع في رأس البرلمان المصري

يعرقل إقرار القوانين... وتهديدات بنشر أسماء الغائبين في الإعلام

شخصيات ومسؤولون في جلسة قسم الرئيس السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان (أ.ف.ب)
شخصيات ومسؤولون في جلسة قسم الرئيس السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان (أ.ف.ب)
TT

غياب النواب صداع في رأس البرلمان المصري

شخصيات ومسؤولون في جلسة قسم الرئيس السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان (أ.ف.ب)
شخصيات ومسؤولون في جلسة قسم الرئيس السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان (أ.ف.ب)

أصبحت ظاهرة غياب أعضاء مجلس النواب المصري عن حضور الجلسات، صداعاً يؤرِّق رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال، الذي كرر تهديده للنواب الغائبين أكثر من مرة، من دور الانعقاد الأول لجلسات المجلس عام 2016، وحتى دور الانعقاد الثالث الحالي عام 2018، ويعيق غياب النواب عن جلسات عمل المجلس، خصوصاً في المرحلة الحالية، حيث من المنتَظَر أن يصدر المجلس مجموعة من القوانين والتشريعات، يتطلب بعضها حضور ثلثي الأعضاء لمناقشة مشروعات القوانين والتصويت عليها وإقرارها.
وهدد رئيس مجلس النواب المتغيبين عن حضور الجلسات، خلال جلسة العامة منتصف شهر مايو (أيار) الماضي، بنشر أسمائهم في وسائل الإعلام، بعدما اضطر لرفع الجلسة لعدم اكتمال النصاب القانوني الذي يقره الدستور للتصويت على عدد من مشروعات القوانين، وهو ثلثا الأعضاء البالغ عددهم نحو 600 عضو، وقال عبد العال مخاطباً النواب: «من حق المجتمع أن يعرف نوابه ويحاسبهم»، مشيراً إلى أن «هناك نواباً لم يحضروا سوى 3 أو 4 جلسات منذ تشكيل المجلس».
من جانبه، قال النائب نضال السعيد، رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، وهي موجودة منذ دور الانعقاد الأول للمجلس، لكن نسبة الغياب قَلَّت بشكل كبير في دور الانعقاد الحالي، الذي سينتهي في يوليو (تموز) المقبل، متوقعاً أن تقلَّ النسبة بشكل أكبر في دور الانعقاد الرابع».
وأوضح السعيد أن «النواب لا يتغيبون من أجل الجلوس في منازلهم، بل يفعلون ذلك لانشغالهم بتلبية احتياجات المواطنين وتوفير الخدمات لهم بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث يوجدون في الوزارات والمصالح الحكومية لإنهاء طلبات متعلقة بأمور دوائرهم مثل رصف الطرق أو العلاج وغيرها»، مشيراً إلى أن «النواب يلعبون دور الإدارات المحلية في ظل عدم وجود هذه الإدارات».
بينما رفض الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، هذا المبرر، وقال: «هذا كلام غير منطقي»، مشيراً إلى أن «النواب يحضرون ما يسمى بالجلسات البروتوكولية مثل جلسة حلف الرئيس لليمين، بينما يغيبون عن جلسات مناقشة وإقرار القوانين».
وتنص المادة 363 من لائحة مجلس النواب على أنه «إذا تغيَّب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن أو لم يحضر بعد مضي المدة المرخص له فيها، اعتُبِر متغيباً دون إذن ويسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب».
وهذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها عبد العال النواب، أو يتحدث عن ظاهرة غياب الأعضاء عن حضور الجلسات، حيث بدأ حديثه عن هذا الموضوع في مارس (آذار) 2016، معرباً عن أسفه من عدم اكتمال النصاب القانون في إحدى الجلسات، وقال مهدداً النواب: «سأطبق اللائحة على مَن يتغيب دون عذر، وسننشر أسماء المتغيبين في وسائل الإعلام»، وفي الشهر التالي، أبريل (نيسان) 2016، أعرب عبد العال عن استيائه من نشر صور في الصحف لقاعة المجلس وهي شبه خالية، معرباً عن أمله في ألا يتكرر هذا المشهد، وبعد أيام تغيب نحو 215 نائباً عن حضور جلسات مناقشة بيان الحكومة، وفي مايو من العام نفسه، أعلن عبد العال عن أنه «سيتم تفعيل بصمة حضور النواب الإلكترونية»، بسبب تعطل المجلس عن إقرار بعض القوانين في ظل عدم اكتمال النصاب القانوني، ورغم ذلك استمرَّت ظاهرة الغياب لتصل في يونيو (حزيران) 2016 إلى 283 نائباً، إضافة إلى 23 نائباً معتذراً، في الوقت الذي كان من المقرر فيه مناقشة بيانات عاجلة حول تسريب امتحان الثانوية العامة.
وأصبحت هذه الظاهرة حديث وسائل الإعلام المصرية، وسخر الإعلامي عمرو أديب، في إحدى حلقات برنامجه «كل يوم» على قناة «أون إي»، من مقاعد المجلس الخالية، وطالب رئيس مجلس النواب بتطبيق اللائحة على المتغيبين، في الوقت الذي استمرَّت فيه تحذيرات رئيس مجلس النواب المصري، دون استجابة، حتى إنه وصف هذه الظاهرة بأنها «خيانة لإرادة الناخبين»، وقال في أغسطس (آب) 2016: «من غير المعقول أن نتأخر يوميّاً في إقرار القوانين بسبب عدم اكتمال النصاب»، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قال عبد العال مهدداً: «سنرفع البصمة بعد ربع ساعة من بداية الجلسة، وسأعلق أسماء المتغيبين على باب القاعة، وأغلق البهو الفرعوني، وأفصل عنه الكهرباء أثناء انعقاد الجلسات».
وفي جلسة التصويت بالاسم على قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي، أبريل (نيسان) الماضي، قال عبد العال: «هناك نواب لا يحضرون إلا جلسات التصويت بالاسم بهدف إرسال رسالة إعلامية».
ويرفض النواب تهديدات رئيس المجلس، وقالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لسنا في مدرسة حتى يتم التعامل معنا بمنطق الحضور والغياب»، مشيرةً إلى أن «كل برلمانات العالم تشهد ظواهر مماثلة، والنائب في الكونغرس الأميركي يجلس في مكتبه، ويصوِّت إلكترونيّاً على مشروعات القوانين»، مؤكدة أن «النواب يحضرون الجلسات المهمة، لكن جلسات مناقشة القوانين تستغرق وقتاً طويلاً، والدستور الحالي يقيد عملية التصويت عليها».
وهو ما أيده عبد العال نفسه في أحد تصريحاته تعليقاً على غياب النواب حيث قال: «الدستور وضع أمامنا عقبة وهي ضرورة وجود الثلثين للتصويت على القوانين المكملة للدستور، وأن تتم الموافقة عليها داخل الجلسة»، مشيراً إلى أن «ظاهرة الغياب موجودة في كل برلمانات العالم، لكن لوائحها ودساتيرها تتيح للنائب التصويت الإلكتروني من داخل الجلسة أو خارجها».
وأكد نضال السعيد أن غياب النواب يؤثر على عمل المجلس من الناحية التشريعية، ويعيق إقرار بعض القوانين، لكنه في الوقت ذاته يرى أن «الدور الآخر الذي يقوم به النواب أثناء غيابهم لخدمة دوائرهم مهم، ولا يمكن الاستغناء عنه في ظل غياب المحليات»، مطالباً بأن ترسل الوزارات والهيئات الحكومية مندوبين عنها إلى المجلس في أيام وساعات محددة، يكون في يدهم سلطة القرار، بحيث يستطيع النائب تلبية خدمات دائرته، وهو في المجلس بدلاً من أن يتركه ويتوجه لهذه الوزارات.
بينما رأى الدكتور طارق فهمي أن الحل في تطبيق النظام الأساسي، وعودة وسائل الإعلام لبثِّ الجلسات، مشيراً إلى أن المجلس مقبل على دور تشريعي مهم جدّاً، لإقرار قوانين انتخابات المحليات، وغيرها من القوانين المهمة، وقال: «بث الجلسات على شاشات التلفزيون سيشجع النواب على الوجود، ليس بهدف الظهور الإعلامي فقط، ولكن لأن وسائل الإعلام ستلعب دور الرقيب الشعبي على أدائهم».
ومع كل التحذيرات والحلول والمقترحات، ما زالت ظاهرة غياب النواب عن حضور جلسات مناقشة مشروعات القوانين مستمرة، بما يهدد عمل المجلس في الفترة المقبلة، التي من المنتظر أن يقر فيها مجموعة مهمة من القوانين، وحتى الآن لم ينفذ رئيس مجلس النواب تهديداته ويطبق اللائحة على الغائبين.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.