بلقاسم: «النهضة» لن تقدم مرشحاً للانتخابات الرئاسية التونسية

عضو المكتب التنفيذي للحركة أكد أن حزبه سيواصل العمل على أساس التوافق السياسي مع «النداء»

صورة أرشيفية لزعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي خلال لقاء مع إعلاميين (إ.ب.أ) - (و في الإطار) بلقاسم حسن
صورة أرشيفية لزعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي خلال لقاء مع إعلاميين (إ.ب.أ) - (و في الإطار) بلقاسم حسن
TT
20

بلقاسم: «النهضة» لن تقدم مرشحاً للانتخابات الرئاسية التونسية

صورة أرشيفية لزعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي خلال لقاء مع إعلاميين (إ.ب.أ) - (و في الإطار) بلقاسم حسن
صورة أرشيفية لزعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي خلال لقاء مع إعلاميين (إ.ب.أ) - (و في الإطار) بلقاسم حسن

كشف بلقاسم حسن، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، أن حزبه حسم قضية تقديم مرشح له إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال إن الحركة لن تقدم مرشحاً بعينه في الانتخابات المرتقبة سنة 2019، لكنها ستدعم أحد المرشحين.
وقال بلقاسم، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في تونس، إن الحركة ستواصل العمل على أساس التوافق السياسي بين «النهضة» و«النداء»، وفق ثلاثة ثوابت أساسية، هي المحافظة على الاستقرار السياسي في البلاد، ودعم التوافق مع حزب النداء، وتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي أقرتها حكومة الوحدة الوطنية لإخراج تونس من أزمتها السياسية الخانقة.
ونفى حسن الاتهامات الموجهة إلى حركة النهضة، من أنها تسيطر على حكومة الشاهد، وقال إن رئيس الحكومة «كان من اقتراح الرئيس الباجي قائد السبسي، وهو ابن (نداء تونس)، ومن غير المعقول أن يجد نفسه متماهياً مع قيادات حركة النهضة. لكن الموقف الذي اتخذته الحركة، ودعمها خيار الاستقرار السياسي، هو الذي أدى إلى تلاق في مواقف الحزبين، ليس مع رئيس الحكومة فقط، بل أيضاً مع عدد من الأحزاب والمنظمات، مثل حزب المبادرة بزعامة كمال مرجان، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، وكذلك اتحاد الفلاحين».
وبخصوص «وثيقة قرطاج»، وما أسفرت عنه من نتائج سلبية، خصوصاً بعد تعليق الرئيس للمشاورات المتعلقة بها، قال حسن إن الاتفاق «لا يزال قائماً على مستوى الأولويات الاجتماعية والاقتصادية، وهو موجود في 63 نقطة، ولم تتبق غير النقطة 64 الخاصة بمصير الحكومة ورئيسها... والحال أنها كانت غير مطروحة في البداية. كما أن حركة النهضة ترى أن الاستقرار السياسي مرتبط ببقاء الشاهد، مع إجراء تعديل حكومي محدود قبل فترة وجيزة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة».
وحول الحلول المقترحة لتجاوز هذه الخلافات السياسية، قال حسن إن الحل الوحيد يكمن في مواصلة الحوار والنقاش حتى تتوفر الفرصة أمام الحكومة لتنفيذ 63 أولوية اتفقت عليها جميع الأطراف، مبرزاً أن «النهضة» تعتبر أن الخلافات الداخلية بين قيادات «نداء تونس» وأبنائه، وأبرزها الخلاف المعلن بين يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي، تبقى «مجرد شواغل داخلية لا تهم غير حزب النداء، ومن غير المعقول تعميم المشكل الداخلي على المشهد السياسي التونسي ككل. فالنهضة في نهاية المطاف ليست مع الشاهد أو ضده، بل تدعم كل طرف سياسي يسعى لتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وإخراج تونس من أزمتها الحادة»، مشيراً إلى وجود شرطين على الأقل حتى تواصل الحكومة الحالية عملها: أولهما الإعلان عن عدم ترشحها للانتخابات المقبلة، والالتزام بإنجاز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
وبشأن ما راج من تسريبات حول اعتزام بعض الأطراف السياسية تأزيم الوضع السياسي والاجتماعي، والإيحاء بوجود عدم استقرار سياسي، لإجراء الانتخابات المقررة في 2019، قال حسن إن الانتخابات «تمثل استحقاقاً وطنياً. ومثلما دافعت حركة النهضة عن إنجاز الانتخابات البلدية، ودعم الحكم المحلي، فإنها تتمسك أيضاً بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد. والإرباك السياسي لا يخدم المصلحة الوطنية».
كما دافع حسن عن التوافق السياسي لحركته مع حزب النداء منذ انتخابات 2014، وقال إن هذا الخيار ما زال يحظى بالأولوية بعد الانتخابات البلدية، موضحاً أن «النهضة» تسعى إلى المحافظة على هذا التوافق حتى لا يتعطل العمل البلدي ومشاريع التنمية. كما كشف في السياق ذاته عن مغالطة تبناها الإعلام المحلي إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، بكون القائمات الانتخابية المستقلة فازت في الانتخابات، والحال أنها حصلت على 32 في المائة من المقاعد البلدية، بينما فازت الأحزاب السياسية في المقابل بـ68 في المائة من المقاعد. وقال حسن في هذا السياق إن القائمات المستقلة «مختلفة ومتباينة، فكرياً وآيديولوجياً، ولا شيء يجمعها. لكن حركة النهضة التي حصلت على أكثر من 28 في المائة من الأصوات جسم سياسي موحد».
وعلى الرغم من فوز حركة النهضة بالمرتبة الأولى في الانتخابات البلدية، فإنها - حسب حسن - ملتزمة بالتوافق السياسي مع حزب النداء، وترى أنه «ضرورة، وليس اضطراراً، فكل القوانين التي سنتها تونس بعد ثورة 2011 تمنع الطريق على أي حزب سياسي للانفراد بالحكم، وتجعل إدارة الشأن المحلي والوطني محل مشاركة جماعية».
وتوقع حسن ألا يشهد المشهد السياسي التونسي تغيرات هيكلية بعد الانتخابات البلدية، وقال إن حزب النداء شعر ببعض المرارة بعد هزيمته في الانتخابات البرلمانية الجزئية، التي شهدتها الجالية التونسية في ألمانيا، وكذلك لاحتلاله المرتبة الثانية بين الأحزاب في الانتخابات البلدية، لكن حركة النهضة ترى أن المنطق السياسي احترم في معظم المحطات الانتخابية، التي أفرزت حزبين سياسيين في المرتبتين الأولى والثانية، وهما يعملان سوياً من أجل مصلحة تونس، دون النظر إلى من احتل المرتبة الأولى أو الثانية. فالتوافق بين حركة النهضة وحزب النداء هو توافق بين راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي، وهو توافق مع الدولة التونسية، وهذا يطمئن أصدقاء تونس وكل الهياكل المالية المتابعة للوضع السياسي، حسب تعبيره.
وفي هذا الصدد، شدد حسن على ضرورة إدارة البلديات الكبرى وفق صيغة التوافق، الذي سيكون في المقام الأول بين النهضة والنداء، على اعتبار أن الحكم المحلي في حاجة إلى انسجام وتوافق، ومن غير الممكن أن ينفرد أحد الأحزاب بالحكم المحلي، ويقصي بقية الأطراف.
وبشأن إقالة لطفي براهم، وزير الداخلية، من منصبه بدعوى التحضير لانقلاب سياسي في تونس، قال حسن إن رئيس الحكومة «له الصلاحيات الدستورية الكاملة لإقالة أي وزير، وحركة النهضة كانت دائماً مع الرصانة في اتخاذ القرارات الحكومية، ودافعت في السابق عن حكومة الحبيب الصيد، وهي اليوم تقف إلى جانب تغيير حكومي محدود على حكومة الشاهد، وترى أن التحقيق في مسألة الانقلاب المزعوم من اختصاص هياكل الدولة، ولا دخل للأحزاب السياسية في ذلك».
وبخصوص استمرار التوافق السياسي بين النهضة والنداء، أو ما تسميه المعارضة الاستقطاب السياسي الثنائي، في تلميح إلى سيطرتهما على المشهد السياسي، قال حسن: «التوافق بين الطرفين متواصل، وهو مطروح في المستقبل، بما في ذلك انتخابات2019، فالعائلة الإسلامية ممثلة في حركة النهضة، والعائلة الدستورية ممثلة في حزب النداء، وهما القوتان الفاعلتان في المجتمع التونسي، وهي مسألة تتعدى نتائج صندوق الاقتراع لتضمن الاستقرار السياسي في تونس».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT
20

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.