تراجع التراشق بين فرنسا وإيطاليا... وكونتي في باريس اليوم

تخوف فرنسي من «محور» رافض للهجرة داخل الاتحاد الأوروبي

ماكرون مع كونتي خلال قمة الدول السبع في كندا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
ماكرون مع كونتي خلال قمة الدول السبع في كندا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

تراجع التراشق بين فرنسا وإيطاليا... وكونتي في باريس اليوم

ماكرون مع كونتي خلال قمة الدول السبع في كندا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
ماكرون مع كونتي خلال قمة الدول السبع في كندا الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

بعد التوتر الدبلوماسي والتراشق الإعلامي، يبدو أن الأمور أخذت تعود إلى مجاريها بين باريس وروما عقب الاتصال الهاتفي الذي جرى مساء الأربعاء بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي. وبنتيجته، ورغم الضغوط التي تعرض لها من ماتيو سالفيني رئيس حزب الرابطة اليميني المتطرف الذي يشغل منصب نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية ومن الشريك الآخر في الحكم، لويجي دي مايو، رئيس حركة «خمس نجوم» الشعبوية، فإن كونتي الذي طلبا منه إلغاء زيارته إلى باريس على غرار ما فعل أول من أمس وزير الاقتصاد، قاوم الضغوط وأكد لقاءه اليوم ظهرا بالرئيس الفرنسي، بحسب ما جاء في بيان صدر صباح أمس عن قصر الإليزيه.
وكان الجدل الفرنسي الإيطالي قد انطلق بعد تعليقات فرنسية منددة برفض الحكومة الإيطالية الجديدة السماح لسفينة الإنقاذ «أكواريوس» بإنزال الـ629 لاجئا أفريقيا في أحد موانئها الأمر الذي استدعى ردودا إيطالية واستدعاء لممثل عن السفارة الفرنسية في روما، وإبلاغه رفض السلطات الإيطالية لتصريحات المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم ماكرون.
وكان الأخير اعتبر أن موقف الحكومة الإيطالية «معيب وغير مسؤول». وطالب سالفيني ودي مايو باريس بالتقدم باعتذار رسمي وربطا بالحصول عليه إتمام زيارة كونتي. بيد أن باريس رفضت تقديم الاعتذار بالمعنى الحرفي للكلمة. إلا أن البيان الذي صدر بالتزامن صباح أمس في باريس وروما جاء فيه ما يشبه الاعتذار إذ نص على أن الرئيس ماكرون أشار في المكالمة الهاتفية مع كونتي إلى أنه «لم ينطق بأي تعبير يهدف إلى إهانة إيطاليا أو الشعب الإيطالي»، مضيفاً أنه دعا دائماً إلى الحاجة لإظهار «التضامن» مع الشعب الإيطالي في مواجهة أزمة اللجوء والهجرات الكثيفة التي تصب على الشواطئ الإيطالية، داحضاً بذلك الحجة الإيطالية التي تشدد على أن باريس تقف موقف المتفرج إزاء ما تعاني منه جارتها الإيطالية.
وفي السياق نفسه، قالت ناتالي لوازو، وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية أمس في مقابلة صحافية إنه «لا أحد يلقن الآخرين دروساً (...) هناك أيضاً تصريحات مؤسفة لإيطاليا حول فرنسا».
ويبدو من خلال ما تضمنه البيان أن باريس وروما قد عقدتا العزم، رغم التحفظات الفرنسية على توجهات الحكومة الإيطالية الجديدة، على قلب الصفحة والعمل معاً. وبدا ذلك أيضاً من خلال تصريح كونتي قبل دخوله أمس إلى مقر مجلس الشيوخ إذ رد على سؤال بقوله إن «الخلاف انتهى تماماً» وأن الرئيس ماكرون «شدد على ضرورة الإبقاء على دعوة غداء العمل»، الذي سيضم المسؤولين ظهر اليوم. وجاء في البيان أنه يتعين على إيطاليا وفرنسا «تعزيز تعاونهما الثنائي وفي إطار الاتحاد الأوروبي والعمل على وضع سياسة فعالة في موضوع الهجرات وذلك مع بلدان المنشأ والممر بالإضافة إلى التوصل إلى إدارة أوروبية أفضل للحدود الخارجية لأوروبا، فضلاً عن آلية تضامن أوروبية لتحمل أعباء اللاجئين».
من الواضح أن صياغة الفقرة السابقة هدفها «طمأنة» الطرف الإيطالي الذي شكا دوماً من الأعباء التي يتحملها في ملف الهجرات باعتبار أن إيطاليا تقع على الحدود الخارجية الشرقية الجنوبية (كما اليونان ومالطا وقبرص) للاتحاد الأوروبي وبالتالي فإن تدفق المهاجرين المنطلقين من الشواطئ الليبية عليها بشكل خاص لا يتوقف.
ومنذ عام 2013، وصل إلى الموانئ الإيطالية ما لا يقل عن 700 ألف مهاجر. وبحسب اتفاقية دبلن الخاصة بالهجرات، فإن البلد الذي يحط فيه المهاجر يتحمل مسؤولية خاصة، إذ عليه أن يقدم فيه طلب اللجوء أو الهجرة وهو ما تقوم به إيطاليا. لكن مأخذ الحكومة الإيطالية أن البلدان الأوروبية لا تعمل بقاعدة إعادة توزيع اللاجئين بمن فيهم فرنسا التي ترفض أن يعبر حدودها اللاجئون القادمون من إيطاليا. من هنا، نقمة روما على باريس التي «تعطي الدروس» بينما تتبع في الواقع سياسة أكثر تشدداً.
سيكون موضع الهجرات الملف الأول الذي سيطرح على القمة الأوروبية يومي 28 و29 من الشهر الحالي في بروكسيل. وما تتخوف منه باريس، وفق مصادرها، أن يقوم حلف متشدد تحت اسم «المحور» يضم برلين وروما وفيينا، يكون من نتائجه الحؤول دون توصل الأوروبيين إلى سياسة مشتركة في مواجهة الهجرات. وقد بانت تباشير هذا الحلف بعد الاجتماع الذي جرى أول من أمس في برلين بين المستشار النمساوي ووزير الداخلية الألماني.
من هنا، فإن باريس تشدد، كما ورد في بيان الأمس، على أن فرنسا وإيطاليا تريان أنه «من الضروري القيام بمبادرات جديدة لا بد من التباحث بشأنها بشكل ثنائي قبل الجلسة المقبلة للمجلس الأوروبي في أواخر يونيو (حزيران)»، وعلى «إثارة هذا الموضوع وملفات متعددة أخرى ذات اهتمام مشترك».
ومصدر التخوف الفرنسي الآخر هو قيام التحام بين المحور الجديد من جهة وبلدان من شرق ووسط أوروبا مثل المجر ورومانيا وتشيكيا التي تلزم موقفاً بالغ التشدد في موضوع الهجرات، ما سيعني نسف أية إمكانية للتوصل إلى سياسة موحدة إزاء هذه المشكلة التي تهدد الانسجام الأوروبي، خصوصاً أن الأوروبيين بدوا عاجزين حتى اليوم عن التوصل إلى رؤية مشتركة لهذا الملف المتفجر الذي له تبعاته السياسية والاقتصادية والديموغرافية على غالبية البلدان الأوروبية.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.