مبادرة عون تعقد انتخاب رئيس جديد وتعجل البحث في الاستحقاق النيابي

بري يباشر اتصالات مع الأفرقاء ويسعى لحل الملفين معا

مبادرة عون تعقد انتخاب رئيس جديد وتعجل البحث في الاستحقاق النيابي
TT

مبادرة عون تعقد انتخاب رئيس جديد وتعجل البحث في الاستحقاق النيابي

مبادرة عون تعقد انتخاب رئيس جديد وتعجل البحث في الاستحقاق النيابي

بددت المبادرة التي اقترحها رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، مطلع الأسبوع، وتقضي بتعديل الدستور للسماح بانتخاب مباشر من الشعب للرئيس، الآمال المعقودة على إمكانية انتخاب رئيس لبناني جديد قبل انتهاء ولاية البرلمان اللبناني في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعد فشل البرلمان اللبناني للمرة الثامنة في الالتئام لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو (أيار) الماضي، في وقت تبدو فيه احتمالات التوصل إلى تسوية رئاسية شبه معدومة مع تمسك المرشحين الرئيسيين، عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع، بمواقفهما، وإصرار النائب وليد جنبلاط على حجب أصوات نوابه عن كل منهما. ودفع هذا الواقع رئيس البرلمان نبيه بري، الذي حدد موعدا لجلسة تاسعة لانتخاب رئيس في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، إلى الشروع أمس بسلسلة مشاورات مع الكتل السياسية من المتوقع استمرارها في اليومين المقبلين لبحث الملف الرئاسي الذي وصل إلى طريق مسدود من جهة وملف الانتخابات النيابية، لا سيما أن آخر مهلة لدعوة الهيئات الناخبة محددة في العشرين من شهر أغسطس (آب) المقبل، ما يفترض بوزارة الداخلية أن تكون في جهوزية تقنية لإجراء الانتخابات في شهر نوفمبر المقبل. ولم يعقد البرلمان اللبناني منذ أن مدد ولايته نهاية شهر مايو 2013. أي جلسة مخصصة لبحث قانون الانتخابات النيابية، علما بأن بري أعلن في حديث صحافي مطلع الأسبوع الحالي أنه لن يسمح بتمديد ولاية البرلمان مرة جديدة وهو متمسك بإجراء الانتخابات ولو وفق قانون الستين (قانون أكثري يعتمد القضاء كدائرة انتخابية)، الذي تعلن غالبية القوى السياسية رفضها اعتماده من دون أن تتمكن في المقابل من إقرار قانون جديد. وقال النائب في كتلة بري ميشال موسى لـ«الشرق الأوسط» أمس إن رئيس البرلمان ومن خلال سلسلة المشاورات التي بدأها أمس «يهدف للتوصل إلى حلحلة في الملفين معا، أي الرئاسة والانتخابات النيابية، ولكن لا يوجد صيغة أو تصور نهائي لديه»، موضحا أن «غايته إنهاء حالة الركود القائمة بانتخابات رئاسية خصوصا مع ضيق المهل الدستورية المتعلقة بالاستحقاق النيابي». ونفى موسى أن يكون الهدف من حراك بري، الذي التقى أمس رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان: «تخطي الاستحقاق الرئاسي خصوصا أن بري يدعو لجلسات متتالية من أجل إنهاء حالة الشغور وانتخاب رئيس جديد والتوصل مستمر مع الأفرقاء السياسيين بهذا الصدد، ولكنه في الوقت نفسه ثمة استحقاق داهم يتمثل بالانتخابات النيابية ويجب أن نكون حاضرين له». وبرغم أن القوى السياسية تدرك مسبقا صعوبة التوصل إلى انتخاب رئيس في ظل الستاتيكو القائم، خصوصا أنه ليس بإمكان أي فريق إيصال مرشحه، لكنها تتمسك في الوقت ذاته بأن الأولوية في الوقت الراهن لانتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو الماضي.
وفي سياق متصل، أكد النائب في كتلة المستقبل عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «خيارنا الأول هو انتخابات الرئاسة قبل أي شيء آخر ونقطة على السطر»، مشددا في الوقت ذاته على «أننا نحترم كل الاستحقاقات الأخرى وأبرزها الانتخابات النيابية لكن لا بد من التركيز على إنهاء حالة الشغور الرئاسي أولا». وقال حوري إنه «لا يجوز في ظل شغور الرئاسة أن نتصرف وكأن الوضع طبيعي والبلد (ماشي)»، عادا أنه «بناء على ما ستصل إليه الجهود المبذولة في ملف الرئاسة، سيبنى على الشيء مقتضاه». في المقابل، عد رئيس حزب القوات سمير جعجع أنه «من الأفضل في حال لم نتمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية أن نسعى لإجراء الانتخابات النيابية كي لا نقع في فراغ رئاسي وفراغ نيابي على حد سواء»، مذكرا أن «موعد الانتخابات النيابية بات قريبا وبالتالي من المفترض دعوة الهيئات الناخبة وفي حال استمر تعطيل الاستحقاق الرئاسي قد تكون الانتخابات النيابية المبكرة حلا للمشكلة».
ولم يتمكن البرلمان اللبناني أمس من عقد جلسة انتخاب رئيس، بسبب عدم حضور الأكثرية النيابية المطلوبة عدديا لانعقاد الجلسة، ما دفع برئيس البرلمان إلى تحديد موعد لجلسة تاسعة. وشكلت مبادرة عون الداعية إلى انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على دورتين، وأن تبادر كل طائفة إلى انتخاب نوابها، محور المواقف النيابية في البرلمان. وفي حين انصرف نواب ووزراء عون إلى الدفاع عن مبادرته «الإنقاذية»، استمرت الردود المنتقدة من قبل «14 آذار»، في وقت تحفظت فيه قوى «8 آذار» عن التعليق على مضمونها.
وكان موقع «النشرة» الإلكتروني نقل عن زوار بري أمس قوله إنه «لا يعتقد أن الجنرال (عون) قالها كي تنفذ الآن، أولا لأن المجلس ليس في حالة انعقاد عادي، أما الدورة العادية فتبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) وبذلك نكون تجاوزنا موعد الانتخابات النيابية». وأضاف الموقع أن «بري لم يشأ التعليق أو الخوض في تفاصيل المبادرة لأن هدفها سياسي أكثر منه دستوري».
وفي سياق متصل، قال وزير الصحة وائل أبو فاعور، المحسوب على جنبلاط، تعليقا على المبادرة: «ربما ليس هذا توقيتها، نحن لسنا معها بالمضمون، وأنا مقتنع بأنها تمثل هروبا إلى الأمام في مسألة استحقاق رئاسة الجمهورية». وشدد، من البرلمان، على أن «التسوية تنطلق من اقتناع كل الأطراف السياسيين بأن هذه الاستحالات التي نوضع أمامها لا تقود إلا إلى مكان واحد هو تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية». ورد حزب القوات اللبنانية بالجملة على مبادرة عون أمس، فسأل جعجع في مؤتمر صحافي عقده بعد تأجيل جلسة الانتخاب: «هل نطرح تعديلات دستورية في وقت نعيش فراغا رئاسيا منذ شهر ونصف»، موضحا أنه «لا يمكن أن يحصل تعديل للدستور إلا في عقد عادي ونحن في عقد استثنائي للمجلس». وقال: إن «الهدف من هذا الطرح هو حرف الانتباه عن انتخابات الرئاسة»، مضيفا: «هذا الطرح في غير زمانه ومكانه، وهدفه إبعاد النظر عن الانتخابات الرئاسية وتكريس الفراغ». وشدد النائب في تكتل التغيير والإصلاح آلان عون، على أن «ما طرحه عون هو طرح جدي من أكبر تكتل مسيحي، وهو برسم الكنيسة وكل الكتل النيابية، وهو تصور للخروج من المأزق الرئاسي»، مؤكدا أنه «يراعي الإرادة الوطنية ويضمن الحقوق المسيحية». وقال عون، من مجلس النواب أمس: «ما نقدمه هو من أرقى الحلول وأعدلها، ويلغي أي احتمال للفراغ، لأنه يراعي الشراكة الحقيقية للمسيحيين ولا يخل بحقوق المسلمين». وأبدى استغرابه من «السلبية المطلقة في التعاطي مع طرح يسعى لإخراج البلد من مأزق، وهجوم بعض النواب المسيحيين على المبادرة الإنقاذية للعماد عون يذكرنا بتغطيتهم لاتفاق الطائف، هم الذين غطوا كل التنازلات ولم يأخذوا أي ضمان للمسيحيين أو لأنفسهم»، عادا أن «الكتل اليوم أمام خيارين، إما تطبيق الطائف كما هو وإما تعديله».

جلسة ثامنة لانتخاب رئيس للجمهورية (تصوير علي فواز)



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.