غضب في ليبيا بعد دعوة إيطالية لحصارها بحرياً

لمنع تدفق قوارب المهاجرين غير الشرعيين باتجاه سواحل أوروبا

حرس السواحل في طرابلس ينقذ 152 مهاجراً من الغرق (صفحة البحرية الليبية على فيسبوك)
حرس السواحل في طرابلس ينقذ 152 مهاجراً من الغرق (صفحة البحرية الليبية على فيسبوك)
TT

غضب في ليبيا بعد دعوة إيطالية لحصارها بحرياً

حرس السواحل في طرابلس ينقذ 152 مهاجراً من الغرق (صفحة البحرية الليبية على فيسبوك)
حرس السواحل في طرابلس ينقذ 152 مهاجراً من الغرق (صفحة البحرية الليبية على فيسبوك)

أثار مطلب جورجيا ميلوني، زعيمة حزب (إخوة إيطاليا) اليميني، بفرض حصار بحري على ليبيا قصد إيقاف تدفق قوارب المهاجرين غير الشرعيين باتجاه السواحل الأوروبية حالة من الغضب داخل بعض الأوساط السياسية الليبية، التي اعتبرت أن بلادها «معتدى عليها وتدفع فاتورة هذه الهجمات بمفردها، دون تدخل المجتمع الدولي لوضع حلول جذرية لحل الأزمة».
وعبر مقطع فيديو بثته على حسابها على «فيسبوك» مساء أول من أمس، رأت ميلوني أنه «لا يوجد سوى حل واحد لمشكلة الهجرة، وهو الحصار البحري على الفور»، وقالت إنها ستتقدم بمشروع قرار في ضوء القمة الأوروبية المنعقد في 28 و29 يونيو (حزيران) الحالي، «وسنطلب من حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي الذهاب إلى بروكسل، والمطالبة ببعثة أوروبية تفرض حصاراً بحرياً قبالة ليبيا»، حسب تعبيرها.
وردا على هذه التصريحات، قال الدكتور أبو بكر بعيرة، عضو مجلس النواب، إن هذه «دعاوى متطرفة بعيدة عن الموضوعية، ولا تقدم حلولاً لمشكلة تدفق المهاجرين غير الشرعيين على ليبيا من كل الجنسيات منذ قرابة سبع سنوات»، مبرزا أن «هذه المطالبة التي تدعو لحصارنا بحرياً لم تفهم أن بلادنا ليست إلا معبراً لهؤلاء المهاجرين، الذين يتسللون عبر حدودنا عنوة، وبالتالي لا يوجد منطق في إطلاقها».
وأضاف بعيرة، النائب عن مدينة بنغازي، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن قضية الهجرة غير الشرعية تخص المجتمع الدولي في عمومه، وليس ليبيا فقط، وعبر عن رفضه لمقترح ميلوني بالقول: «لن نسمح لأحد بأن يحاصرنا، ومثل هذه المطالبات مصيرها الفشل».
وتضبط الأجهزة الليبية أسبوعياً مئات الأفارقة والآسيويين، وهم يعبرون البلاد بشكل غير شرعي، بمساعدة عصابات محلية للهجرة إلى أوروبا. ويوم الثلاثاء الماضي اقتحمت فرق التحري، التابعة لمديرية أمن زوارة، (120 كلم من طرابلس)، منزلاً عثر فيه على 62 مهاجراً غير شرعي، بينهم 24 امرأة من جنسيات أفريقية مختلفة.
واستغرب مسؤول ليبي في جهاز الهجرة غير الشرعية دعوة ميلوني بقوله: «بلادنا عانت كثيراً من التدخلات الإقليمية والأجنبية، ونحن ندفع ثمن هذه الهجمات غير القانونية بمفردنا».
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مصرح له، أن «الجهاز بكل فروعه في أنحاء ليبيا يقوم بدور كبير لمجابهة هذه الهجرة، ويسهم في نقل مئات المهاجرين إلى أوطانهم بشكل طوعي»، لافتاً إلى أن «التصدي للهجرة غير الشرعية يكون من المنبع، عبر إيجاد تنمية حقيقية في دول أفريقيا، بما ينعكس على مواطنيها، ويجعلهم يتمسكون بموطنهم دون سواه».
وانتهى المصدر إلى ضرورة «التصدي لمثل هذه التحركات التي تنال من سيادة ليبيا»، بعيداً عما سماه «المواءمات السياسية للمتصارعين على السلطة في البلاد».
ورفضت إيطاليا ومالطا منتصف الأسبوع استقبال قارب يقل 629 مهاجرا غير شرعي، فاضطرت الحكومة الإسبانية إلى استقباله لأغراض إنسانية في مرفأ فالنسيا، ما تسبب في اندلاع بوادر أزمة دبلوماسية بين الجانبين. لكن أيوب قاسم، المتحدث باسم أركان البحرية الليبية في طرابلس، رحب بموقف إيطاليا ومالطا الرافض لاستقبال المهاجرين القادمين من ليبيا على أراضيهما، بقوله: «نأمل أن يكون هذا القرار بداية استفاقة هذه الدول، وأن تستمر في هذا النهج، وألا ترضخ لضغوطات الجهات التي تتاجر بالمهاجرين تحت غطاء حقوق الإنسان».
وأضاف قاسم وفقا لوكالة الأنباء الألمانية: «هذه الخطوة إيجابية، وفي الاتجاه الصحيح لمكافحة المهربين، وتجارة الرق في العصر الحديث، التي غُلِفت بأغلفة تدعي حقوق الإنسان وإنقاذ المهاجرين».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».