دار «زيغنا» تحتفل بخمسين عاماً على دخولها مجال الأزياء الجاهزة

من الخيّاط إلى السوق... معرض يتتبع انتقال الدار الإيطالية إلى العالمية

بدلة ظهرت في حملة ترويجية قامت  بها الدار بين عامي 1968 و1969 - من عرض أزياء عام 1976 - من المعروضات التي تُجسد الوقت الحالي
بدلة ظهرت في حملة ترويجية قامت بها الدار بين عامي 1968 و1969 - من عرض أزياء عام 1976 - من المعروضات التي تُجسد الوقت الحالي
TT

دار «زيغنا» تحتفل بخمسين عاماً على دخولها مجال الأزياء الجاهزة

بدلة ظهرت في حملة ترويجية قامت  بها الدار بين عامي 1968 و1969 - من عرض أزياء عام 1976 - من المعروضات التي تُجسد الوقت الحالي
بدلة ظهرت في حملة ترويجية قامت بها الدار بين عامي 1968 و1969 - من عرض أزياء عام 1976 - من المعروضات التي تُجسد الوقت الحالي

بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين لدخول دار «إرمنيجيلدو زيغنا» مجال الأزياء الجاهزة، تستضيف معرضاً في مبناها التاريخي في تريفيرو. مبنى يعود إلى عام 1910 ويشتهر بأجود أنواع الصوف وطرق غزلها وتفصيلها. يتتبع المعرض، وهو بعنوان UOMINI ALL’ITALIANA 1968 تطور خط الأزياء الجاهزة من بدايته في عام 1968 إلى أواخر السبعينات، من خلال الصور وقطع أزياء من الأرشيف.
وتشير الدار إلى أنها أرادت أن يكون المعرض بمثابة رحلة تسلط من خلالها الضوء على مسيرتها من جهة وعلى إنتاج الأقمشة ذات الجودة العالية وعلى رأسها الصوف، إلى جانب الحرفية التي لازمتها منذ البداية وجعلتها واحدة من أهم بيوت الأزياء الرجالية. والأهم من هذا كيف طورت نفسها وغيرت لغتها حتى تواكب متطلبات العصر.
يشرح المعرض أنه في عام 1968، قرّر الشقيقان أنجيلو وآلدو، وهما من أبناء إرمنيجيلدو زينيا، توسيع قسم الأقمشة التابع للشركة. انتبها إلى أن الوقت كان مناسبا لإطلاق خط الأزياء الجاهزة، نظرا للتغيرات التي بدأت تطال المجتمع الإيطالي في تلك الحقبة. بفطنتهما وحسهما التجاري، واكبا التغيّرات واستبقاها بتحديث تصاميمهما وتوفيرها لشريحة جديدة من الزبائن.
وبمساعدة مصوّرين مشهورين مثل ألفا كاستالدي وأوليفييرو توساني وجيان باولو برابييري، قدما صورة جديدة للخياطة الكلاسيكية المعاصرة، نجحت سريعا في شد انتباه جيل جديد من المهتمين بالموضة. كانت هذه الخطوة نقلة نوعية بالنسبة للدار، حملتها من مجرد شركة تخاطب الرجل الكلاسيكي الذي يُقدر الأقمشة المترفة والتصاميم الأنيقة إلى شركة تخاطب كل الشرائح ممن يتمتعون بالذوق والرغبة في التميز.
بهذه المناسبة، علق ماريو لوبانو، وهو بروفسور في جامعة البندقية، أشرف على إعداد المعرض شارحا: خاضت دار «زيغنا» مجال الأزياء في وقت كان نظام عمل الفوردية المتّبع في مصانع الأزياء الحديثة قد وصل إلى ذروة إنتاجه. انتبه إلى أن هذه الفلسفة الاقتصادية القائمة سابقا على تحقيق الرفاهية من خلال خفض تكلفة الإنتاج والتوسع في التسويق وجني مزيد من الأرباح للعمال أصبحت مهددة ولا يمكن أن تستمر. لهذا كانت الدار سابقة لعصرها، وفهمت أن السوق بات يتطلب الارتقاء بالتصاميم إلى مستوى أعلى رغم أن المستهلك يطالب بالتنوع. من هذا المنظور، جندت الدار حرفييها لابتكار مفهوم جديد للقياس والتصميم، يُعرف بـMetro Strutturale ويعني إدخال لمسة شخصية على الأزياء. فقد كان مهما بالنسبة لـ«زيغنا» أن تحقق المعادلة الصعبة بين الإنتاج بكميّات كبيرة والجودة.
يشرح المعرض أيضا أن الشقيقين أنجيلو وألدو توصلا إلى ابتكار برنامج مفصّل شمل كافة النواحي، من مرحلة التصميم إلى الإنتاج، من دون أن يغفل تسليط الضوء على التطوّر الاجتماعي الذي عايشاه وحتم هذه التغييرات.
كانت البداية بالنسبة لهما خلق أسلوب إيطالي مميّز يعتمد على التصميم الأنيق والتفصيل الدقيق وتسويقه إلى العالم. ففي وقت كانت فيه الأزياء الجاهزة تعني قياسات موحّدة، ركّزت «زيغنا» على مقاسات مختلفة. وهكذا خصّصت ثلاثة أبعاد محددة من السترات، وهي GR22 وGR33 وGR44. لتحسين شكل جسم الرجل وإخفاء عيوبه. وحتى تشرح للرجل وجهة نظرها، وتُقربه منها، أصدرت مجلة TOP، جاءت تسميتها على اسم قمصان من الصوف كانت تُصدرها بمقاسات مختلفة. الهدف كان تسليط الضوء على مبدئها الجديد. وهكذا تحولت المجلة من أداة للتواصل بداخل الشركة إلى أداة تواصل مع العالم الخارجي، علما بأنها، أي المجلة، كانت نصف كتالوغ ونصف مجلة أزياء، وشملت كل ما يتعلق بالحياة المترفة، من الأقمشة الجديدة والأزياء الرجالية إلى السيّارات والثقافة والفن.
ماريا لويزا فريزا، وهي ناقدة موضة تعمل في كلية التصميم والفنون بجامعة البندقية، أدلت بدولها في الموضوع، وركّزت في مقال كتبته بمناسبة افتتاح المعرض، على العلاقة بين الأزياء والأسلوب الخاص، جاء فيه أن ما قامت به الدار «أنها مزجت الاثنين لتخلق ما أصبح يُعرف بـ«الإطلالة الكاملة» التي شكّلت أساس الأناقة الإيطالية كما يعرفها العالم حاليا».
كان هذا عن الجيل الثاني من عائلة «زيغنا» في السبعينات، أما الجيل الثالث، الذي قاده غيلدو زينيا الرئيس التنفيذي للدار، فخطى خطوة أخرى لا تقل أهمية، حيث أدخل الشركة إلى عالم التجزئة بافتتاح أول متجر مستقل عام 1980 في باريس. وعام 1991. كانت أول علامة أزياء تدخل السوق الصينية، حيث افتتحت متجراً لها في بكين.
يُشار إلى أنّ معرض UOMINI ALL’ITALIANA 1968 مفتوح إلى 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2018 لكنه يستقبل الزوّار كل يوم أحد فقط (بين الساعة 2:30 بعد الظهر و6:30 مساءً).


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».