الأهمية الاستراتيجية لمدينة الحديدة ومينائها

مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية («الشرق الأوسط»)
مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية («الشرق الأوسط»)
TT

الأهمية الاستراتيجية لمدينة الحديدة ومينائها

مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية («الشرق الأوسط»)
مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية («الشرق الأوسط»)

بدعم من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، أطلقت القوات اليمنية اليوم (الأربعاء) عملية «النصر الذهبي» لتحرير مدينة الحديدة ومينائها من ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.
وتكتسب مدينة الحديدة أهمية استراتيجية كونها أحد المنافذ الرئيسية لليمن على البحر الأحمر، والتي استخدمت الميليشيات ميناءها نقطةَ انطلاق لشن هجمات بحرية ضد الملاحة الدولية وتهريب الأسلحة.
وفي أوائل أبريل (نيسان) الماضي، أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية أن هجوما إرهابيا نفذته ميليشيا الحوثي استهدف ناقلة نفط سعودية في المياه الدولية غرب ميناء الحديدة، لكن المحاولة باءت بالفشل بعد تدخل إحدى سفن التحالف وتنفيذ عملية التدخل السريع.
وأكدت الحكومة اليمنية في بيان اليوم أن تحرير الحديدة سيمثل بداية السقوط للحوثيين، وتابعت أن «تحرير ميناء الحديدة يشكل علامة فارقة في نضالنا لاستعادة اليمن من الميليشيات التي اختطفته لتنفيذ أجندات خارجية»، لافتة إلى أن تحرير الميناء يمثل «بداية السقوط للحوثيين وسيؤمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وسيقطع أيادي إيران التي طالما أغرقت اليمن بالأسلحة التي تسفك بها دماء اليمنيين الزكية».
كما تسببت الميليشيا الانقلابية بسيطرتها على ميناء الحديدة بتفاقم المعاناة الإنسانية لليمنيين، حيث قامت بنهب جزء كبير من المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين.
وأكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريحات لوكالة الأنباء اليمنية اليوم (الأربعاء)، إن «الميليشيا الحوثية عمدت منذ سيطرتها على ميناء الحديدة إلى نهب إيراداته وتوريدها لصالح نافذين في الميليشيا، بالإضافة إلى استخدام تلك الإيرادات في تمويل انقلابها على الحكومة الشرعية وحروبها التي قوضت العملية السياسية وأضرت بالنسيج الاجتماعي وراح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء».
وأضاف الإرياني إن ميليشيا الحوثي قامت بنهب جزء كبير من المساعدات الإنسانية وتوزيعها على أتباعها وبيع جزء آخر في الأسواق المحلية.
كما استغلت الميليشيا الانقلابية سيطرتها على ميناء الحديدة في تمرير الأسلحة الإيرانية التي استخدمت في مواجهة قوات الشرعية، وكذلك تهريب الصواريخ التي يتم إطلاقها على المناطق السكنية في المدن السعودية، قبل أن يتمكن الدفاع الجوي الملكي في التصدي لها وإسقاطها.
وأشار الإرياني إلى أن ميناء الحديدة استغل من قبل الميليشيات منذ انقلابهم على السلطة في تهريب الأسلحة بما فيها الصواريخ الباليستية الإيرانية التي وجهت نحو المدن اليمنية وهددت أمن وسلامة أراضي الأشقاء في المملكة ودول المنطقة.
وفي السياق ذاته، أكد الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات في تغريدات اليوم، أن ميليشيا الحوثي أطلقت 150 صاروخا باتجاه المملكة، وقال: «أطلقت ميليشيا الغدر 150 صاروخاً باتجاه المناطق المدنية في المملكة، والتي كان آخرها الصاروخ الذي أطلق فجر اليوم وتم اعتراضه ولله الحمد. هذا العدوان الذي ازدادت وتيرته بدعم من إيران يثبت سوء نيات الحوثيين، ولن تقبل أي دولة بمثل هذا التهديد على حدودها».
كذلك أوضح الأمير خالد بن سلمان، أن أهمية تحرير الحديدة من سيطرة الانقلابيين، تأتي في ضوء الخطر المتزايد الذي تشكله على أمن البحر الأحمر، وهو ممر مائي أساسي للاقتصاد العالمي، تمر عبره نحو 15 في المائة من خطوط التجارة الدولية، وسبق أن هاجم الحوثيون سفنا عسكرية ومدنية تابعة للمملكة والإمارات والولايات المتحدة، وغيرها من الدول، مشيراً إلى أن عمليات التحالف لتحرير مدينة الحديدة، هي استمرار لدعم المملكة ودول التحالف للشعب اليمني الشقيق، ونصرة لإرادته الحرّة في وجه ميليشيات الفوضى والدمار المدعومة من إيران.
من جانبه، أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن محمد آل جابر في تغريدات اليوم أن «تحرير الحديدة سيتيح الاستخدام الكامل لمينائها مرة أخرى إلى مستويات عام 2014»، مضيفاً: «الحديدة تتحرر... اليمن يتنفس».
وكانت الحكومة اليمنية الشرعية قد أكدت في بيان قبيل انطلاق عملية تحرير الحديدة، استنفادها كل الوسائل السلمية والسياسية لإخراج الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران من ميناء الحديدة.
وأشار المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية إلى تحرير مناطق في الحديدة بإسناد مباشر من طيران التحالف العربي، وقال المركز في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «انطلاق عملية النصر الذهبي في الساحل الغربي وقوات الجيش تحرر أولى مناطق مدينة الحديدة بإسناد مباشر من طيران التحالف العربي».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.