نتنياهو يخضع للتحقيق للمرة الثامنة في قضايا الفساد

معلومات جديدة تورّطه... لكن لائحة الاتهام لن تعد قبل سنة

رجل شرطة إسرائيلي يحاول إبعاد محتجين لحظة وصول المحققين إلى مقر رئيس الحكومة (أ.ب)
رجل شرطة إسرائيلي يحاول إبعاد محتجين لحظة وصول المحققين إلى مقر رئيس الحكومة (أ.ب)
TT

نتنياهو يخضع للتحقيق للمرة الثامنة في قضايا الفساد

رجل شرطة إسرائيلي يحاول إبعاد محتجين لحظة وصول المحققين إلى مقر رئيس الحكومة (أ.ب)
رجل شرطة إسرائيلي يحاول إبعاد محتجين لحظة وصول المحققين إلى مقر رئيس الحكومة (أ.ب)

على عكس التوقعات، حققت الوحدة الخاصة بجرائم الفساد في الشرطة الإسرائيلية، أمس (الثلاثاء)، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حول الملف الخاص بالرشى، التي تقدر بعشرات ملايين الدولارات، في قضية شراء الغواصات الألمانية للجيش الإسرائيلي، الذي يعرف في الشرطة بـ«الملف 3000».
وقد حضر طاقم المحققين إلى مقر رئيس الوزراء وهم يحملون حقائب مليئة بالملفات والوثائق، واستجوبوا نتنياهو مدة 6 ساعات. وفي ختام التحقيق، أكد كل من مندوب الشرطة ومندوب نتنياهو أن التحقيق لم يكن تحت التحذير، ولم يتعاطَ مع رئيس الوزراء كمشبوه، بل كشاهد. وقد رغب المحققون في معرفة دوره ومسؤوليته في اتخاذ القرار حول صفقة الغواصات، حيث توجد شبهات قوية تدل على أن اختيار الشركة الألمانية لبناء السفن والغواصات لم يكن صدفة، بل إن عدداً من المسؤولين السياسيين والعسكريين عملوا على إبرام صفقات بمليارات عدة من الدولارات لشراء غواصات نووية وسفن حربية وأجهزة قتالية لسلاح البحرية لقاء رشى قدمها وكيل الشركة في إسرائيل ميكي غنور، الذي تحول إلى شاهد ملكي في القضية، وورط عدداً من المشبوهين، بينهم المحاميان ديفيد شومرون، نسيب نتنياهو وأحد ساعديه الأساسيين، ويتسحاق مولخو، مستشار نتنياهو السياسي ومبعوثه الخاص السري لكثير من العواصم الإقليمية والعالمية والمفاوض الرئيس باسمه مع الفلسطينيين، ومع مصر والأردن.
ويعتبر نتنياهو شاهداً في هذه المرحلة، لكن أوساطاً سياسية وقضائية تؤكد أنه لا يمكن أن يخرج بريئاً من هذه القضية، حيث إن المتهمين الأساسيين هم رجاله المقربون، ولا يعقل ألا يكون على دراية بما كانوا يفعلون.
وكانت الشرطة قد سربت أن التحقيق للمرة الثامنة مع نتنياهو حول قضايا الفساد سيتركز هذه المرة حول المعلومات الجديدة التي وصلت إلى المحققين في «الملف 4000»، الذي يشتبه نتنياهو فيه بأنه قدم مساعدات كبيرة لصديقه الشخصي وصاحب شركة «بيزك» للاتصالات وشركة موقع «واللا» الإخباري، شاؤول ألوفيتش. فقد تمكنت الشرطة من تجنيد شاهد ملكي أيضاً في هذا الملف، هو نير حيفتس المسؤول الإعلامي والاستراتيجي الأسبق في مكتب نتنياهو الذي تبين أنه يمتلك وثائق وبيانات تدين نتنياهو، بينها تسجيلات صوتية وأشرطة فيديو.
وأكد حيفتس في إفادته للمحققين أنه كان رجل الاتصال مع طاقم موقع «واللا»، وأنه مقابل التسهيلات التي حصل عليها ألوفيتش في «بيزك»، فقد حصلت عائلة نتنياهو على تغطية إيجابية في الموقع.
وقدم حيفتس للمحققين جهاز الخليوي الخاص به، الذي يحتوي - بحسب الشبهات - على تعليمات من عائلة نتنياهو، خصوصاً الزوجة سارة نتنياهو ونجلها يائير، وكذلك تعليمات بتشويش مجرى التحقيق من خلال محو هذه الرسائل. وجاء أن المحققين تمكنوا في الأسابيع الأخيرة من تحليل كل الرسائل التي تم محوها، ويفترض أن يواجه بها نتنياهو.
ولكن المحققين فاجأوا نتنياهو بأنهم لم يفتحوا هذا الملف بتاتاً، واقتصرت تحقيقاتهم أمس على ملف الغواصات الألمانية. ومن المتوقع أن يتم التحقيق مع نتنياهو مرة أخرى في القريب حول هذا الملف. وهناك ملفان آخران بلغا مرحلة التوصية للشرطة بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، إلا أن الأمر يحتاج إلى وقت طويل. فأولاً، المحققون ينتظرون سماع رد نتنياهو على الشبهات الجديدة، وبعدها سيحتاج المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، صديق نتنياهو، إلى 3 أشهر حتى يستخلص القرار، إن كان هناك ما يستدعي إجراء تحقيق جنائي معه. وإذا قرر مندلبليت ضرورة محاكمة نتنياهو، فإن الأمر سيستغرق شهرين حتى تعقد جلسة استماع إلى محامي نتنياهو.
وفي هذه المدة، يفترض أن تتجه حكومة إسرائيل إلى الانتخابات العامة، التي تقرر موعدها الرسمي في نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 2019. وعليه، يرجح الخبراء أن تبقى ملفات رئيس الوزراء مفتوحة حتى الانتخابات المقبلة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.