مفوضية اللاجئين تدعو لبنان إلى مراجعة قرار وقف التأشيرات لموظفيها

حزب «الكتائب» يسلّم باحتمال التنسيق مع النظام لإعادة النازحين السوريين

صورة تذكارية لسوريين في شبعا جنوب لبنان قبل عودتهم إلى بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
صورة تذكارية لسوريين في شبعا جنوب لبنان قبل عودتهم إلى بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

مفوضية اللاجئين تدعو لبنان إلى مراجعة قرار وقف التأشيرات لموظفيها

صورة تذكارية لسوريين في شبعا جنوب لبنان قبل عودتهم إلى بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
صورة تذكارية لسوريين في شبعا جنوب لبنان قبل عودتهم إلى بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

في أول تعليق لها منذ اتخاذ وزير الخارجية جبران باسيل قرارا بإيقاف طلبات تجديد إقامات عامليها الأجانب، دعت مفوضية شؤون اللاجئين لبنان إلى إعادة النظر بالقرار، فيما أكدت «الخارجية» الاستمرار بالإجراءات إلى أن تبدّل المنظمة سياستها التي تصفها بغير المشجعة لعودة النازحين.
وأكدت المفوضية في بيان صدر عنها أمس من جنيف على «أهمية العمل الوثيق مع لبنان من أجل التوصل إلى حلول آمنة ولائقة ومستدامة لأزمة النزوح»، داعية إلى «إعادة النظر سريعاً بقرار وزير الخارجية».
وشدّدت على أنها «تحترم حقوق اللاجئين في كل البلدان لا سيما حقهم في اتخاذ القرار بشكل حر في شأن العودة إلى ديارهم، وفي موازاة ذلك نحن لا يمكننا أن نعمل على عدم تشجيعهم على العودة التي هي في الأساس مبنية على قرارات فردية حرة وواعية».
وإذ أعربت عن قلقها من قرار الوزير باسيل الذي قضى بتجميد إصدار إقامات لأفراد المنظمة، أشارت إلى أن «القرار يؤثر بشكل مباشر على طاقم العمل وعائلاتهم وعلى مقدرة المفوضية على العمل من أجل تأمين الحماية والحلول في لبنان بشكل فاعل»، مضيفة، أن «عملها يهدف إلى دعم الحكومة اللبنانية والمجتمعات المضيفة في إدارة التحدي الهائل الذي يواجهه لبنان في إيواء نحو مليون نازح سوري»، مشددة على «الاستمرار في جهودها مع أسرة الأمم المتحدة والدولية من أجل التوصل إلى حلول خارج لبنان للاجئين».
وأكد هادي الهاشم، مدير مكتب وزير الخارجية أن الإجراءات ستبقى مستمرة إلى حين قيام المفوضية بخطوات عملية لتحقيق عودة النازحين رافضا محاولة إبقاء اللاجئين في لبنان مقابل المساعدات الدولية. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أهم الخطوات التي يمكن للمفوضية القيام بها، وهي «عدم تخويف اللاجئين من الرجوع إلى بلدهم والجلوس مع السلطات اللبنانية للبحث في الخطة المطلوبة للعودة». مع العلم أن الخارجية وفي رسالة لها للمفوضية كانت قد منحت الأخيرة أسبوعين لوضع خطة لعودة النازحين. وأكد الهاشم أن «الهدف من الإجراءات التي يقوم بها باسيل ليس المواجهة مع الأمم المتحدة أو أي طرف، لكن لا يمكن أن نقبل بأي عمل يتناقض مع مصلحة لبنان، وقرار إيقاف طلبات الإقامة ليس إلا تحذيرا وإشهارا للبطاقة الصفراء بوجه المفوضية لتغيير سياستها». وشدد على أن ظروف عودة اللاجئين أصبحت مؤمنة في الكثير من المناطق، موضحا «قادرون على إيجاد الحلول التي تحفظ عودتهم الكريمة والآمنة».
وعن سبب مضي وزير الخارجية بقراره رغم رفض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وما أكده مستشاره نديم المنلا أنه طلب من باسيل التراجع عنه معتبرا إياه أحاديا ولا يمثل سياسة الحكومة، قال هادي: «الإجراءات التي قام بها الوزير باسيل هي ضمن صلاحياته، وحتى في مرحلة تصريف الأعمال يمكن اتخاذ قرارات في حالة الضرورة»، ولفت إلى أن قرار إيقاف طلب الإقامة شمل لغاية الآن شخصين أجنبيين في المفوضية في منصب رئيس قسم، كانا قد تقدما بطلب الإقامة.
ومن المتوقع أن تكون أولى عمليات العودة المقبلة تلك التي يحضّر لتنفيذها من عرسال حيث سجّل 3600 شخص أسماءهم لمغادرة لبنان إلى القلمون، وهو ما أكد عليه الهاشم، معتبرا أن نجاح هذه العملية من شأنه أن يمهّد لعمليات أخرى مماثلة، بحيث يشكل حافزا وعاملا مشجعا للاجئين لاتخاذ قرار الرجوع إلى سوريا.
وفي ظل معارضة بعض الأطراف لسياسة باسيل ورفضها التطبيع مع النظام السوري، والتي كان على رأسها حزبا «الكتائب» و«القوات»، برز موقف رئيس «القوات» سمير جعجع الذي قال أمس إن عودة اللاجئين ليست نوعا من التطبيع مع النظام ورئيسه بشار الأسد، بينما أعلن «حزب الكتائب» عن عدم ممانعته التواصل مع النظام لتنسيق هذه العودة، وهو ما عبّر عنه النائب نديم الجميل وأوضحه النائب إلياس حنكش. وقال حنكش لـ«الشرق الأوسط»: «الكتائب لم يغيّر في موقفه لكن الدعوة للتنسيق مع النظام تأتي انطلاقا من الواقع القائم الذي لا يخلو من التواصل السياسي والأمني والدبلوماسي مع الحكومة السورية». وذكّر بمطلب الكتائب القديم الذي دعا إليه رئيس الحزب النائب سامي الجميل سابقا، وهو أن يكون التفاوض مع النظام برعاية حليفته روسيا، وأضاف: «طلبنا منذ بداية الأزمة السورية إقامة مخيمات للاجئين عند الحدود لكن قوبلنا بالرفض بحجة الخوف من تكرار السيناريو الفلسطيني، وإذ بنا نصل إلى هذه النتيجة اليوم». وكان الجميل كتب على حسابه على «تويتر»: «العودة السريعة للاجئين السوريين إلى بلادهم ضرورة وطنية قد تقتضي التنسيق المباشر مع حكومة النظام في سوريا».
من جهته، شدّد جعجع أنه لا تنازل عن ضرورة عودة هؤلاء لبلادهم، وقال لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لبنان تحمل إقامة أكثر من مليون لاجئ سوري لسبع سنوات ولا يمكننا المضي لأكثر من هذا لا الخزينة تتحمل ولا الوضع الاجتماعي ولا المساحة أو الموارد»، وسأل هل المطلوب سقوط لبنان حتى يستشعر الجميع الخطر عليها جراء وجود هذا الكم الكبير من اللاجئين على أراضيها؟
وأضاف: «هؤلاء عليهم العودة خاصة أن كثيرا من المناطق في سوريا صارت آمنة أو على الأقل لم تعد بها عمليات عسكرية»، مشيرا إلى أن «عودة اللاجئين قد تكون نقطة التوافق بيننا وبين التيار الحر وإنْ كنا نؤكد على ضرورة التصرف بحكمة وبشكل يحقق الهدف».
ورفض جعجع اعتبار عودة اللاجئين نوعا من التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد واعترافا بانتصاره. وقال: «العودة ليست تطبيعا ولا اعترافا بل على العكس، أي تنسيق مع النظام سيعيق عودة هؤلاء اللاجئين الذين هربوا من جحيم نظامه بالدرجة الأولى، عودتهم ليست بحاجة لتنسيق ولا تطبيع مع أحد، إنما هي بحاجة لقرار سيادي لبناني والتنسيق مع اللاجئين أنفسهم والمرجعيات الدولية المعنية بعودتهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم