العراق: تحالف مفاجئ بين كتلتي الصدر والعامري

TT

العراق: تحالف مفاجئ بين كتلتي الصدر والعامري

أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دخول كتلة «سائرون»، المدعومة منه، في تحالف مع كتلة «الفتح»، بزعامة هادي العامري، وذلك في مؤتمر صحافي مشترك مساء أمس (الثلاثاء) في مدينة النجف. وشكل تحالف الكتلتين مفاجأة لكثيرين في العراق.
وقال الصدر إن «تحالف كتلته مع الفتح جاء من ضمن الفضاء الوطني، وسيحافظ على التحالف الثلاثي بين الحكمة وسائرون والوطنية»، مضيفاً أن «ما حصل في حرق للصناديق (صناديق الاقتراع في جانب الرصافة ببغداد) يعد جريمة نكراء، وسيكون لنا موقف بعد إعلان النتائج».
من جانبه، قال رئيس تحالف «الفتح»، هادي العامري، إن «أبواب تحالفه مع (سائرون) مفتوحة أمام الجميع»، مؤكداً أنه «لا مشكلة لدينا مع إعادة العد والفرز اليدوي، على أن يكون بنسبة 5 أو 10 في المائة».
وقبل 3 أيام، أعلن عن تفاهم أولي بين تحالف «سائرون» المدعوم من قبل مقتدى الصدر، مع تيار «الحكمة الوطني» بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي. وفي سياق هذا التحالف الذي أعلن أمس في النجف، تم عملياً استبعاد ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
من جهته، أكد الناطق باسم تحالف «سائرون»، الدكتور قحطان الجبوري، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» أن «ما تم الإعلان عنه إنما يأتي في سياق الجهود التي يبذلها السيد مقتدى الصدر الذي تولى طوال السنوات الماضية الدفع باتجاه عملية الإصلاح والتغيير»، وأضاف أن «هذا التحالف يأتي أيضاً في إطار الانفتاح على الجميع من أجل تكوين الكتلة الأكبر التي تنبثق عنها حكومة أبوية شاملة».وجاء إعلان التحالف بين الصدر والعامري في وقت سُجّل تحرّك إيراني يقوده قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، قاسم سليماني، وآخر أميركي يقوده السفير دوغلاس سيليمان، على خط «أزمة صناديق الاقتراع» التي تعرضت للحرق في جانب الرصافة ببغداد، وسط مطالبات بإعادة إجراء الانتخابات التي كرّست الانقسام في «البيت الشيعي». وتحاط تحركات قاسم سليماني في العراق بكثير من السرية والغموض، بحيث لا يحمل أي من زياراته طابعاً رسمياً معلناً. وتبرر جهات وأطراف تدافع عن جهوده في العراق تحركاته بالقول إنه يعمل بصفة مستشار لدى الحكومة العراقية، منذ احتلال تنظيم داعش المحافظات الغربية من البلاد قبل سنوات.
ولا تضاهي جهود الجنرال الإيراني سوى جهود السفير الأميركي في العراقي دوغلاس سيليمان، الذي يقوم هو الآخر بجولات مكوكية، سواء بين قادة الكتل السياسية العراقية المختلفة في بغداد، أو بين بغداد وأربيل، أو داخل إقليم كردستان بين الأحزاب والأطراف الكردية.
ويقول سياسي وأكاديمي عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن «جهود سليماني لا تزال حتى الآن تدور في إطار البيت الشيعي، في محاولة منه لإعادة ترميمه وترتيبه من جديد، بعد كل الخلافات التي عصفت بين أبرز قياداته». وأضاف طالباً عدم الإشارة إلى اسمه: «الزيارة الأولى للجنرال سليماني بعد الانتخابات صبّت تحديداً في هذا الإطار؛ بحيث يعود التحالف الوطني ككتلة أكبر هي التي تهيمن - حتى طبقاً لنتائج الانتخابات الجديدة - على الحراك السياسي في العراق، بما في ذلك ترشيح رئيس الوزراء»؛ لكنه أضاف أن جهود سليماني «اصطدمت بعوائق كثيرة».
ويبرز داخل البيت الشيعي أكثر من تيار متنافس. فهناك تيار (سائرون) المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و(النصر) بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، مقابل اتجاه (ائتلاف الفتح) بزعامة هادي العامري، الذي يضم معظم فصائل (الحشد الشعبي)، و(دولة القانون) بزعامة نوري المالكي الذي تراجع كثيراً في الانتخابات الأخيرة. «بينما لا يزال (تيار الحكمة الوطني) بزعامة عمار الحكيم، بمثابة بيضة القبان بين هذه الكتل التي باتت ذات توجهات مختلفة»، بحسب وصف السياسي والأكاديمي العراقي.
ويرى المصدر ذاته أن «حريق صناديق الرصافة (الذي شمل أصوات المقترعين في الانتخابات) يطال نتائج نحو 40 مقعداً من مجموع مقاعد محافظة بغداد... وجل هذه المقاعد لكتل شيعية بارزة، مثل (سائرون) و(بدر) و(العصائب) و(دولة القانون)، وهو ما يعني حصول مشكلة كبيرة ما لم يجر تداركها. وبالتالي، فإن الزيارة الحالية التي قام بها سليماني إلى بغداد تهدف إلى تطويق أزمة الصناديق؛ بحيث لا تحصل مشكلات بين الكتل الشيعية... ومن ثم تحديد ملامح الكتلة الأكبر في البرلمان المقبل، التي من المتوقع أن تتضح معالمها بعد العيد».
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن «إعادة الانتخابات ليست من صلاحيات البرلمان والحكومة وهي بحاجة إلى أمر قضائي». وأشار العبادي، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي الذي عقده أمس، إلى أن «التحقيق الأولي في حادث حرق مخازن صناديق الاقتراع في الرصافة يشير إلى أنه متعمد». ويتطابق كلامه مع اتهام مماثل أطلقه وزير الداخلية قاسم الأعرجي بشأن «تعمّد» عملية حرق مخازن المفوضية. وكانت وزارة الداخلية أعلنت، أول من أمس، إلقاء القبض على موظف في المفوضية وثلاثة عناصر من الحراس على خلفية حادث الحريق.
من جهة أخرى، عيّن مجلس القضاء الأعلى 16 قاضياً موزعين على قضائي الكرخ والرصافة في بغداد، إلى جانب 14 محافظة عراقية عدا إقليم كردستان. وأوكل المجلس إلى القضاء في كردستان مهمة تعيين القضاة هناك، وسيتولى القضاة الجدد إدارة مكاتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في المحافظات بدلاً عن مفوضية الانتخابات التي جوبه عملها بالتشكيك وعدم رضا الأطراف الخاسرة.
ويقول الكتاب الرسمي الذي أصدره مجلس القضاء، أول من أمس، إن قرار تعيين القضاة جاء «تنفيذاً لقانون التعديل الثالث من قانون انتخابات مجلس النواب» الذي صدر الأسبوع الماضي وقرر إيقاف عمل مجلس المفوضية والاستعانة بقضاة لإدارة عملية العد والفرز اليدوي لصناديق الاقتراع، بعد أن أجرتها مفوضية الانتخابات بطريقة إلكترونية.
من جانبه، أكد رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود، في بيان مقتضب أمس، أن «المفوضية طلبت إجراء عاجلاً بإصدار أمر ولائي لإيقاف تطبيق التعديل الثالث لقانون الانتخابات، أي إيقاف عمل القضاة المنتدبين الـ9 في المفوضية، لحين بت المحكمة الاتحادية العليا بدستورية ذلك»، مبيناً أن «المحكمة ستقوم بما يلزم من إجراءات لحسم الطعن على عجالة وفق القانون».
وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت حكماً «ولائياً» قضى بإيقاف إجراءات استفتاء انفصال إقليم كردستان في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية قرار الاستفتاء، لكن الإقليم مضى في قراره وأقام الاستفتاء في 25 من الشهر نفسه.
بدوره، لا يستبعد خبير في الشأن القضائي إمكانية نقض المحكمة الاتحادية لقانون مجلس النواب المتعلق بالانتخابات: «نظراً للخروقات التي رافقت عملية إقراره»، على حد قوله. ويرى الخبير الذي طلب عدم كشف اسمه أن «القانون يشكل سابقة خطيرة ويؤسس لإعطاء فرصة لمجالس النواب اللاحقة بالتدخل السياسي في الانتخابات». وتابع أن مجمل تحركات مجلس النواب الأخيرة «مشوبة بعيوب تعارض المصالح، لأن معظم المصوتين على قانون الانتخابات من النواب الخاسرين». ورأى أن «مجلس القضاء الأعلى ملزم بتطبيق القانون الصادر عن مجلس النواب حتى لو انتهت رسمياً ولايته (البرلمان) مطلع يوليو (تموز) المقبل».
وحول قرار البرلمان إيقاف عمل مفوضية الانتخابات واستبدالها بهيئة للقضاة، لفت الخبير القضائي إلى أن «مجلس مفوضين أكثر استقلالاً من مجلس يضم القضاة»، ذلك أن «مجلس المفوضين مكون من 9 مرشحين للأحزاب المتنافسة في الانتخابات، وهؤلاء يدافعون ربما عن مصالح الأحزاب والجهات التي رشحتهم، أما مجلس المفوضين المكون من قضاة، فإنه يخضع إدارياً إلى رجل واحد هو رئيس مجلس القضاء وما في ذلك من خشية على المصير والرزق الوظيفي».
ولا يستبعد الخبير أن «يخضع مجلس القضاة إلى المحاصصة مثلما خضعت المفوضية، لذلك نرى أن مجلس القضاء عين القضاة الثانويين في المحافظات ولم يعين القضاة التسعة ورئيسهم، لأن الأمر في تقديري يخضع إلى ترضيات سياسية».
ويتفق الخبير القانوني جمال الأسدي مع الرأي القائل بإمكانية قيام المحكمة الاتحادية الاتحادية بنقض قانون مجلس النواب العراقي الأخير المتعلق بالانتخابات. ويقول: «البيان المقتضب الصادر عن رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود يشير إلى أن الأمر محسوم وقد أصدرت أمرها الولائي بإيقاف عمل المفوضين القضاة وستحسم قرارها خلال أيام». ويشير الأسدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القضاء أدخل نفسه في خصومة مع المؤسسات الأخرى عندما أخذ على عاتقه إدارة العملية الانتخابية وهو بذلك أصبح الخصم والحكم». ولا يستبعد خضوع عملية تعيين القضاة في مجلس المفوضين إلى «الترضيات الحزبية والسياسية». ويعتبر أن «عمل مفوضية الانتخابات أفضل بكثير لأن القرارات تصدر عن مجلس المفوضين، بعكس قرارات القضاة التي تصدر بشكل فردي ومرتبطة برئيس مجلس القضاء».
أمنياً، أعلن الناطق باسم قيادة شرطة نينوى النقيب أحمد العبيدي، أمس، مقتل 27 شخصاً بينهم نساء وأطفال بانفجار 3 منازل مفخخة في البلدة القديمة بالموصل (400 كيلومتر شمال بغداد)، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وقال العبيدي إن «27 شخصاً بينهم نساء وأطفال قتلوا اليوم (أمس) إثر انفجار 3 منازل مفخخة في منطقة الشهوان بالبلدة القديمة بالموصل». وأوضح أن «المنازل الثلاثة التي انفجرت تعود لعوائل عادوا مؤخرا للبلدة القديمة حيث لم يتمكن الجهد الهندسي العراقي من معالجة وإبطال مفعول المتفجرات داخل هذه المنازل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.