الجماعة تأمر بتوسيع مقابر قتلاها وسط استمرار حملات التحشيد

مقصلة حوثية لشطب نحو 180 ألف موظف من سجلات الخدمة

TT

الجماعة تأمر بتوسيع مقابر قتلاها وسط استمرار حملات التحشيد

أصدر قادة الميليشيات الحوثية توجيهات تقضي بتوسيع مساحات مقابر قتلاهم، بعد أن عجزت المساحات الحالية منها عن استيعاب الأعداد اليومية من عناصرهم القتلى في جبهات الساحل الغربي وصعدة والجوف وحجة والبيضاء.
جاء ذلك في وقت اعترفت الميليشيات بأن جهودها المتسارعة لحوثنة الوظيفة العامة وإقصاء المناهضين لها، أسفرت عن شطب نحو 25 ألف موظف مدني، فيما لا تزال عملية «التنقية» تنتظر في الأيام المقبلة 50 ألف موظف مدني آخرين، ومعهم ما يزيد على 100 ألف موظف في القطاعين العسكري والأمني.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن رئيس مجلس انقلاب الميليشيات الحوثية مهدي المشاط، أمر أتباعه بإعداد خطط عاجلة لتوسيع مقابر قتلى الجماعة، في مختلف المحافظات، والقيام بتزيينها بمختلف أنواع الزهور، لجهة عدم اتساع المساحات الحالية للأعداد المستمرة من القتلى في مختلف الجبهات.
وفي حين تطلق الجماعة على مقابر قتلاها اسم «رياض الشهداء»، ذكرت مصادرها الرسمية بأن محافظها المعين منذ أيام في ريمة، فارس الحباري، استهل مهام منصبه، ميدانيا، بتفقد المقبرة الخاصة بقتلى الميليشيات، وأمر بتزيينها، وتوسيع مساحتها لتصبح قادرة على استيعاب المزيد من القبور الجديدة.
وقالت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» إن الحباري وهو القيادي البارز في الجماعة والزعيم القبلي المنتمي إلى مديرية أرحب، زار المقبرة الواقعة في منطقة «المنصح» في مديرية الجبين، حيث مركز محافظة ريمة بمعية القيادي المحلي في الجماعة صلاح الضبيبي، وعدد من المسؤولين المحللين الخاضعين للميليشيات، وأمر بتحسينها.
ووعد الحباري، طبقاً لما أوردته الوكالة الحوثية، بأن تكون ريمة «سباقة في التضحية بخيرة رجالها وبالغالي والنفيس». في إشارة كما يبدو إلى المصير الذي ينتظر المجندين الجدد الذين يحاول القيادي الحوثي تحشيدهم بالإكراه والترغيب إلى جبهة الساحل الغربي.
وكانت مصادر مطلعة، في صنعاء، كشفت عن أن الحوثي اختار الحباري محافظا لريمة من أجل ثقته في مقدرته على تهديد السكان وإرغامهم على تجنيد أبنائهم، ولجهة الثقة في قدرته على تحويل المحافظة ذات الجبال الشاهقة والتضاريس الوعرة إلى قاعدة بديلة للجماعة لمهاجمة الحديدة التي توشك على خسارتها.
وفي صنعاء، ذكرت المصادر الحوثية أن القيادي المعين أمينا للعاصمة حمود عباد، زار هو والقيادي المعين وزيرا للصحة طه المتوكل، المقبرة التي استحدثتها الجماعة لدفن بقايا رئيس مجلس حكمها الصريع صالح الصماد، في ميدان السبعين، عند النصب التذكاري الجمهوري للجندي اليمني المجهول، وأعلن أن العمل جار لتوسيع المقبرة وتزيينها وتقسيمها إلى مربعات، تحمل شتى أنواع الزهور.
وفي حين تواصل الجماعة مساعي التحشيد إلى الساحل الغربي واستقبال القتلى لمنحهم قبورا هندسية مزينة في مقابرها، أفادت مصادر مطلعة في أمانة العاصمة لـ«الشرق الأوسط»، بأن القيادي الحوثي حمود عباد يخطط لتحويل حديقة السبعين الحكومية الملاصقة لقبر الصماد، وهي ثاني أكبر حديقة في صنعاء، إلى مقبرة حوثية، تحت مسمى «روضة الصماد».
وقالت المصادر، إن مقربين من عباد نصحوه بتأجيل اتخاذ القرار الذي سيؤدي إلى إثارة سخط الشارع ضد الجماعة، واقترحوا عليه أن يبدأ فقط بضم الجزء الشرقي من الحديقة إلى المقبرة، تمهيداً لاقتطاعها كليا، بشكل تدريجي.
وكانت الميليشيات الحوثية، اعترفت مطلع السنة الحالية بأنها أنجزت منذ انقلابها على الشرعية بناء وتشييد أكثر من 400 مقبرة، في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها، عبر هيئة خاصة يتبعها مئات الموظفين الذين قالت إنهم يعملون ليل نهار لاختطاط القبور وتزيينها وتنسيقها في أشكال هندسية.
وعلى صعيد آخر، اعترفت الميليشيات، بأنها شطبت نحو 25 ألف موظف مدني من سجلات الخدمة المدنية، وأنها تستعد لشطب 50 ألفا آخرين في القطاع المدني، وأكثر من 150 ألفا من موظفي القطاعين العسكري والأمني.
وأغلب الموظفين المفصولين حوثيا والمهددين بالفصل من سجلات الخدمة العامة، - بحسب مصادر في الخدمة المدنية بصنعاء - هم من المناهضين للجماعة، ومن الفارين من مناطق سيطرتها في صنعاء وبقية المحافظات، ومن الرافضين للعمل تحت إمرتها، ومن المبتعثين للدراسة في الخارج، ومن الموظفين في المحافظات الجنوبية.
وتزعم الجماعة بأن المفصولين من قبلها والموعودين بالفصل، لم يحضروا لديها لأخذ بصماتهم وتصويرهم والتأكد من وجودهم في وظائفهم، ما جعلها تتذرع بذلك لفصلهم، تمهيدا لتوظيف أتباعها في أماكنهم.
وتصف الجماعة - على حد قول وزيرها المعين للخدمة المدنية طلال عقلان - ما تقوم به من عبث بسجلات الموظفين بأنه عملية «تنظيف كشف الراتب»، علما بأنها متوقفة عن دفع رواتب الموظفين منذ نحو 19 شهرا، باستثناء أتباعها الطائفيين الذين تدفع لهم بانتظام وفق آلية خاصة خارج النظام الرسمي الذي يشمل بقية الموظفين الحكوميين.
وتوعد الحوثي الطائفي، حسن المؤيد، المعين من قبل جماعته وكيلا للخدمة المدنية لقطاع المعلومات، بأن إجراءات «تنقية كشف الراتب» ستستمر، وأن 80 ألف موظف عسكري في الدفاع، و26 ألف موظف في الداخلية وأجهزة الأمن، سيتم شطبهم من الخدمة، لأنهم لم يثبتوا حضورهم بالبصمة والصورة، على حد زعمه.
وفيما يرفض آلاف العسكريين والأمنيين الانخراط في صفوف الميليشيات الحوثية، تسعى الجماعة عبر إجراءات الفصل من الوظيفة إلى دفعهم للعودة إلى الخدمة مجدداً تحت إمرتها، من أجل إرسالهم لجبهات القتال، كما أن الآلاف منهم كانوا غادروا بعد الانقلاب إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ملتحقين بجيشها وأمنها.
وكانت الجماعة الحوثية أقدمت في الأشهر الماضية على فصل مئات الأكاديميين والموظفين في جامعات صنعاء وذمار وإب وحجة والحديدة، وأحلت مكانهم عناصر من أتباعها الطائفيين ممن لا تنطبق عليهم معايير التعيين الأكاديمي.


مقالات ذات صلة

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي أكد طارق صالح أن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة واستعادة الدولة ومؤسساتها (سبأ)

مسؤولان يمنيان يرفعان جاهزية الجبهات العسكرية

يعتقد المسؤولون اليمنيون أن جماعة الحوثي هي العدو الرئيسي والوحيد للشعب اليمني، وأن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة، واستعادة الدولة ومؤسساتها.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.


«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)

وسّعت الجماعة الحوثية من دائرة انتهاكاتها الممنهجة لتطال عشرات المحاسبين القانونيين اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء، عبر حملات تعقّب، وملاحقة، وتهديدات مباشرة بالتصفية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والإخضاع للتطييف الفكري، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية، وتمثل تهديداً خطيراً لاستقلال المهنة، وسلامة العاملين فيها، وانعكاساً سلبياً على بيئة العمل القانونية والمحاسبية في البلاد.

ودفعت هذه الممارسات المتصاعدة منتسبي مهنة المحاسبة القانونية في صنعاء إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة، وإصدار بيانات إدانة شددت على ضرورة الوقوف في وجه الجماعة، واتخاذ خطوات تصعيدية للدفاع عن حقوق المحاسبين، وحماية مهنيتهم في عموم مناطق سيطرة الحوثيين.

وأعربت «جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين» (مقرها صنعاء) عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات، والتهديدات، وأعمال الخطف التي يتعرض لها منتسبوها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، معتبرة أن تكرار هذه الممارسات بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقلال المهنة، وسلامة أعضائها، ويقوّض أسس العمل المهني القائم على الحياد، والشفافية.

عبر الانتماء السلالي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

وأوضحت الجمعية، في بيان، أن المحاسب القانوني محمود الحدي تلقى أخيراً تهديدات مباشرة وصريحة عبر الهاتف بالتصفية الجسدية، صدرت عن مشرف حوثي بارز يُدعى شرف أحمد الجوفي. وأكدت أن التهديد بالقتل، والإساءة، وتوجيه الشتائم جرت أثناء حضور عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية، في واقعة عدّتها انتهاكاً صارخاً للقانون، والأعراف المهنية.

وأشار البيان إلى أن المحاسب القانوني عزّ الدين الغفاري تعرّض قبل فترة للاحتجاز التعسفي من قبل ما تُسمى إدارة البحث الجنائي الخاضعة للجماعة في صنعاء، وذلك بإيعاز من قاضٍ موالٍ للحوثيين يعمل بمحكمة استئناف العاصمة المختطفة، على خلفية قيامه بمهامه المهنية في مراجعة شفافة لإحدى القضايا، في مؤشر على استخدام أدوات القضاء والأمن لتصفية الحسابات المهنية.

وعبّرت الجمعية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التهديد، والاعتداء، والاختطاف المستمرة التي طالت ولا تزال محاسبين قانونيين في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والتحرك لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.

استمرار التعسف

هاجم مصدر نقابي في جمعية المحاسبين اليمنيين بصنعاء كبار قادة ومشرفي الجماعة، متهماً إياهم باتخاذ مزيد من الإجراءات والممارسات التعسفية المخالفة للقانون ضد العشرات من زملائه في صنعاء، ومدن أخرى، محذّراً من انعكاسات خطيرة على مهنة العمل المحاسبي والقانوني، وعلى الثقة العامة بالبيئة الاقتصادية.

وكشف المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» طلب فيه عدم ذكر اسمه، عن تعرّض أكثر من 16 مكتباً ومركزاً للمحاسبة والمراجعة والتدريب القانوني في صنعاء، إلى جانب عشرات المحاسبين الإداريين والقانونيين، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لحملات ابتزاز، ومضايقة، وإغلاق قسري، فضلاً عن اختطاف، واعتقال تعسفي، وغير قانوني.

وأضاف أن الجمعية تواصل اتخاذ خطوات تصعيدية متاحة للدفاع عن أعضائها، وحماية كرامتهم، والتمسك بأداء واجبها في خلق بيئة مهنية آمنة تتيح للمحاسب أداء مهامه باستقلالية وحياد كاملين، بعيداً عن أي ضغوط، أو تهديدات، مؤكداً أن الصمت إزاء هذه الانتهاكات سيقود إلى مزيد من التدهور المؤسسي.

جانب من انتشار أمني حوثي في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وتضم جمعية المحاسبين اليمنيين نحو ثلاثة آلاف عضو نشط، ولها فروع عدة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. كما تواصل عملها بالشراكة مع منظمات دولية متخصصة في دعم العمل المحاسبي والقانوني، عبر تنظيم فعاليات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز معايير المهنة، والحوكمة، والشفافية.

ومنذ اقتحام الحوثيين صنعاء ومدناً أخرى، عمدت الجماعة إلى التضييق على المحاسبين القانونيين، واتخاذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق كثير منهم، في مسعى لفرض السيطرة على قطاع يُعد من ركائز النزاهة المالية، والرقابة، وتسخيره –على غرار قطاعات أخرى– لخدمة أجندتها.

كما أخضعت خلال فترات سابقة مئات المحاسبين للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن ما تسميه «معركة الجهاد المقدس»، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تسييس المهنة، وتقويض أسسها المهنية.


الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.