مفاوضات لعودة العملية السياسية وتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن

في ظل أنباء عن قرب استعادة مدينة الحديدة من جماعة الحوثي

يمنيون يشترون حلوى ومكسرات في صنعاء في إطار الاستعداد لعيد الفطر (أ.ف.ب)
يمنيون يشترون حلوى ومكسرات في صنعاء في إطار الاستعداد لعيد الفطر (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات لعودة العملية السياسية وتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن

يمنيون يشترون حلوى ومكسرات في صنعاء في إطار الاستعداد لعيد الفطر (أ.ف.ب)
يمنيون يشترون حلوى ومكسرات في صنعاء في إطار الاستعداد لعيد الفطر (أ.ف.ب)

في ظل أنباء عن قرب استعادة القوات الشرعية اليمنية مدعومة من التحالف مدينة الحديدة ومينائها «بصورة وشيكة» من جماعة الحوثي المدعومة من إيران، كشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن «مفاوضات مكثفة» تجرى حالياً من أجل العودة إلى الحوار والعملية السياسية بقيادة المبعوث الدولي مارتن غريفيث، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى تخفيف المعاناة الإنسانية لملايين اليمنيين، بحسب الدعوة التي أطلقها أيضاً وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وقال بومبيو إن الولايات المتحدة «تتابع عن كثب التطورات» في الحديدة، مضيفاً أنه تحدث مع الزعماء الإماراتيين وأوضح «رغبتنا في معالجة مخاوفهم الأمنية مع الحفاظ على التدفق الحر للمساعدات الإنسانية والواردات التجارية المنقذة للحياة». وتوقع من كل الأطراف أن «تفي بالتزاماتها بالعمل مع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن بغية دعم العملية السياسية لحل هذا النزاع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني ووضع خريطة لمستقبل سياسي مستقر لليمن».
إلى ذلك، قال غوتيريش إن «هناك، في الوقت الراهن، مفاوضات مكثفة»، موضحاً أن غريفيث «يقوم برحلات مكوكية بين صنعاء والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أملاً في أن تكون هناك طريقة لتجنب المواجهة العسكرية في الحديدة». وأضاف أن «هناك هدنة (...) وآمل في أن يكون من الممكن تجنب معركة الحديدة».
وبطلب من بريطانيا، أجرى أعضاء مجلس الأمن هذه المشاورات في شأن اليمن أمس، مركزين على «إمكانية وقوع هجوم وشيك» على مدينة الحديدة، وفقاً لما قاله أحد الدبلوماسيين لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أنه جرى الاستماع إلى إفادة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من عمان، بالإضافة إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك. وقال لوكوك للصحافيين عند خروجه من الجلسة إن «المناقشات في مجلس الأمن ركزت على كيفية تجنب معركة الحديدة»، مضيفاً أنه وغريفيث «شرحا أهمية هذا الأمر للعمليات الإنسانية». وأوضح أن «هناك العشرات من موظفي الأمم المتحدة لا يزالون في الحديدة. ونحن نعمل مع عدد كبير من المنظمات اليمنية والأفراد من أجل الوصول إلى نحو سبعة ملايين شخص كل شهر». وكشف أنه طلب ثلاثة أمور من المجلس، الأول أن من أجل «ضمان العمل مع كل الأطراف من أجل إبقاء ميناءي الحديدة وصليف مفتوحين ويعملان من دون انقطاع، لكي نتمكن من مواصلة إيصال المعونة الإنسانية، وبالتالي في أن يمارس المجلس تأثيره على الجميع ليس فقط من أجل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية بل أيضاً من أجل نقلها من الميناء إلى الوجهة النهائية للمحتاجين إليها». كذلك أن يضغط المجلس ثانياً على كل الأطراف من أجل «الوفاء بواجباتهم فيما يتعلق بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة من أجل التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية». وأضاف أنه طلب مساعدة المجلس «ليس فقط في دعم جهود غريفيث لتجنب معركة الحديدة بل أيضاً من أجل المضي قدماً (...) في العملية السياسية».
ونقل دبلوماسي عن غريفيث أنه «يحض المجلس على إصدار بيان حول الوضع، وتشجيع التحالف على الامتناع عن الهجوم» بعد سلسلة الانتصارات العسكرية التي حققها في المعارك مع جماعة الحوثي. وعبر عن خشيته من أن يؤدي الهجوم على الحديدة إلى تعطيل جهود الوساطة التي يبذلها.
وكان غريفيث زار صنعاء الأسبوع الماضي حيث بحث مع عدد من زعماء الحوثي موضوع العودة إلى المفاوضات، وسبل تجنب الهجوم على الحديدة.
وفي إحاطته داخل الجلسة، نبه لوكوك إلى أن الهجوم على المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 600 ألف نسمة يمكن أن يؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين. وأكد أن الحديدة هي «نقطة الدخول الوحيدة الأكثر أهمية للغذاء والموارد الأساسية اللازمة لمنع المجاعة وتكرار وباء الكوليرا». وكرر تحذيرات الأمم المتحدة من أن «مثل هذا الهجوم يمكن أن يؤدي إلى إغلاق الميناء أو تدميره لفترة طويلة، مما قد يجعل الأزمة الإنسانية الكبرى في العالم أسوأ بالفعل».
وقال دبلوماسي إن بعض الأعضاء «تحدث عن الحديدة باعتبارها الميناء الأكبر في اليمن، والذي يجري عبره استيراد غالبية الإمدادات التجارية والإنسانية»، مضيفاً أنه «حتى قبل الحرب، كان اليمن يستورد من خلال هذا الميناء 90 في المائة من حاجاته الغذائية الأساسية وتقريباً كل الأدوية والوقود». واعتبر أنه «لا طرق بديلة، سواء من خلال عدن أو غيرها من الموانئ أو المعابر البرية يمكن أن تعوض فقدان الوصول عبر الحديدة. وقدر أن أكثر من 22 مليون شخص، أي ثلاثة أرباع سكان اليمن، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينهم 8.4 ملايين يعانون انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير».
ومن المقرر أن يطلع غريفيث أعضاء المجلس في 18 يونيو (حزيران) الجاري على إطار يعده من أجل عودة المفاوضات السياسية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».