كيف حرر لقب المونديال ألمانيا من عار النازية؟

ساهم في بناء الجمهورية الألمانية الجديدة بشهادة المؤرخين

اللاعب هيلموت ران يحرز هدف الفوز لألمانيا في نهائي مونديال 1954 (أسوشيتد برس)
اللاعب هيلموت ران يحرز هدف الفوز لألمانيا في نهائي مونديال 1954 (أسوشيتد برس)
TT

كيف حرر لقب المونديال ألمانيا من عار النازية؟

اللاعب هيلموت ران يحرز هدف الفوز لألمانيا في نهائي مونديال 1954 (أسوشيتد برس)
اللاعب هيلموت ران يحرز هدف الفوز لألمانيا في نهائي مونديال 1954 (أسوشيتد برس)

"عندما أتذكر ما حدث لنا في المباراة النهائية كل صباح لا أتوقف عن البكاء"، حارس المجر عام 1954 غيولا غروتشيتش.
ربما يلخص ما قاله حارس المجر ما حدث في نهائي كأس العالم 1954 الذي أقيم في سويسرا لكن في الحقيقة لم يكن هذا النهائي مثل أي مباراة أخرى في تاريخ البطولة الأبرز عالميا.
يمكن الحديث عن تاريخ ألمانيا والمجر ما قبل الرابع من يوليو/تموز 1954 وما بعده وهو تاريخ المباراة النهائية التي أقيمت في مدينة برن السويسرية.
فألمانيا ما قبل الرابع من يوليو كانت موصومة بعار الحرب العالمية الثانية والنازية وضحايا حول العالم وصلت أعدادهم إلى ملايين، وبعد هزيمتها تم تقسيمها إلى جزئين شرقي تحت الحكم الشيوعي السوفيتي والغربي بقيادة الولايات المتحدة.
كان الألمان يبحثون عن الوحدة بينما على الجانب الآخر كان الحكم الشيوعي في المجر بقيادة ماتياش راكوشي يتباهى بالجيل الكروي الذهبي الوحيد الذي عرفته البلاد.
الوضع قبل البطولة كان يؤكد أن المجر التي لم تخسر في 31 مباراة متتالية ونالت ذهبية الأولمبياد ستكون في نزهة نحو اللقب العالمي الأول وهو ما يعزز قبضة راكوشي السياسية بالقوة الناعمة وهي الرياضة.
والبداية كانت توحي بذلك فالمجر تصدرت مجموعتها بسهولة وانتصرت على ألمانيا الغربية في ذلك الوقت 8-3 قبل أن تقصي البرازيل وأوروغواي وتبلغ النهائي لمواجهة ألمانيا مرة أخرى.
ربما كان سيب هيربرغر مدرب ألمانيا هو الوحيد في ذلك الوقت الذي يؤمن بفرصة منتخب بلاده لكن في حالة واحدة وهي هطول الأمطار.
فقبل المباراة قال لأحد الصحفيين المجريين إنه في حالة هطول الأمطار يوم النهائي فحسابات المباراة ستتغير تماما.

الرابع من يوليو تموز
لأول مرة منذ الحرب العالمية يعزف السلام الوطني الالماني في مناسبة دولية ويقول مراسل صحيفة لوموند الفرنسية بيير فابر "أثناء عزف السلام الوطني الالماني قبل المباراة ووسط الأمطار كنت أشعر باهتزاز الأرض ووحدة الجماهير التي جاءت من ألمانيا".
وبعد بداية طبيعية تقدمت المجر بهدفين في أول تسع دقائق قبل أن تتعادل ألمانيا قبل انتهاء أول 20 دقيقة من البداية.
الأمور بدأت في التحول في صالح الالمان مع هطول الأمطار لعدة أسباب متعلقة بأمور فنية أبرزها عدم قدرة المجر على اللعب بأسلوبها المعتاد والتمرير على أرض الملعب وأن شركة اديداس كانت قد أعطت لاعبي ألمانيا أحذية يمكن تعديلها لتلائم الأرض المبللة.
ويبدو أن لاعبي ألمانيا لم يشعروا بإنجاز الخروج بالتعادل مع المجر 2-2 في الشوط الأول وكانت غرفة المنتخب تعج بالمشادات الكلامية وكلمات العتاب ولم يجد هيربرغر سوى جملة ذكرها كتاب الصحفي المجري بيتر كاتشا الذي عاش في ألمانيا بعد ذلك "الشوط الأول انتهى بالتعادل وأنتم هنا تحاولون الفتك بأنفسكم في الوقت الذي لدينا فيه فرصة كتابة التاريخ والفوز بالبطولة".
وقبل ست دقائق من النهاية خطف هيلموت ران هدف الفوز لألمانيا لتنتزع اللقب ويبدأ النصف الثاني من القصة.

ما بعد الرابع من يوليو تموز
في 2006 أنتجت المانيا فيلما يحمل اسم "معجزة برن" لتخليد ذكرى حصد لقب كأس العالم للمرة الأولى كما أصدر كاتشا كتابا يحمل نفس الاسم.
وقال تيودور هيوس رئيس ألمانيا في 1954 عقب الفوز بالبطولة إن هذا الانتصار أعاد ألمانيا إلى الحياة مرة أخرى والذي كان الأول من أربعة ألقاب حققتها حتى الآن أخرها في الاحتفال بمرور 70 عاما على معجزة برن في البرازيل 2014.
وتدور قصة الفيلم عن ريتشارد لوبانسكي السجين الألماني لمدة سبع سنوات في سيبيريا والعائد إلى عائلته في ألمانيا الغربية والذي يجد صعوبة في التأقلم مع حياته الجديدة.
فزوجته تدير عملا صغيرا بينما اعتنق ابنه الأكبر الفكر الشيوعي وابنته صديقة لجندي بريطاني وهو العدو السابق فيما يلجأ الابن الأصغر لكرة القدم حتى أن الوالد يتراجع عن كرهه للعبة ويذهب مع ابنه لمشاهدة النهائي في برن.
ويلخص المشهد الأخير حالة التحرر بعد هدف ران فالابن الأصغر يصل بمعجزة إلى جانب الملعب ويشاهد ران يحرز هدف الفوز.
وقال يواخيم فيست المؤرخ والصحفي الالماني "الفوز بكأس العالم كان بمثابة تحرير الألمان مما كان يثقل كاهلهم عقب الحرب العالمية الثانية... الرابع من يوليو تموز كان بداية تأسيس الجمهورية الألمانية".
لذا فالأمور سارت في ألمانيا على ما يرام وساعد اللقب على تحريرها على الأقل على المستوى الرياضي لكن على الجانب الآخر كانت الأمور أشد ظلمة.
انقلب تباهي النظام المجري بقيادة راكوشي بالجيل الذهبي إلى نكبة ونزلت الجماهير إلى الشوارع.
اتهمت السلطات الشيوعية غروتشيتش حارس المجر بالتجسس والخيانة وتسببه في الهدف الثالث ووضع قيد الإقامة الجبرية في منزله قبل أن ينتقل على العكس من رغبته من بودابست هونفد إلى تاتابانيا في مدينة بعيدة عن العاصمة.
ومنع مسؤولو البلاد المزايا التي كان يتم منحها إلى لاعبي المنتخب على سبيل المثال تهريب البضائع الغربية إلى داخل المجر.
وقال غروتشيتش "رد الفعل في المجر كان سيئا. مئات الآلاف من الجماهير نزلت إلى الشوارع بعد المباراة. تحت ستار مباراة كرة قدم لكنها كانت احتجاجات ضد النظام السياسي... هذه الاحتجاجات شكلت بحسب اعتقادي الثورة التي حدثت في 1956".
وشكلت الثورة في 1956 التي انطلقت في الأسبوع الأخير من أكتوبر تشرين الأول أول تهديد لسيطرة الاتحاد السوفيتي باوروبا الشرقية في ذلك الوقت في المنطقة بعد التخلص من الحكم النازي الالماني.
وبعد استقرار الأمور قليلا اقتمحت قوات كبيرة من السوفييت المجر في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني وهرب نحو 200 ألف مجري من البلاد كلاجئين.
وأحكم الاتحاد السوفيتي قبضته تماما في بداية العام الجديد وعين حكومة جديدة للبلاد وهو ما يعني أن المجر فشلت رياضيا وسياسيا.
بعد انهيار سور برلين في 1990 دعا الاتحاد الالماني لاعبي المجر المتبقيين على قيد الحياة لحضور عيد ميلاد فريتس فالتر قائد المانيا في كأس العالم 1954 وفي السنوات التالية نظم الفريقان لقاءات سنوية.
وقال غروتشيتش "اعتقد أن الصداقة بين لاعبي المنتخب يمكن اعتبارها الأكثر استثنائية في العالم. لسنوات وعقود كنا نلتقي في ألمانيا والمجر، أعتقد أن هذه الصداقات لم تكن بسبب الرياضة فقط بل أيضا لأسباب انسانية، مرة أخرى أريد أن أؤكد أن هذه الصداقات لا يمكن أن تحدث بين لاعبي المنتخبات الوطنية".


مقالات ذات صلة

مفاجأة... ثوهير يقيل مدرب إندونيسيا والبديل كلويفرت

رياضة عالمية شين تاي-يونغ (رويترز)

مفاجأة... ثوهير يقيل مدرب إندونيسيا والبديل كلويفرت

أقال الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم مدرب منتخب الرجال الكوري الجنوبي شين تاي-يونغ، كما أعلن رئيسه إريك ثوهير، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
رياضة سعودية منتخب السعودية لم يقدم ما يشفع له للاستمرار في البطولة (سعد العنزي)

هل يمكن معالجة جراح الأخضر قبل استئناف تصفيات كأس العالم؟

عندما تلقَّى المنذر العلوي بطاقة حمراء في الدقيقة 34، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يخفق الأخضر في التفوق على 10 لاعبين من عُمان في سعيه لبلوغ النهائي الخليجي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة سعودية حالة من الإحباط عاشها لاعبو الأخضر بعد الخروج الخليجي (تصوير: سعد العنزي)

رينارد يجهز تقرير «الأخضر»... و«اعتزال» العويس مجرد «ردة فعل»

مصادر قالت إن الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يزال يثق بالجهازين الفني والإداري بقيادة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد.

سعد السبيعي (الكويت)
رياضة عربية يونس محمود يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد العراقي سبتمبر المقبل

يونس محمود يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد العراقي سبتمبر المقبل

ينوي يونس محمود الترشح لرئاسة الاتحاد العراقي للمرة الأولى في تاريخه.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
رياضة سعودية جانب من اجتماع سابق للمكتب التنفيذي لكأس الخليج (الشرق الأوسط)

الخميس إعلان استضافة السعودية «خليجي 27» في سبتمبر 2026

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي ستعقد اجتماعاً في الكويت، الخميس، وستُمنح استضافة النسخة المقبلة للسعودية.

سعد السبيعي (الكويت)

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
TT

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)

استعاد باير ليفركوزن حامل اللقب نغمة الانتصارات بفوزه الكاسح على مضيفه هوفنهايم 4 - 1، السبت، ضمن المرحلة الثالثة للدوري الألماني لكرة القدم.

وكان «فيركسليف» تعرّض لخسارته الأولى هذا الموسم على يد لايبزيغ في المرحلة الثانية 2 - 3، وهي الأولى أيضاً في الدوري منذ 463 يوماً، وتحديداً منذ سقوطه أمام بوخوم 0 - 3 في مايو (أيار) 2023.

وسجّل لليفركوزن الفرنسي مارتين تيرييه (17) والنيجيري فيكتور بونيفاس (30 و75) وتيمو فيرتس (71 من ركلة جزاء)، فيما سجّل لهوفنهايم ميرغيم بيريشا (37).

ورفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس، فيما تجمّد رصيد هوفنهايم عند 3 نقاط في المركز الـ12.

وحصد شتوتغارت وصيف البطل الموسم الماضي فوزه الأول هذا الموسم بعد انطلاقة متعثرة بتخطيه مضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ 3 - 1.

وسجّل لشتوتغارت دينيز أونداف (21) والبوسني إرميدين ديميروفيتش (58 و61)، في حين سجّل لمونشنغلادباخ الفرنسي الحسن بليا (27).

واستهل شتوتغارت الموسم بشكل سيئ، فخسر مباراته الأولى أمام فرايبورغ 1 - 3، ثمّ تعادل أمام ماينتس 3 - 3.

وفشل لايبزيغ في تحقيق فوزه الثالث من 3 مباريات بعد أن اكتفى بالتعادل أمام أونيون برلين من دون أهداف.

وكانت الفرصة سانحة أمام لايبزيغ لاعتلاء الصدارة بالعلامة الكاملة، لكنه فشل في هزّ شباك فريق العاصمة.

وفي النتائج الأخرى، فاز فرايبورغ على بوخوم 2 - 1.

ويدين فرايبورغ بفوزه إلى النمساوي تشوكوبويكي أدامو (58 و61)، بعدما كان الهولندي ميرون بوادو منح بوخوم التقدم (45).

ورفع فرايبورغ رصيده إلى 6 نقاط من 3 مباريات، فيما بقي بوخوم من دون أي فوز وأي نقطة في المركز الأخير.

كما تغلب أينتراخت فرانكفورت على مضيفه فولفسبورغ 2 - 1.

وتألق المصري عمر مرموش بتسجيله هدفي الفوز لفرانكفورت (30 و82 من ركلة جزاء)، في حين سجّل ريدل باكو هدف فولفسبورغ الوحيد (76).

ويلتقي بايرن ميونيخ مع مضيفه هولشتاين كيل الصاعد حديثاً في وقت لاحق، حيث يسعى العملاق البافاري إلى مواصلة انطلاقته القوية وتحقيق فوزه الثالث بالعلامة الكاملة.

وتُستكمل المرحلة، الأحد، فيلتقي أوغسبورغ مع ضيفه سانت باولي، فيما يلعب ماينتس مع فيردر بريمن.