حكومة جنوب أفريقيا تتعهد بـ«إصلاح» قضية الأراضي

ملايين المواطنين السود محرومون من التملك

أنصار زوما يتظاهرون خارج المحكمة العليا في دوربان الجمعة (أ.ف.ب)
أنصار زوما يتظاهرون خارج المحكمة العليا في دوربان الجمعة (أ.ف.ب)
TT

حكومة جنوب أفريقيا تتعهد بـ«إصلاح» قضية الأراضي

أنصار زوما يتظاهرون خارج المحكمة العليا في دوربان الجمعة (أ.ف.ب)
أنصار زوما يتظاهرون خارج المحكمة العليا في دوربان الجمعة (أ.ف.ب)

تعهد الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوزا بـ«تسريع» إصلاح الأراضي، من أجل «تصحيح الظلم التاريخي الخطير» الذي فرض على الأكثرية السوداء في عهد نظام الفصل العنصري، في قضية تعد رهاناً أساسياً مع اقتراب الانتخابات العامة في 2019.
وتقول إنديسوا: «أنتظر الحصول على مسكن اجتماعي منذ 21 عاماً». لذلك قامت هذه الأم التي لا تحصل على أي دخل وتشعر بالإحباط، ونحو مائتي عائلة أخرى في الكاب، بالاستيلاء على أراض لإقامة ملاجئ مؤقتة عليها، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ بضعة أشهر، تزداد ظاهرة اجتياح المدن، حيث تتجاوز طاقة قوات الأمن. وقبل سنة من الانتخابات العامة، وعد المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يتولى الحكم بتسريع الإصلاح المتعلق بالأرض لمصلحة الأكثرية السوداء التي انتزعت منها ملكيتها في عهد نظام الفصل العنصري.
ولرد «كرامة» السود، تنوي حكومة جنوب أفريقيا القيام بعمليات استملاك بلا دفع تعويضات. وعلى يسار المؤتمر الوطني الأفريقي، يدعو حزب «المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية» إلى اجتياح الأراضي، ما يؤدي إلى وضع قابل للانفجار. وقالت إنديسوا في كوخها الصغير من دون نوافذ، المبني خلافاً للقانون في ضاحية خايليتشا: «وُلدنا هنا. ليس لدينا أي مكان آخر نذهب إليه»، وأضافت هذه الأم لثلاثة أطفال: «ليس لدينا عمل. ليس لدينا شيء».
ومنذ بداية 2018، تشهد مدينة الكاب اضطرابات اجتماعية. فقد تزايدت المظاهرات بنسبة 73 في المائة، بالمقارنة مع العام الماضي، وتخللتها عمليات كثيرة لاحتلال أراض. ويعمد لواء البلدية الذي يتصدى لعمليات الاجتياح إلى تدمير «البنى غير الشرعية»، واقتلاع أوتاد الترسيم المغروسة في الأراضي المحتلة، وقد انتزع منها 26 ألفاً منذ بداية السنة، في مقابل 15 ألفاً في 2017.
و3 مرات في شهر واحد، دمرت هذه القوة الخاصة منزل إنديسوا (45 عاماً)، وواجه جيرانها المصير نفسه.
وفي كل مرة، أعادت العائلات المطرودة بناء أكواخها في المكان نفسه، بألواح قديمة وصفائح مائلة وألواح بلاستيكية وأقمشة باهتة الألوان.
وبغضب، أكدت إنديسوا: «يقولون لنا إننا لا نستطيع الحصول على أراض، لكنهم لا يبنون مساكن»، وأضافت أن المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يتولى الحكم منذ 1994 «وعدنا بمنازل، لكنها وعود فارغة؛ لا يفعلون سوى ملء جيوبهم».
وبعد ربع قرن على انتهاء نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، شيدت السلطات 4.3 مليون مسكن اجتماعي، لكن الضغط ما زال كبيراً، وما زال ملايين من السود ينتظرون مسكناً لائقاً.
وتعيش 11 مليون عائلة، يشكل السود 95 في المائة منها، في الفقر والعوز اليوم، وهم منسيو النظام الذين باتوا يعبرون عن يأسهم علناً. وفي أبريل (نيسان)، رمى والد يائس طفله من على سطح منزله المبني بطريقة غير قانونية، الذي كانت الشرطة تستعد لإزالته.
وعلى بعد بضعة كيلومترات من منزل إنديسوا، وعلى طول خط الكهرباء للتوتر العالي ومستنقع، يحفر عشرات الأشخاص ويرسمون بأدوات بدائية حدود أراض رملية تملكوها للتو. وقال فيستوس، وهو أسود في الثانية والعشرين من عمره، كان منهمكاً في حرق أغصان صغيرة «إيجاري هو 540 راند (37 يورو) شهرياً. إنه مرتفع جداً بالنسبة لي، فأنا لا أعمل».
وعلى غراره، يواجه أكثر من ثلث الشبان (38.6 في المائة) البطالة في جنوب أفريقيا، القوة الصناعية الأولى في القارة. وقال تيتوس، الذي يبني في ضاحية أخرى من الكاب منزلاً على أرض مهجورة احتلتها عشرات العائلات: «لا أحد يهتم بالملونين».
وأكد تيتوس، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «الحكم يهتم بالأحياء الغنية، مثل حي كونستانتيا»، الذي تسكنه أكثرية من البيض، «علماً بأن ثمة أراضي كثيرة مهجورة يمكن بناء منازل عليها».
وبمرارة، لاحظت مانديسا ديانتيي، من هيئة «تحالف من أجل العدالة الاجتماعية»، أنه «خلال فترة الفصل العنصري، إذا كنت أسود وملوناً، كنت فقيراً وبلا أرض. وبعد 24 سنة، إذا كنت أسود وملوناً، فأنت لا تزال فقيراً، وبلا أرض».
ويعيش «المستملكون» في ظروف اقتصادية أفضل. فبيتر الذي يحدد بشريط وردي موقع متجره المستقبلي، يمتلك شقتين. وأكد رب العائلة: «هذه أرض المدينة، هذه أرضنا، نحن نملكها». وغالباً ما تنتهي عمليات الإبعاد بأعمال عنف مع قوات الأمن. وقد نبّه رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا إلى «أننا لن نسمح باجتياح الأراضي»، وإلا «عمت الفوضى».
وبعد 3 أيام من احتلال منزله، انتهى تيتوس مطروداً على أيدي عناصر من الشرطة مسلحين بمطارق وبنادق. ورد المحتلون المحميون بالمتاريس بإلقاء الحجارة. وقالت مانديسا ديانتيي محذرة إن «عمليات مصادرة الأراضي تشهد ازدياداً، ورد الحكومة عنيف. توافرت كل العوامل لوقوع كارثة».
وتعرب راث هال، الخبيرة في قضايا العقارات في «معهد الأرض» في الكاب، عن تفاؤل، واعتبرت أن «إصلاح الأراضي سيؤثر على الاستقرار السياسي لجنوب أفريقيا، إذا لم يتعاف الاقتصاد»، وخلصت إلى القول: «لكن إذا ما حصل نمو، وتوافرت فرص عمل، فستكون مسألة الأرض أقل إلحاحاً على الأرجح».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.